“بلاها شبكة”.. “جواز بلا ذهب”.. “عايزة أتجوز”.. كلها عبارات لحملات ظهرت فى الشارع المصرى وازدادت ترويجا وتفاعلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعى فى ظل ارتفاع أسعار الذهب وتعثر الشباب فى تقديم ما يعرف بـ”الشبكة”
التى احتلت مكانة كبيرة فى المجتمع المصري. ولاقت الفكرة رواجا كبيرا داخل الأسر المصرية كما لقيت هذه المبادرات ترحيبا من علماء الدين خاصة فى أيام العيد التى تعد مناسبة سنوية تكثر فيها مبادرات الخطبة والزواج.
ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط السابق: من الحقوق المالية المترتبة على الزواج وهى من حقوق الزوجة على زوجها حق المهر وهذا الحق ثابت لقوله تعالى (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)، والمهر فى الإسلام حق للمرأة لا يجوز لزوجها ولا لأبويها ولا لغيرهم اخذ شيء منه إلا بطيب نفس، وعلى هذا فإذا أعطت من مالها حياء أو خوفا أو خديعة فلا يحل أخذه لقوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْج مَكَانَ زَوْج وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً). ولكن هناك تنبيهات هامة فى هذا الموضوع أولا: لا حد فى الإسلام لكثرة المهر لما ورد عن عمر رضى الله عنه انه نهى وهو على المنبر أن يزاد فى الصداق على أربعمائة درهم وكان هذا من الفضة ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت له (أما سمعت الله تعالى يقول وآتيتم إحداهن قنطارا ) فقال: اللهم عفوا كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر وقال: إنى كنت قد نهيتكم ان يزيد صداقهن على 400 درهم فمن شاء ان يعطى من ماله ما أحب أو طابت نفسه فليفعل) وهو حديث ثابت علما بأن الدرهم من الفضة يساوى 3 جرامات ونصف.
والسنة فى الزواج تخفيف المهور وقال المحققون من أهل العلم يسن تخفيف الصداق اى عدم المغالاة فى المهور.
ثانيا: الحكمة هنا فى منع المغالاة فى المهور هى تيسير الزواج للشباب حتى لا ينصرفوا عن الزواج وبذلك تقع المفاسد الخلقية والاجتماعية المتعددة.
من جانبه يرى الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، ان العقلاء فى المجتمع المصرى بدأوا يفكرون جديا فى تذليل العقوبات أمام الزواج فما يدفع فى الشبكة يمكن ان يؤسس به منزل الزوجية وعليه ظهرت مبادرة بعض القرى فى صعيد مصر فى حملة سميت (زواج بلا ذهب) واتفق أهل القرية على الا يطلبوا من الزوج شبكة ذهبية تيسيرا للزواج وتسهيلا لتجهيز مسكن الزوجية، ولكن نقول فى هذا المقام إن المسألة ليست على سبيل الإلزام أو الإجبار فمن يملك الإمكانيات ويقدم الشبكة الذهبية فعليه ان يلتزم بما اتفقوا عليه وفى حال التراضى فإن هذا أمر مقبول ولا يؤثر على صحة العقد ولا يحدث أى خلل فيه لان الشبكة مسألة رمزيه لا علاقة لها ببنيان العقد. وأضاف: إن الإسلام لم يمانع فى تقديم ما يكرم المرأة فورد فى الأحاديث النبوية الشريفة ما يعبر عن ذلك مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأله وليس لديه مال ماذا يقدم للمرأة فقال له (التمس ولو خاتما من حديد)، ولذلك فإن الشبكة لم تكن معروفة فى صدر الإسلام ولم تكن لها الجوهرية التى لها فى أيامنا هذه وقد احتلت الشبكة مكانة خاصة فى البيئة المصرية حتى ان بعض فقهاء الشافعية قالوا ان الشبكة تعد جزءا من المهر لما لها من قيمة مالية كبيرة تكلف الزوج وكذلك رتبوا على ذلك انه ما دامت جزءا من المهر فإذا قدمت أثناء الخطوبة وفسخت الخطبة وجب على المرأة أن ترد الشبكة للرجل الذى خطبها لأنها لا تسمى مهرا عندئذ ما دام لم يتم عقد ولم يحصل دخول، أما إذا قبضت المرأة الشبكة وعقد عليها زوجها ودخل بها فتكون ملكها تتصرف فيها كيفما تشاء ولا يحق للزوج استردادها إذا طلق المرأة.
الدعوة إلى التيسير
وفى سياق متصل يقول الشيخ عبد الناصر بليح، وكيل وزارة الأوقاف، عندما ننظر إلى شرع الله عز وجل وسنة رسوله نرى أنه دعا إلى التيسير والتخفيف وكره المغالاة التى تكلف الرجل ما لا يطيق ولا يملك؛ وفى ذلك يقول رسول الله “خير النكاح أيسره”، وعن عائشة رضى الله عنها عن النبى قال “من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها”.
رابط دائم: