فى الوقت الذى تتعثر فيه عروض البيت الفنى للمسرح .. ويؤجل بعضها إلى أجل غير مسمى دون توضيح الأسباب ..وتعد الحصيلة الإجمالية من المسرحيات على أصابع اليد الواحدة تقدم الفرق المستقلة ومسارح الهواة والشركات عروضا جديدة تستحق القاء الضوء عليها .. ومن بين هذه العروض «سيلفى مع بعضينا» إنتاج صندوق العاملين بمؤسسة الأهرام ومن تأليف حمدى نوار وإخراج عصام سعد وهى ثانى تجربة لنفس الثنائى بعد مسرحية «ع المكشوف» التى عادت بها فرقة الأهرام المسرحية بعد طول توقف.
والحقيقة أن فرحتنا بعودة النشاط المسرحى لمؤسستنا العريقة قد جعلنا نغض النظر عن أخطاء التجربة الأولى والمسموح بها عادة مع كل بداية.. ولكن تكرار نفس الأخطاء يجبرنا على ضرورة المصارحة مع النفس وتقييم العمل بموضوعية .. وفى البداية نعترف بإخلاص وحماس جميع المشاركين فى العمل واولهم المخرج الشاب المجتهد عصام سعد .. كما نسجل تقديرنا لطموحه وإصراره على تقديم عمل استعراضى مبهر فى ظل ظروف إنتاجية بالغة الصعوبة .. ولكن رداءة التسجيل الصوتى جعلت الموسيقى أعلى صوتا من كلمات الأغانى ومحت أثرها .. و بالتالى ضيعت جانبا من جوانب النص المكتوب باعتبار أن كلمات الأغانى جزء من نسيج الدراما وليست مجرد حلية فى العمل .. كما أن الإضاءة لا تصلح بالمرة ولا تعين المخرج على تحريك ممثليه فوق خشبة المسرح .. وتجعل بدائل الحركة أمامه محدودة للغاية .. والديكور الذى صممه الدكتور أحمد شوقى شديد الغرابة وضخم بصورة لا تتناسب مع طبيعة خشبة المسرح والعربة مثلا فى مشهد التاكسى مصنوعة من الخشب الثقيل بينما كان يمكن عملها من خامات أخف وأكثر عملية .. كما أن الخلفيات أحادية البعد وليس لها عمق كأنها مجرد رسم حائطى .. ويعتبر تصميم الاستعراضات لماهر مفتاح هو العنصر الوحيد الذى له علاقة بفن المسرح وإن كان تباين القدرات الحركية بين الممثلين وكذلك تباين إحساسهم بالإيقاع الموسيقى قد أهدر جهد المصمم الموهوب مثلما اهدر الملحن باسم عبد العزيز كلمات الأغانى .. ونأتى إلى أهم العناصر وهو النص المكتوب لحمدى نوار والذى يتناول الصراع بين مؤلف و مخرج فى تقديم رؤى فنية وفكرية حيث يتسم المؤلف بالجدية والمثالية على عكس المخرج العابث الذى يميل الى تسطيح المعانى والبحث عن نجاح سريع ..ويتم ذلك من خلال مجموعة لوحات متنوعة تمثل كل منها صورة «سيلفى» لواقعنا السياسى والاجتماعى.. ورغم أن المؤلف نوار يمتلك فكرة جذابة وبسيطة فإنه قد مال إلى الخطابة وكتابة المونولوجات المطولة التى يجريها على لسان المؤلف داخل الرواية وقد يكون عذره الوحيد فى ذلك هو محاولة ملء الوقت ما بين مشاهد تغيير الديكورات ..أما الممثلون فقد قام جلال مرعى بدور المؤلف الملتزم الغاضب من أحوال الناس وأداه بحماس ومعايشة وفقا للنص المكتوب .. بينما لعب محمد مصطفى دور المخرج الفهلوى ببساطة وخفة ظل و تألق من فرقة الأهرام حسام جودة وغادة عيسوى الوجه النسائى الوحيد و محمد شعلان الذى يتسم بحضور كبير ومرونة فى الحركة و اداء الرقصات كما تألقت من ضيوف الفرقة نوال العدل كما شاركت فى العرض نها بدر ونانى من خارج المؤسسة لنقص العنصر النسائى والتجربة بكل ما فيها من اخطاء هى أفضل التجارب الثلاث لفرقة الأهرام .. ونتمنى فى العروض القادمة تلافى كل الأخطاء التقنية وتقديم محتوى ثقافى وفنى يليق باسم الأهرام المؤسسة التى سبقت بعقود طويلة إنشاء وزارتى الثقافة والإعلام.
رابط دائم: