رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

اللوحة الأبدية

أنا شاب عمرى ثلاثون عاما‏,‏ نشأت فى أسرة بسيطة لأب يعمل سباكا‏, وأم تقضى معظم وقتها منكبة على ماكينة الخياطة طلبا لمبلغ يسهم فى نفقات الأسرة‏,‏ وثلاث أخوات وأخ واحد يصغرنى بعدة سنوات، وكنت أراقب والدى وهو يعمل فى المرات القليلة التى اصطحبته فيها‏,‏ وبعد حصولى على دبلوم المدارس الصناعية عملت فى المجال نفسه‏,‏ وتعرفت على فتاة احببتها واقتربت منها كثيرا‏,‏

ووجدت فيها كل الصفات التى يحلم بها كل شاب فى مثل سني, فلقد جذبتنى برقتها وحنانها ووجهها الملائكى, وعرفت أنها حاصلة على مؤهل متوسط مثلى، وتقدمت لخطبتها وشرحت لأهلها ظروفى, وبدأنا مشوار الإعداد للزواج، ومرت الأيام، وصحوت من نومى ذات يوم على خبر مفزع بأنها تعرضت لحريق نشب فى منزل أسرتها وأن إصابتها بالغة فسارعت الى المستشفى ودخلت عليها فإذا بى اراها وقد تفحم معظم اجزاء جسمها, فأخذت أصرخ بأعلى صوتى نادبا حظنا العاثر, واسودت الدنيا فى وجهى وأنا الذى لم يعرف اليأس اليه طريقا من قبل، وعدت إلى بيتنا منهارا, ولم يمر أسبوع واحد حتى لقيت فتاتى وجه ربها وصعدت روحها الطاهرة إلى بارئها آمنة مطمئنة وتركتنى وحدى ألاطم طواحين الهواء، ووجدتنى صباح كل يوم أتوجه إلى قبرها أناجيها وأبثها همى وحزني, وقد سجلت اسمها بجانب اسمى على لوحة من الرخام وضعتها على قبرها تخليدا لذكراها العطرة، وبمرور الوقت اصبت بحالة نفسية سيئة, وخضعت لعلاج مكثف, ولم تمر أسابيع أخرى حتى مات أبى, ونقلنى أخوتى إلى مستشفى للصحة النفسية وأصبت بنوبات صرع تفقدنى الوعى تماما, وتتكرر مرتين فى اليوم, ومازلت أخضع للعلاج، وأريد أن أعيش حياة طبيعية مثل كل الشباب, لكنى لا أستطيع ذلك بعد أن فارقتنى محبوبتى إلى الأبد ومازالت صورتها ماثلة فى خيالى، ولا أتصور أننى من الممكن أن أرتبط بأخرى، فبماذا تنصحنى؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

لقد أخطأت كثيرا حين تركت نفسك للأحزان فسيطرت عليك وأوصلتك إلى الحالة التى أنت فيها.. صحيح أنه يصعب على الإنسان أن يفقد عزيزا له, إلا أن الأمر فى النهاية قضاء وقدر، ولكل منا ساعة سوف يرحل فيها عن الدنيا, وقد أخفاها الله عنا لكى يعيش الإنسان حياته بصورة طبيعية, ولا يجلس فى بيته انتظارا للموت، ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة, فحين مات ابنه إبراهيم قال قولته الشهيرة «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن, وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون»، وعاد بعد دفنه وواصل حياته حتى اللحظة التى لقى فيها وجه ربه الكريم.
لقد كانت نتيجة استغراقك فى الأحزان أنك ظللت تتردد على قبر فتاتك يوميا، وسجلت اسميكما على لوحة من الرخام، وهذا ليس من الدين فى شيء، وكان الأولى بك أن تحفظ ذكراها بمواصلتك العمل والنجاح فى الحياة.
وعلى أى حال، فإننى أتوجه إلى الأطباء المختصين فى الأمراض العصبية والنفسية راجيا فحص حالتك وإرشادك إلى العلاج المناسب، وليدبر الله أمرا كان مفعولا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    ^^HR
    2016/09/09 06:45
    0-
    5+

    النصيحة أن ترضى بالقضاء والقدر وهو احد اركان الايمان
    النصيحة الا تعاند القدر فتخسر بنقصان ايمانك
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق