رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

أبرزها الغش والخداع والكذب والتزوير..الفســاد .. آفــة المجتمعــات

تحقيق ــ حسـنى كمـال
تعددت مظاهر الغش والفساد الإداري، فلم تعد مقصورة علي التجارة واحتكار السلع فقط أو الرشوة، بل تعددت أساليب الفساد في وسائل كثيرة منها تقاعس الموظفين عن القيام بعملهم‏,‏ والتزويغ مبكراً قبل مواعيد العمل الرسمية، أو التوقيع في كشوف الحضور والانصراف ثم الخروج من الباب الخلفي، وتقاضي الرواتب دون تقديم أي عمل يذكر مقابل ذلك‏، دون أن يتحرى الحلال في دخله، ومن هذه الأساليب أيضا استخدام سيارات ومهمات العمل في غير محلها.

ويؤكد علماء الدين أن مظاهر الغش التي نراها في حياتنا اليومية كلها من عظائم الأمور وتمثل ذنبا عظيما عند الله في الدنيا والآخرة، وان شيوع وتعدد أوجه الفساد هو آفة المجتمعات الإسلامية.

فقه الحرام

ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، إن الغش هو تحايل للحصول على المال الحرام، ومن الأحكام المعروفة فى شريعة الإسلام، وفى كل الشرائع الإلهية والقوانين الوضعية، أن الأجر الذى يحصل عليه أى إنسان لابد أن يقابله عمل يؤديه، فإذا أخذ الإنسان أجرا على عمل مطلوب منه أن يؤديه سواء أكان عملا بين الفرد والدولة، أو بين الفرد والفرد، فلابد أن يؤديه كاملا حتى يكون ما أخذه من مال حلالا له، فإذا قصر فى أداء الواجب، وأخذ الأجر كاملا عن العمل الذى كان من المفروض أن يقوم به، فهذا يكون نوعا من الحصول على مال حرام، ويدخل هذا تحت القاعدة العامة، وهي (أكل أموال الناس بالباطل)، ولهذا أمثلة كثيرة فى المجتمع، فكل من يتقاضى أموالا ولا يؤدى ما عليه فدخله حرام ومأكله حرام، وأيضا تفضيله لأى شخص على آخر فى العمل كتعيينه لأقاربه أو معارفه دون حق وحرمان من يستحق هذه الوظيفة، داخل أيضا فى باب (الحرام شرعا)، ويرى أن أحد طرق القضاء على هذه السلبيات، هى الرقابة الصارمة التى لا تسمح بمثل هذه الأمور، وأن يكون الرئيس قدوة للمرءوسين، والقضاء على القوانين العقيمة التى لا تعاقب المقصر فى عمله.

نحتاج ثورة إدارية

من جانبه يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الفساد الإدارى المستشرى فى أجهزة المجتمع فى صوره السيئة منها الانحراف فى السلطة والتعسف فى استخدام الحق، فمن توضيح ذلك، أن كل من ولى فى وظيفة أو منصب عد ذلك من ممتلكاته، يسير الأمور على هواه، ويجد فى اللوائح العقيمة، والقوانين البالية ثغرات فيدير الأمور كيفما يشاء، فينكل بمن يشاء وبمن يسدون النصح، ويغيرون على جودة الأداء، ويقرب إليه المباهين والمنافقين الذين يزينون له الباطل، ويبغضون إليه الحق، وهذا الأمر المشين المسيء المعيب للأسف مستشر بشراسة وضراوة وتبعياته، أولا: إبعاد الأكفاء وأهل الخبرة عن مواقع المسئولية، وإعلاء أهل الثقة العمياء على مصالح البلاد والعباد، وشيوع حالة من الإحباط والاكتئاب عند من يرون التعسف ويتجرعون الظلم، وهذا المرض العضال من أكبر أسباب تراجع الاقتصاد وغياب العدالة الاجتماعية وكلها تهدد الأمن القومى للبلاد، لذلك تحتاج مصر إلى ثورة إدارية تطيح باللوائح التى عفى عليها الزمن، وتزيح الفاسدين والمفسدين، خاصة فى مواقع قيادية مؤثرة على جودة العمل فى جميع المجالات الحيوية لإعادة الانضباط المفقود.

الدور المفقود

وفى سياق متصل، أوضح الدكتور محمود عبده نور، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الله تعالى نهى عن الفساد، فقال تعالي: (ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها)، ومن أنواع الفساد، الغش والوساطة والمحسوبية والمحاباة، فالغش حرمته شريعة الإسلام، ونهى عنه النبي, صلى الله عليه وسلم, فى قوله: (من غشنا فليس منا)، والوساطة والمحاباة من الظواهر السلبية المنتشرة فى المجتمع، وهى تتمثل فى الأعمال والممارسات التى يقوم بها من يستفيدون من مواقعهم أو وظائفهم أو سلطاتهم فى منح الامتيازات لأقاربهم ومعارفهم أو من تربطهم بهم مصلحة على حساب غيرهم من أصحاب الحقوق بغض النظر عن أحقيتهم وقدراتهم ومؤهلاتهم وكفاءاتهم، وأيضا التوقيع فى دفاتر الحضور ثم الانصراف من العمل، واستعمال تليفون العمل وسيارته لأغراض شخصية، كلها ظواهر تقع تحت طائلة الغش، وقد اكتسبت هذه الظواهر سمعة سيئة فى المجتمع، لأن من يسعون لطلب تحقيق مصالحهم على حساب غيرهم، إنما يرتكبون ذنبا عظيما لأنه بهذا العمل يكون سببا فى حرمان من هو أحق بالحق منه، كما أنه يلحق الضرر بالآخرين، وهذا فساد محقق.

ووصف د. نور، الموظف بالجندى فى الميدان، فإذا تقاعس عن عمله، يقع تحت طائلة الخيانة العظمي، ويجب أن يقع تحت طائلة القانون لأنه لا يعطى للعمل حقه، أو لأنه ينصرف لعمل آخر، أو موظف فر من عمله قبل موعده، أو قام بالتوقيع فى كشف الحضور ثم يمضى إلى بيته أو إلى عمل آخر، أو يكلف زميلا له بالتوقيع عنه، وثالث يقدم رشوة نظير التساهل معه والتغطية على أخطائه, وهذه تبذل من نفسها ضحكة ماجنة أو نظرة خائنة لكى تشق لنفسها فى البحر طريقا, كما يقولون، وصحفى يوقع فى دفتر الحضور ثم سرعان ما يغادر اتكالا على زملائه، فيحصد الأموال على حساب وقت وصحة ومال الآخرين، ورئيس العمل المباشر نراه يحابى بعض الموظفين على حساب البعض الآخر، فيسمح لهم بما لا يسمح لغيرهم به من الغياب وكثرة الخروج من العمل والتباطؤ فى إنجاز الأعمال, ومدرس يعمل بنصف ضمير أو بربع ضمير داخل الحصة فى المدرسة، ويتحين الفرص للخروج من المدرسة، وينتحل الأعذار لهروبه من العمل أو لغيابه المتكرر، وكلها ظواهر سيئة فى المجتمع، فالموظف العام لابد أن يكون أمينا على المصلحة العامة فى نطاق اختصاصه، ومسئولا عن أن يبذل قصارى جهده للإسهام فى حسن أداء المرفق الذى يعمل به، والإخلال بواجبات الوظيفة أمر يخل بالشرف والكرامة ويذهب بالمروءة.

أخلاق مذمومة

ووصفها بأنها الأخلاق المذمومة, مثل: (الخداع، والكذب، والتحايل، والغش، والتدليس، والظلم البين للنفس وللغير، والخيانة، والتزوير، وضياع حقوق الناس بالباطل، والطمع، والكسب غير المشروع) كلها صفات مذمومة وسيئة، وقد نهى الله عنها وحذر منها فى آيات كثيرة، فقال تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، فإذا علم الجميع أننا كلنا موقوفون أمام الله ومسئولون ما ارتكب الإنسان هذا الغش فى حياته أبدا، فليعلم الإنسان أن الله رقيب عليه، وكما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وعد نفسك فى الموتى، واتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة).

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق