رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قالوا لمحمد سلماوى .. أحاديث وحكايات

نبيل فرج
من بين الكتب الحديثة التى صدرت للكاتب محمد سلماوى بعد أن بلغ السبعين وتخلى عن كل ما يشغله عن الإبداع، هذا الكتاب الذى يحمل عنوان «قالوا لي».

يتألف الكتاب من مجموعة لقاءات صحفية أجراها سلماوى مع عدد كبير من الشخصيات السياسية والأدبية والفنية، على مدى ما يقرب من نصف قرن.

ولا شك أن عمل محمد سلماوى فى «الأهرام» مكنه من لقاء هذه الشخصيات مثل ملك السويد كارل جوستاف الثاني، ورئيس البرتغال السابق ماريو سوارش، وخادم الحرمين عبدالله بن عبدالعزيز، وامبراطورة إيران السابقة فرح ديبا، والعديد من الرؤساء والأمراء والوزراء فى أنحاء العالم.

كما أن مكانة محمد سلماوى فى حياتنا الثقافية التى ختمها برئاسة اتحاد الكتاب المصريين والعرب، أتاحت له أيضا أن يلتقى أعلام الثقافة والجاه فى مصر والخارج.

وسلماوي، فى هذا الكتاب، يتحدث عن نفسه فى معرض حديثه عمن يلتقيهم. خاصة الذين يعدون زملاء القلم، من القبيلة التى ينتمى اليها فى مجال التأليف، أو ممن تتلمذ عليهم فى الجامعة كرشاد رشدى الذى كان سلماوى شديد الارتباط به، وإن مضى فى اتجاه يخالف الاتجاه الشكلى لهذا الأستاذ الذى كان يرى أنه ليس هناك ما يعلو على الجامعة. ومع هذا فعندما كان سلماوى معيدا فى الجامعة، وأراد أن يتركها نهائيا وينتقل إلى عالم الصحافة لم يعترض على اختياره، وتمنى له التوفيق.

وهذا الحديث الضمنى لسلماوى عن ذاته، الذى يبدو عابرا أو استدعاه الكلام الذى يدعو بعضه بعضا، لا غنى عنه لمن يريد أن يتعرف عليه، وعلى توجهاته المعارضة للنظام فى بلاده، وما واجه فى السبعينيات الماضية من متاعب ومكايد السلطة، فى غياب الديمقراطية وحرية التعبير، بسبب معاداته لسياسة السادات، وحكومته ترفع شعار دولة القانون!

وإيمان سلماوى بالديمقراطية وحرية التعبير يرجع الى أن غيابها يهدد كل أبنية الدولة بالضياع، ويرجع أيضا إلى إدراكه أن التيارات السياسية الحقة هى التى تتشكل بالاجماع الوطني.

أما بالنسبة للآداب والفنون فيرى سلماوى أنه على الدولة أن تدعمها وترفع شأنها إن أرادت لها أن يحققا أهدافهما.

ويتعرف القاريء أيضا على الكثير من مواقف واعترافات وحكمة من يكتب عنهم سلماوى خاصة من يتفاعل معهم، ويفتحون قلوبهم، حتى انهم حكوا له عن طه حسين أنه تهكم على الشاعر الكبير عبدالرحمن الشرقاوى حين نصب ما هو فى موضع الرفع، قائلا عن خطأ الأعراب إن الشرقاوى يجدد فى النحو تجديده فى الشعر! ويرفع من قيمة الكتاب أن بعض شخصياته الأجنبية لم يسبق لأحد أن كتب عنها فى اللغة العربية.

ولو أن سلماوى تعمق شيئا فى تناوله لها، وهو بأدواته قادر على هذا التعمق، لقدم للمكتبة كتابا رائعا رغم ما فيه من أحكام مطلقة محل خلاف، مثل قوله إن رشاد رشدى قدم للحقل الثقافى أكبر الأسماء، فإذا كان هذا صحيحا، وليس مغالاة فى الولاء، فماذا نقول عن طه حسين، وأمين الخولي، ومحمد مندور؟!ولكن يجب أيضا التنويه بالكثير من الأفكار والمعانى الصائبة التى وردت فى ا لكتاب، منها تصريح آرثر ميللر أن زوجته النجمة السينمائية الفاتنة مارلين مونرو لم تنتحر بإرادتها الشخصية، وإنما بفعل المجتمع الأمريكى الذى

نظر إليها كجسد فقط، متجاهلا صفاتها الإنسانية.

وقد حاول ميللر أن ينقذ زوجته من هذا الوضع المهين، الذى يحصرها فى الجمال المادي، إلا أنه فشل.

ولا يؤخذ على الكتاب سوى أنه، على رفعة المادة التى ينطوى عليها، واتصالها بروح العصر، لم تتجاوز صفحات كل شخصية من شخصياتها ثلاث صفحات. وهذه الصفحات الثلاث لا تكفى بالطبع لمن كان فى مقامهم، فى قمة السلطة الحاكمة، أو من الحائزين على جائزة نوبل الذين يستحقون أن تصنف عنهم الكتب الكاملة كجابرييل جارسيا مركيز، والآن روب جرييه، وأورهان باموك ونادين جوردمير وغيرهم.

وما يقال عن هؤلاء الكتاب العالميين يقال مثله عن لقاء سلماوى مع توفيق الحكيم والفريد فرج ويوسف شاهين وإدوارد سعيد وسميح القاسم وغيرهم.

غير أن سلماوى كان محكوما ككل كتابة صحفية، بالمساحة المحدودة التى نشرت فيها فى مجلة «أكتوبر»، فلم يستطع أن يسهب كما ينبغي، أو أن يتطرق إلى الموضوعات والإشكاليات العديدة التى تثيرها الأقوال المطروحة.

ولأن مثل هذه الكتابة غير المتريثة ليست من الأدب ولا من ا لنقد، فلعل سلماوي، بعد أن تخفف من أعبائه، وأصبح مالكا لنفسه ووقته، أن يستعيد شغفه بالكتابة الفنية والنقدية، التى عرف بها فى حياتنا الثقافية، ويقدم من الانتاج ما يكون فى مستوى اسمه.

الكتاب: قالوا لي

المؤلف: محمد سلماوي

الناشر: دار المعارف 2014

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق