رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قانون «جاستا» .. ابتزاز أمريكى لدول الخليج

رسالة دبى :شريف أحمد شفيق
أثار قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف، باسم قانون «جاستا»، الذى اقره الكونجرس الأمريكى الأسبوع الماضى، جدلا سياسيا واسعا فى المنطقة العربية وخاصة دول الخليج، حيث يجيز القانون لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 مقاضاة كل دولة تورط رعاياها فى عمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة فى المحاكم الأمريكية، ومطالبتها بتعويضات ضخمة فى حال ثبوت تورطها فى هذه الهجمات.

وقد وصفت دول مجلس التعاون الخليجى القانون بـ «الإبتزاز الأمريكى» وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة فضلا عن الإخلال الجسيم بمبادئ العلاقات الدولية وأعرافها وتهديد حقوق الدول فى السيادة الوطنية التى تتمتع بها. وأكدت دول المجلس أن هذا القانون سوف يكون له انعكاسات سلبية على العلاقات بين الدول بما فيها واشنطن إضافة إلى ما قد يحدثه هذا التشريع من أضرار اقتصادية عالمية ضخمة. وتساءل بعض السياسيين عن أهداف صدور هذا التشريع الآن بعد 15عاما من هجمات 11 سبتمبر، هل هو ابتزاز قضائى يسعى إلى الضغط على الدول التى يزعم محامو أسر ضحايا 11 سبتمبر أنها وراء الهجمات الإرهابية لكسب مليارات الدولارات أم هى دعاية للانتخابات الأمريكية القادمة سواء على المستوى الرئاسى أو البرلمانى؟

يرى بعض المحللين السياسيين أن هناك عددا من المحامين داخل الولايات المتحدة استغلوا أسر ضحايا 11 سبتمبر كورقة ضغط على الكونجرس لإقرار القانون، إلا أنه أوقع واشنطن فى حرج شديد بسبب مخالفته قواعد وأعراف القانون الدولي. كما أكد هؤلاء أن هناك، بدون شك، صراعا بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فى الولايات المتحدة، حيث يرغب الكونجرس فى تطبيق القانون، فى حين يرفض البيت الابيض تنفيذه باعتبار أن السياسة الخارجية تعد إحدى اختصاصاته. فقد أعلن المكتب البيضاوى بالفعل أن القانون سوف يقابل بـ « فيتو» من قبل الرئيس باراك أوباما لما سوف سيؤثر على مبدأ الحصانة السيادية التى تحمى الدول من الملاحقات، إلا أن إقرار القانون فى مجلس النواب والشيوخ، الذى تم تمريره بسهولة، يشير إلى احتمال أن يعيد المجلسان التصويت عليه وإلغاء «الفيتو» الرئاسى فى حال موافقة ثلثى أعضاء المجلسين.

ويقول على العامودى كاتب ومحلل سياسى إماراتى إن إقرار الكونجرس لهذا القانون يعتبر إصرارا من بعض القوى السياسية داخل المنظومة الأمريكية تحاول أن تضر بمصالح بلادها الاستراتيجية ومعاداة حلفائها لإرضاء لوبى بعينه، وذلك للبقاء داخل تلك المنظومة التقليدية ضمن الحزبين الرئيسيين فى واشنطن. وأضاف العامودى أن اختيار توقيت إقرار القانون لم يأت مصادفة مع حلول ذكرى 11سبتمبر، مما دفع الرأى العام الخليجى والعربى الى الاعتقاد بأن الهدف ليس أكثر من ابتزاز تستعد له الدوائر السياسية الأمريكية، والمحافظون الجدد خاصة الذين تسببوا فى جر المنطقة إلى ما تعيشه اليوم من « فوضى خلاقة». وأوضح الكاتب الاماراتى أن واشنطن غفلت عن معانات دول الخليج من الإرهاب وتنظيماته مثل القاعدة وداعش وغيرهما. كما أنها أسهمت فى إجتثاث خطر الإرهاب بينما كان غالبية الذين يقفون وراء هذا القانون فى مجلس الشيوخ أو النواب الأمريكيين يغمضون أعينهم عن الارهاب الذى تمارسه إسرائيل والإرهاب المدعوم من إيران فى منطقة الخليج.

وقد أعرب الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولى الاماراتى عن قلق بلاده الشديد من إقرار الكونجرس لهذا القانون، معتبرا أنه يتعارض مع مبدأ السيادة التى تتمتع بها الدول، حيث يمثل خرقا صريحا بكل ما يحمله من انعكاسات سلبية وسوابق خطيرة. وحذر الشيخ عبدالله بن زايد من الآثار السلبية للقانون على كل الدول بما فيها الولايات المتحدة وما قد يحدثه من فوضى فى إطار العلاقات الدولية، مؤكدا أن مثل هذه القوانين ستؤثر سلبيا على الجهود الدولية والتعاون الدولى لمكافحة الإرهاب. ويعتبر كثير من المحللين السياسيين فى منطقة الخليج أن واشنطن بدأت تتبع خلال السنوات الماضية سياسة «الفوضى الخلاقة» وأن هجمات 11 سبتمبر خدمت المصالح الأمريكية فى انتهاج هذه السياسة، حيث قامت باحتلال العراق ومن قبلها أفغانستان ووضعت سياسة جديدة فى دعم الحركات المتطرفة. كما أن قانون العدالة ضد رعاة الاٍرهاب يمثل ورقة ضغط على دول الخليج من ناحية ويسمح للنفوذ الإيرانى بالتمدد من ناحية أخرى. من جانبها، أكدت صحيفة الخليج الاماراتية الرسمية فى افتتاحيتها أن قانون العدالة ضِد رعاة الاٍرهاب ليس إلا أنه محاولة ابتزاز سياسية ومالية مكشوفة ضد دول الخليج، فيما يفتح فى الواقع جروحا كبيرة لا تزال تنزف فى مختلف أنحاء العالم جراء انتهاك سيادة الدول من جانب واشنطن والتى وصفتها الصحيفة بأنها لا يحق لها أن تنصب نفسها قاضيا أمميا فى تحديد شكل العلاقات الدولية والقانون الدولى وتعطى الحق لنفسها فى رفع الحصانة عن سيادة الدول وانتهاك هذه السيادة كما فعلت فى أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وغيرها من الدول التى عانت ويلات حروبها ومخططات ضد الدول المستقلة. ولفتت صحيفة «الخليج» الى ان القانون الأمريكى الجديد هو تعبير فظ عن سياسات أمريكية تستند إلى منطق القوة فى علاقاتها مع دول العالم. وهو من جهة أخرى يفتح الباب أمام الشعوب والدول التى كانت عرضة لغزوات وحروب أمريكية وتم تدميرها وقتل الملايين من أبنائها خارج القانون والشرعية الدولية كى تبادر إلى مقاضاة الولايات المتحدة على جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها ضد هذه الشعوب. بدون شك، أن هجمات 11 سبتمر جاءت لخدمة المشروع الأمريكى الذى عرف باسم مشروع الشرق الأوسط الكبير حيث تم استحداث العديد من القوانين والتشريعات الأمريكية الخاصة بمكافحة الارهاب. ومن الواضح أن تبعيات تلك الهجمات مازالت مستمرة إلى يومنا هذا. ففى ظل احياء الذكرى الـ 15 لهذه الهجمات سعى نواب الكونجرس الأمريكى فى استصدار قانون «جاستا» الذى من المحتمل أن يضع مبدأ جديدا من مبادئ وأسس العلاقات الدولية فى المنطقة خاصة مع دول الخليج، كما أنه يمكن أن يستحدث مفهوما آخر لمبدأ الحصانة والسيادة الدولية المتعارف عليها حاليا مما يرسخ فكرة «الفوضى الخلاقة» فى المنطقة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق