رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

انفلات .. فى صحافة الإنترنت

تحقيق ــ رانــدا يحيى يوســف
تطورات عديدة ومتتابعة لحقـت بركـب الصحافة الورقية علـى مــّر العصور ، وكـان لهـا أبلـغ الأثــر فى تغيير مضمونهــا وشكلها العام وبالتبعــية طريقة تناولهـا لمجريات الأحـداث ،

وعندما اكتشف العالم الشبكـة العنكبوتية العالمية ، حدثــت ثورة هائلـة فى طـرق نشـر المعلومـات والمعرفـة ، وبـات الأمـر لا يتطـلب أكثـر مـن دقـائـق معـدودات لتصل للمعلومـة من مصـدرها ، الأمـر الذى استوجب ان تتجــه الصحـف الورقية لإنشـاء مواقـع خاصـة بها ، ومـن بعـدهـا ظهـرت المواقـع الإخبارية والبوابـات الإلكترونية والمدونـات النصية ، وكذلك شبكـات التواصـل الاجتماعى كالفيس بوك وتويتر وأخيراً تطبيقات البث الحيّ المباشر مثل سكايب ، وأدى هـذا التوسـع الإلكترونى لإفسـاح المجال للمواطـن العادى للكتابـة والنشر المجانى وقتما يشـاء وكيفمـا يريد ؛ ممـا تسـبب فى ظهـور العديد من التحديات والمشاكـل الأخلاقية التـى تمـس معايير المهنـة مـن جانـب ، والأفـراد والمجتمع مـن جانب آخـر ..

ترى الدكتورة هويدا مصطفى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أنه على الرغم من المميزات العديدة للصحافة الإلكترونية ، إلا أنه يجب التفرقة بين نوعين منها ، أحدهما الصحافة الإلكترونية التى يتولى شئونها صحفيون محترفون ومهنيون ، ويمثلون أحد المطبوعات الورقية الخاضعة لأخلاقيات ميثاق الشرف الصحفى ، وهى تفرض عليهم تقديم محتوى إخبارى جيد ، بالإضافة إلى الالتزام بالمسئوليات والمعايير المهنية والأخلاقية وعدم الإخلال بها ، مع وجود مصادر محددة يستقى منها الصحفى معلوماته ، والنوع الآخر من الصحافة الإلكترونية الذى يفرض وجوده وهو ما يطلق عليه مجازاً « صحافة المواطن « ويرمز إلى الذين ليس لهم علاقة بالمهنة من قريب أو بعيد ، ويقومون ببث أخبار غير موثوق فى صحتها ، لأنهم لا ينتمون للجماعة الصحفية ولا توجد عليهم أدنى مسئولية قانونية لمحاسبتهم على ما ينشر من أخبار أو صور أو أحداث ، وبالتالى تحول المواطن فى أى مكان فى العالم إلى صحفى إخبارى لا يمكن السيطرة عليه، ومن هنا تجدر المطالبة بأهمية وضع تقنين وتشريع صارم لضمان الرقابة وإحكام السيطرة على حالة الانفلات المتعمدة على مواقع التواصل الاجتماعى ، بحيث يجب أن تخضع كافة المواقع لـ»فلتر معلوماتي» قبل السماح بعرضها .

الدقة والموضوعية

وتؤيدها الدكتورة تيسير أبو النصر أستاذ التكنولوجيا بجامعة النيل فى الرأى وترى أن الحرية التى وفرتها شبكة الإنترنت لم ترافقها المسئولية فى كثير من الأحيان ، وغابت عنها الدقة والموضوعية فى أحيان أخرى ، مما يستلزم معه عدم الاعتماد على الوازع الذاتى لضبط وتنظيم ما ينشر على صفحات الإنترنت ، بل أيضا التوجه إلى تقنين حازم ورادع ، وتؤكد أن التطور التكنولوجى يفرض على الصحافة الورقية البحث عن تجديد نفسها وتطوير محتواها ومضمونها بصفة مستمرة ، مضيفًةً ان أهم ما يميز الصحافة الورقية عن غيرها هى الصناعة فيها ومدى دقتها ، حيث لم يعد هناك أى شك من أن عدد المتعاملين مع الصحافة الإلكترونية فى تكاثر ، ولذلك أصبحت تفرض نفسها على المجتمع ولابد من التعامل معها ، وتضيف ان دور الصحافة الإلكترونية مكمل لدور الصحافة التقليدية ، مشيرةً إلى أن القارئ الذى يتقبل الخبر بسرعة فهو يلجأ أيضًا للصحافة المطبوعة لمعرفة مزيد من الأخبار .

بينما تؤكد الدكتورة هويدا مصطفى انه ليس من المعقول الفصل بين الصحافة الورقية والإلكترونية، حيث أن فكرة الفصل بين الصحفى الإلكترونى والورقى خاطئة ، ولا يوجد اعتراف رسمى بالأداء الإلكترونى على الرغم من سرعتها فى نشر الأخبار ، وترى ان الانتشار فى استخدام الشبكة العالمية يلقى بالمسئولية على الصحافة المطبوعة فى تطوير محتواها، وهو ما يصب فى خدمة القارئ، وذلك بالتركيز على الدقة والمصداقية من ناحية؛ والتركيز على الأخبار والتحقيقات والتقارير المحلية من ناحية أخرى ، وهى مجالات يصعب على الإنترنت ووسائل الإعلام التقليدية الأخرى منافسة الصحافة المطبوعة فيها

التأثـيرات الإيجابية

وتقول إن بعض الصحف استطاعت وبفضل إقامة مواقع لها على شبكة الإنترنت أن تحقق زيادة ملموسة فى توزيعها، بالإضافة إلى تحقيق أرباح من خلال وجودها على الشبكة عن طريق بيع المواد الأرشيفية والإعلانات الإلكترونية وتقديم الخدمات التسويقية وغيرها من الخدمات، مؤكدة أنّ هناك دراسات أجريت فى أوروبا خلال السنوات الخمس الأخيرة أشارت إلى أنّ عدد قراء الصحف والمجلات والكتب لم يتغير خلال هذه السنوات،رغم تزايد استخدام الإنترنت

سلوكيات الأفــراد

تشير الدكتورة هويدا إلى تأثير الكم الهائل من المواقع والتطبيقات بأقل التكاليف والذى يتيح لأى كان أن ينشر ما يشاء وقتما يريد، لذا ظهر عدد من التحديات والمشاكل الأخلاقية المتعلقة بسلوكيات الأفراد والمؤسسات على الإنترنت، عدا عن تحديات مهنة الصحافة ذاتها، ففى مقابل ظهور محتوى قيّم ذات مهنية ومصداقية عالية، ظهر المحتوى الرديء الذى لا يعير أدنى اهتمام لمعايير المهنة، الأمر الذى يثير أسئلة حول المسئولية الأخلاقية المنوطة بالصحفيين فى الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية، والذى جعل الجمهور شريكًا أصيلاً فى تحرير محتوى الصحف، فتعليقات الجمهور تثرى التقارير الإخبارية بالنقاشات، وهذا ما يميز الصحافة الإلكترونية عن التقليدية، لكنه يسبب لها مشكلة أيضا ويتطلب جهدًا كبيرًا فى متابعة التعليقات للتقليل من المخاطر القانونية والأخلاقية التى تنشأ بسبب بعض التعليقات المسيئة إلى الذوق العام والسلامة العامة، والشائعات التى لا تستند إلى دليل. من ناحية اخرى ترى الدكتورة تيسير ان الصحف الإلكترونية تعج بغير المتخصصين وزادت أعباء الصحفى وتشابكت مهامه، فصار يعرف شيئا عن كل شيء دون أن يتخصص فى جانب واحد ويتقنه، وان المواقع الإلكترونية توظف عددا قليلا من الموظفين ليقوموا بالعمل تحت ضغط كبير لإنجاز مهام ومسئوليات متعددة، ومقارنة بعمل الصحفى فى الصحيفة الورقية، لا يقوم فى الإلكترونية بمهام محددة متخصصة، ولكنه يقوم بعدد من المهام المتداخلة ، فهو يعدّ التقرير ويجهّز التطبيقات المستخدمة فى الموقع، ويتابع تعليقات الجمهور، ويجمع قاعدة من البيانات خاصة بالجمهور المستخدم ، وهو معنيٌّ بإثراء المحتوى بالوصلات الخارجية ، والتأكد من عدم إحتواء هذه الوصلات على موادّ تسيء إلى الموقع والجمهور المستخدم، إضافة إلى جلب الإعلانات للصحيفة وأحيانا تصميمها وكتابتها، فيؤدى هذا الضغط الكبير فى المهام وغياب التخصص إلى الوقوع فى الأخطاء التى تتعلق بالدقة والموضوعية .

الأخبار العاجلة

وتؤكد الدكتورة تيسير على أن المصداقية والدقة والتوازن من أساسيات العمل الصحفى التى تتعارض بدورها مع السرعة الملازمة للصحافة الإلكترونية، حيث تعد الأخبار العاجلة مفتاحًا للنجاح فى الصحافة، وإلى حدٍّ ما تتقبل بعض الأخطاء فيها بحيث تُعدَّل فور ملاحظتها.

من هنا تشير د. هويدا الى ان الجمهور اصبح مطالبا بالتحقق من مصداقية المعلومات التى ترد إليه عبر الإنترنت، وإثقال كاهله بعبء التثبت والتحقق من صحة ما ينشر من أخبار وتقارير مما سبب مشكلة حقيقية ، إذ لا يفترض فى الجمهور أن يقوم بهذه المهمة، فهو يقرأ الصحيفة ليحصل على معلومة دقيقة وصحيحة لا ليتأكد من مدى صحتها ودقتها .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق