رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رغم السجن وغرامات تبدأ من 5 آلاف إلى 100 ألف جنيه
حرق «قش الأرز» سحابة كل صيف

تحقيق ــ إبراهيم العشماوى
في مثل هذا الوقت من كل عام يغطي السواد والعتمة سماء مصر بفعل فاعل وبجرم لا علاج له حتى الآن .. موسم حصاد الأرز - وهو المفترض أن يكون موسم خير ونماء وبركة - كان ينشد له الأجداد الأهازيج والأغاني ويقيمون الصلوات ويطلقون دعوات الشكر ، يتحول الى موسم «بلاء» على البيئة والمجتمع بسبب ظاهرة حرق قش الأرز على المكشوف في الحقول.

المزارعون : الجمعيات لا تلبى حاجتنا السريعة لنقله .. وننتظر أياما حتى يأتى المكبس

 

ولم تفلح كل المحاولات ولا حتى الخطط والبرامج والتوعية في اثناء الفلاحين عن التخلص السريع من القش بحرقه حتى يتمكنوا من زراعة الأرض بالبرسيم أو محاصيل أخرى ، ولعدم حاجتهم الى قش الأرز في وقود الطهي ، كما كان في السابق ، فالتلوث بسبب حرق أعواد الأرز أصبح «القشة» التي تقصم ظهر البيئة وتضر بصحة المصريين بدلا من الاستفادة منها في صناعات مفيدة وأغراض نافعة .

في محافظة الدقهلية حيث يتم زراعة ربع مساحة الأرز في مصر تقريبا على حوالي 414 ألف فدان بالمخالفة للدورة الزراعية بحوالي 100 ألف فدان على الأقل ، تبدو الظاهرة مقلقة واستدعت استنفار كل أجهزة الدولة والحكومة سواء البيئة أو الزراعة أو الصحة أو الوحدات المحلية ، في محاولة حثيثة للحد من استفحال الظاهرة قبيل الوصول الى ذروة موسم الحصاد خلال الأسبوعين القادمين . لكن في المقابل فان حرق قش الأرز له مبرراته من وجهة نظر الفلاحين والمزارعين ، حيث يؤكد عبد العظيم أبو دومة من دكرنس أن الجمعيات الزراعية لا تلبي حاجتنا السريعة الى نقل قش الأرز ، فعليك أن تقدم طلبا وتنتظر عدة أيام حتى يأتي المكبس ، ونحن نريد زراعة الأرض بسرعة حتى لا نتأخر ، وبـ»عود كبريت» نتخلص من القش ونزرع البرسيم .. لكن سعد عبد الرزاق من السنبلاوين يقول إنه يستخدم ماكينة تحويل قش الأرز الى «بالات» للاستفادة منها بتدويرها مرة أخرى، سواء بالبيع أو تصنيع الأعلاف .

نقص المعدات

أما نسيم البلاسي نقيب الفلاحين بمحافظة الدقهلية فيفسر ظاهرة حرق قش الأرز بنقص المعدات والامكانيات ، والتي لا تغطي في رأيه 10 % من المساحة المزروعة ، مطالبا بتدخل الصندوق الاجتماعي للتنمية وجهات الاقراض الأخرى بدعم الشباب لانشاء شركات تجمع قش الأرز وتصنعه وتوفر فرص العمل لهم . ويؤكد أن التوعية الاعلامية ضعيفة فمحافظة مثل الدقهلية 40% من سكانها مزارعون بحاجة الى جهد كبير لتوعيتهم ، كما أن اقناع الفلاح بزراعة محاصيل أخرى ذات عائد مثل الذرة سيقلل كثيرا من مشكلة السحابة السوداء للأرز .

وعلى صعيد الجهات التنفيذية في الدقهلية تم تشكيل لجان من الادارات الزراعية والجمعيات الزراعية التابعة لها ، وذلك لمراقبة الوضع الميداني لجميع مناطق وزراعات الأرز على مدار الساعة لمتابعة المساحات التي يتم حصادها أول بأول للتأكد من عدم حرق قش الأرز.

ويوضح المهندس أحمد حسن طلبة مدير الادارة الزراعية بدكرنس أن عدد مواقع تجميع قش الأرز زادت هذا العام بنطاق المركز الى 17 موقعًا بزيادة الضِعف على العام الماضي بحيث تغطى كل نواحي الادارة، مؤكدا أنه لا يوجد مبرر للمزارع لحرق قش الأرز حيث أمامه العديد من الحلول والخيارات.

وقال انه على المزارع اما أن ينتفع هو بالقش الناتج من حصاد حقله بتغذية ماشيته عليها من خلال التنسيق مع جهاز الارشاد بالادارة الزراعية بدكرنس في عمل كومات سمادية أو عمل علف ورفع قيمته الغذائية أو يقوم بتسليمه للمزارعين الذين يقومون بتجميع القش بالتنسيق مع الجمعية الزراعية وتسليمه للشركات المتعاقدة مع البيئة .

الأرز المخالف

وفي نفس السياق يؤكد الدكتور هشام ربيع رئيس الادارة المركزية لاقليم شرق الدلتا بوزارة البيئة أن الوضع هذا العام يعتبر أفضل من السابق من خلال مؤشرات المخالفات المرصودة والتي لم تتجاوز حتى الآن 40 محضرا فقط ، لكنه اعترف بتحديات كبيرة هذه السنة تتمثل في زراعة مساحة كبيرة من الأرز بالمخالفة مما يعيق جهود الدولة والوزارة في التخلص الآمن من قش الأرز والاستفادة منه رغم مضاعفة عدد الآليات هذا العام .

ويضيف ربيع : لدينا في الدقهلية 187 موقعا في المراكز والقرى لتجميع قش الأرز ، ونحاول اقناع الفلاح بأن القش أصبح سلعة ويدر عليه دخلا ، حيث نشتري طن القش بخمسين جنيها ، كما يتم تحويله الى أعلاف ، مشيرا الى أن جهاز حماية البيئة بدأ من شهر يونيو حملات توعية في المساجد والكنائس والنوادي والجمعيات الزراعية للتوعية بمخاطر حرق قش الأرز ، كما تم وضع 13 محورا لمراقبة الأراضي على مدار الليل ، فضلا عن التصوير بالأقمار الصناعية لكشف المخالفات والتعامل معها فورا ، ونقوم بمواجهة الحرق المكشوف للفلاحين بكل حسم من خلال محاور تم تشكيلها خصيصا لهذا الغرض من الباحثين تعاونهم شرطة المسطحات والبيئة . ونطبق عقوبات شديدة للمخالفين تبدأ من 5 آلاف جنيه غرامة حتى 100 ألف جنيه والسجن في حال تكرارها كما يتم متابعة المحاضر حتى يتم استصدار حكم .

ثروة مهدرة

ويؤكد المهندس محمد منسى وكيل وزارة الزراعة بالدقهلية أن قش الأرز ذو فائدة اقتصادية عالية وحرقه يعد اهدارًا للثروة الزراعية، اضافة الى الأضرار الناتجة عنه مثل ضبابية الرؤية وانعدامها على الطرق، واختناق المواطنين فى أغلب مناطق الجمهورية، والتلوث البيئى بالغ الضرر على الصحة العامة، والاصابة بالأمراض الخطيرة خاصة للأطفال وكبار السن والمرضى بأمراض الصدر ، وحساسية الصدر، والتهاب العيون .

ويناشد المزارعين بالاستفادة من قش الأرز وعدم حرقه ، مشيرًا الى أن ارتكاب أية مخالفات بيئية تتسبب فى تلوث الهواء بصفة عامة وحرق المخلفات الزراعية وبصفة خاصة قش الأرز، يعرض المزارع لعقوبات صارمة تشمل الغرامة والحبس .

منظومة متكاملة

ونظرا لأهمية الدقهلية في خارطة زراعة الأرز وتأثيراته البيئية ، تفقد الدكتور خالد فهمي وزير البيئة مع محافظ الدقهلية حسام الدين امام معدات جديدة لكبس قش الأرز بمحطة الميكنة بالسنبلاوين ويصل اجمالي المعدات الى 225 وحدة .

ووجه المحافظ بتشكيل لجنة دائمة للتخلص الآمن من النفايات ، ولجنة لدراسة توزيع المعدات المخصصة لجمع قش الأرز خلال فترة توقفها ، مشيرا الى أنه تمت الموافقة على انشاء مجمعي محارق بأجا وقلابشو بطاقة استيعابية 300 كجم في الدورة الواحدة وبدعم سويسري بقيمة 108 ملايين جنيه .

وكشف عن خطة قومية تم عرضها على مجلس الوزراء لمساعدة الدقهلية في التخلص من القش وتطوير المنظومة بالدعم الفني والمادي ، مشيرا الى أنه لابد من التزام المزارعين بخطة الدولة الزراعية والمحافظة على الموارد العامة وزيادة المتابعة والرقابة ، ولابد من تغيير الثقافة البيئية لدى المواطنين فالوقاية خير من العلاج.

وقال الدكتور خالد فهمي وزير البيئة خلال جولته : نبني منظومة متكاملة للقضاء على ظاهرة حرق قش الأرز وجئنا بالمعدات التي تناسب مساحات الأرض الصغيرة ويبقى العمل ، مؤكدا التصدي للظاهرة بكل قوة وعدم السماح بانتهاك القانون.

وذكر أن زيارته لمحافظة الدقهلية تأتي في اطار المتابعة المستمرة لبدء عمليات موسم حصاد الأرز، لتحقيق الاستفادة الكاملة من تجميع قش الأرز، واعادة تدويره لانتاج الأسمدة والأعلاف للاستفادة منها اقتصاديًا، ولخفض انبعاثات ملوثات الهواء، والتصدي للسحابة السوداء .

وقال أن وزارة البيئة تعمل على تكثيف الجهود العام الحالي لتوفير المعدات الزراعية اللازمة لعمليات جمع وكبس وفرم قش الأرز، والاستفادة منه اقتصاديا بشكل كبير، مشيرًا الى أنه تم بالفعل شراء معدات ومفارم ومكابس جديدة بتكلفة اضافية قدرها 40 مليون جنيه، لخدمة المحافظات المتاخمة للعاصمة وهي الشرقية والدقهلية والبحيرة والقليوبية وكفر الشيخ .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق