رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الجدة الرائعة

نحن شقيقتان وعينا علي الدنيا بلا أم، وقيل لنا إنها ماتت،

وهي تضع أختي التي تصغرني بعامين‏ ولم يتحمل أبي الحياة بمفرده فغادر بلدتنا إلي مكان لا نعلمه وتزوج واستقل بحياته وتركنا في رعاية جدتنا لأمنا، وهي سيدة بسيطة، ليس لها مورد رزق سوي معاش الضمان الاجتماعي، ولم يكن لها أولاد آخرون، وقد كرست حياتها لنا, وعملت في التجارة البسيطة، ثم افتتحت محلا صغيرا للبقالة، وأسهم معها أهل الخير في تدبير بضاعته, وتدرجنا في التعليم، والتحقنا بالجامعة بإصرار من جدتي، وتخرجنا فيها، وجاءنا شاب من أهل البلدة يريد أن يتزوجني، وكان يعلم ظروفنا جيدا, فلم يطلب منا أي مساهمة في الأثاث، وقال إنه سوف يتكفل بكل شيء, وأنه يكفيه ما أتمتع به من أدب وأخلاق, وأنه يقدر جدتنا العظيمة علي حد تعبيره, لكنها أصرت علي أن تسهم في الزواج بما تستطيع، وبالفعل اشترت لي الأجهزة الكهربائية بالتقسيط, وأسهمت في شراء الأثاث، ولا استطيع أن اصف لك فرحتها يوم زفافي, ووسط الزغاريد شاهدت الدموع تنساب من خديها، وفي نهاية الحفل اخترقت صفوف الحاضرين الذين جاءوا من أنحاء البلدة لمشاركتي فرحتي, وطبعت علي جبيني قبلة العمر.. إنها أمي التي لم أرها، والتي ربتني واحتضنتني أنا وأختي عندما رمانا أبي، وكان الله معها ومعنا فشد من أزرها وأعانها علي تربيتنا، ولما انتقلت إلي عش الزوجية وجدت كل حنان ورعاية من زوجي, وأحسست أن الله سبحانه وتعالي كافأني وعوضني به عن جدتي, وبعد عام أنجبت ولدا جميلا وصارت لي أسرة صغيرة, ثم تزوجت اختي بنفس طريقتي وتكرر السيناريو نفسه معها، ونظرت إلي جدتي فوجدت علامات الرضا والطمأنينة قد بدت علي وجهها البشوش, فلقد أدت رسالتها تجاهنا, وأصبحت لنا أسرتان مستقرتان.

إنني اكتب إليك هذه الكلمات لكي يعرف قراؤك ان هناك من قمن بدور الأمهات لأبناء لم يضعنهن، ولكي اقول لجدتي شكرا لك يا أمي, وكل سنة وأنت طيبة، ونحن مقبلون علي عيد الأضحي المبارك.



ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

من حق جدتك أن تبتسم وترتسم علي وجهها علامات الرضا والسعادة, فلقد أحسنت تربيتكما، وكانت لكما الأب والأم معا، بعد أن ماتت أمكما, وتخلي عنكما أبوكما.. إنها سيدة من طراز خاص ندر وجوده في هذا الزمن الذي طغت فيه الماديات, وأصبح هم معظم الآباء والأمهات بعد الانفصال أو رحيل أحدهما الإنصراف إلي ملذاتهم وأهوائهم.

وإذا كان أبوكما قد تخلي عنكما فإنه سوف يدرك ـ إن عاجلا أو آجلا ـ الخطأ الفادح الذي وقع فيه, فالإنسان كما يدين يدان..هكذا علمتنا تجارب الحياة, لكن الأنانية تقف دائما بالمرصاد أمام هؤلاء الذين يغلب عليهم حب الذات، وعندما يفاجأون بتقلبات الأيام لا ينفعهم الندم!

هنيئا لكما بحياتكما الجديدة وأسرتيكما الصغيرتين، وبجدتك المخلصة الصابرة التي حصدت بعض ماصنعت وهي علي قيد الحياة بزواجكما الناجح, وسوف تحصد المزيد من الخيرات في الدنيا والآخرة بإذن الله.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 2
    محمد
    2016/09/02 07:53
    0-
    3+

    الجدة الرائعة
    السلام عليكم عزيزي لمحرر، أنا صديق لبريد الجمعة منذ ربع قرن تقريبا، و كم أبكتنا أحيانا و أسعدتنا أحيانا أحرى رسائل هذا الباب الرائع، و أسأل الله أن يرحم الأستاذ عبد الوهاب مطاوع و أن يجعلكم خير خلف له. لقد بكيت فرحا عندما قرأت ما قصته كاتبة رسالة "الجدة الرائعة" عن جدتها التي قامت بتربيتها هي و شقيقتها حتى تخرجتا هي و أختها و ذلك بعد أن توفيت أمهما و هي تضع أختها الثانية، ثم تخلى عنهما الأب (سامحه الله)، و قد أتمت الجدة رسالتها بأن قامت بتزويج الفتاتين من شابين صالحين من أبناء القرية، و استقرت أسرتا الفتاتين، و إني أقول لهذه الجدة جزاك الله خيرا أماه على ما قمت به و جعله في ميزان حسناتك و أكثر من أمثالك، و أنا كمصري أعمل بالسعودية على استعداد للمساهمة في دفع أقساط جهاز الفتاتين، كما أني على استعداد لعمل عمرة لهذه الجدة أطال الله عمرها ، و ذلك إكراما لها، و ربنا يبارك في عمرها و يختم حياتها بالخير
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    Ahmed
    2016/09/02 01:40
    0-
    3+

    اتمنى ان الجدة تقبل انى اساعدة باداء عمرة
    اتمنى اتواصل مع الجدة لاداء العمرة في اقرب وقت ان شاء الله
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق