رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

د. بكر عوض عميد أصول الدين الأسبق فى حوار لـ «الأهرام »: فتاوى غير المتخصصين.. جريمة

حوار ــ نادر أبو الفتوح
د. بكر عوض عميد أصول الدين الأسبق
لا يفتى ومالك فى المدينة، ومع ذلك كان الإمام مالك رضى الله عنه، يرد على بعض الفتاوى قائلا: لا أدري، وكان الإمام الشافعى رضى الله عنه يقول: رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب، فلماذا تجرأ الكثير من الناس على الفتوي؟

ولماذا نترك غير المتخصصين يتصدون للفتوي؟ حاولنا فى الحوار التالى مع الدكتور بكر زكى عوض العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إلقاء الضوء على قضية فوضى الفتاوي، وكيف نواجه هذه الظاهرة، التى تثير البلبلة بين الناس؟ وسبل التصدى لغير المتخصصين، وهل نحن بحاجة لقانون يُقصر الفتوى على المتخصصين؟، والشروط التى يجب توافرها فيمن يتصدى للفتوي؟ ودور الفضائيات فى انتشار ظاهرة فوضى الفتاوى، وغيرها من القضايا .. وإلى نص الحوار .

كيف ترى ظاهرة فوضى الفتاوى التى تنشر البلبلة بين الناس؟

كل فتوى تصدر عن غير متخصص فى العلوم الشرعية، ينبغى اعتبارها جنحة يعاقب عليها القانون، مع ضرورة توسيع دائرة المفتين المستنيرين، من خريجى الأزهر على مستوى المراكز والمحافظات، ومؤسسات الإفتاء الرسمية، وأخص بالذكر من يراعى روح الشريعة الإسلامية، والقواعد العامة الواردة فى النص القرآني، مثل قول الله تعالى «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ»، وكذلك قوله تعالى «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَج»، وأيضا قوله عز وجل «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، وكذلك فى ضوء الحديث النبوى الشريف «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا».

وهل البرامج الدينية ساعدت على هذه الفوضى؟

نعم ساعدت على فوضى الفتاوي، بل إنها من وسائل نشر فوضى الفتاوي، والباعث على هذا بالدرجة الأولى هو التربح من خلال المكالمات الهاتفية، وانتظار السائل لدقائق تحسب عليه، ثم الاسترسال فى توجيه أسئلة إليه، وقد تكون الإجابة فى أقل من نصف دقيقة، وإذا كنت أنا شخصيا، أقدر قليلا ممن يظهرون فى هذه البرامج، فإننى أتحفظ على كثيرين منهم ومنهن، فالله لم يعط العلم كله لهذا أو لتلك، حتى يُسأل فى كافة الأحكام الفقهية فيجيب، أو تُسأل فى كثير من الأحكام الفقهية على الهواء مباشرة فتجيب، مع أن بعضهن ليعجزن عن قول الآية من القرآن، كما أن البعض منهم ومنهن، يستشهد بأحاديث ضعيفة وموضوعة، وهو يعلم أن الأحكام الشرعية لا تبنى على ضعيف الحديث أو موضوعه، ولهذا يجب شرعا أن تُعد الأسئلة مسبقا، وأن تكتب الإجابة، وأن تتلى على مسامع المشاهدين، ونستثنى من هؤلاء أشخاصا معدودين، من أهل الصدارة فى هذا الميدان، يعرفهم القاصى والدانى ولا يتجاوز عددهم ثلاثة أو أربعة .

وكيف ترى الخلاف بين العلماء فى الرد على نفس الفتوى فى هذه البرامج؟

اختلاف الإجابة مرده إلى اختلاف المذاهب فى بعض الأحكام الفقهية، دون أن يكون هناك اختلاف فى العقائد، ومن باب حل هذه الإشكالية، ينبغى أن تذكر الآراء المتعددة عند المذاهب الفقهية المعتبرة، دون البحث عن رأى لصحابى أو تابعى أو تابع تابعي، بما يخالف جملة آراء الصحابة والتابعين وتابعيهم، ودون البحث عن رأى لفقيه تابع لمذهب، خالف فيه أئمة المذهب وأعلامه، ولا يتأتى هذا إلا فى حالة الضرورة القصوي، التى سيراق فيها دماء، أو تهدم فيها بيوت، أو تشتعل بسببها حروب، يكون أن نأخذ بضعيف الرأى فى هذه الحالة، مع النص على مخالفة صاحب هذا الرأى للأئمة الأعلام، ليعرف الناس أن القضية فيها عدة آراء منسوبة لأصحابها، ويأخذ صاحب السؤال الإجابة التى تناسب الحالة .

وكيف نواجه هذه الظاهرة؟

بُذلت جهود شتى من أجل مواجهة التسيب فى الفتوي، وصدق أو لا تصدق أن بعض الفنانين والفنانات يصدرون فتاوي، إما فى المسلسلات، وإما فى الحوارات الشخصية بكل جرأة، حيث يحلون ما حرم الله عز وجل، أو يحرمون ما أحل الله سبحانه وتعالي، ولهذا لابد من تصريح رسمى من الأزهر الشريف والأوقاف، بمن يظهر على القنوات الفضائية للرد على الفتاوي، ولابد أن يكون من أهل الاختصاص فى العلوم الشرعية، فضلا عن خبرته وسعة فقهه، وإدراكه لفقه النوازل، وعلمه باختلاف الأمكنة والأزمنة وأحوال الناس، فمثلا من يفتى فى سيناء أو الوادى الجديد بصدقة الفطر من التمر، فهو يدرك الواقع، لأن هذا من طعام أهلها، ويلحق بذلك الشعير والقمح، بينما لا يتأتى الإفتاء بهذا فى القاهرة أو الإسكندرية مثلا .

وهل نحن بحاجة لقانون لتنظيم شئون الفتوي؟

نعم فلماذا أصدرنا قوانين تتعلق بكثير من المهن، دون أن نصدر قانونا يتعلق بشئون الإفتاء، ولماذا نأذن لغير المتخصصين بإصدار فتاوى دون سند، من شرع أو قانون، إن فقهاءنا قد اتفقوا على أن من امتهن مهنة ولم يتخصص فيها، يتحمل تبعة الأثر السلبى المترتب على قوله أو فعله، وأذكر مثلا للتوضيح، كثير من الجماعات الإسلامية، تعتبر غير المنتسب إليها كافرا، وتأمر زوجته، إن كانت من المنتسبات، أن تدعو زوجها للإسلام، والإسلام عندهم أن ينتسب إلى هذه الجماعة ، فإن لم ينتسب فيطلقها الأمير ثم تنتظر العدة، ثم تتزوج أحد أبناء الجماعة، من أين هذا الكلام وما مصدره ؟ وهل حاسبنا فى يوم من الأيام من فعل هذا؟ إن عدم وجود قانون رادع لكل من يتجرأ على الفتوي، هو الذى جعل كثيرين يتصدرون لها، بل إن بعض الرضع فى طلب العلم، ممن لم يبلغوا مرحلة الفطام، ما داموا قد انتسبوا إلى هذه الجماعة أو تلك، ومضى عليهم فترة من الزمن، صار أميرا ومفتيا وله السمع والطاعة، وهو لا يعرف أدب الاستنجاء الشرعى .

وما هى الشروط التى يجب أن تتوافر فيمن يتصدى للفتوي؟

حفظ القرآن الكريم والعلم بأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والعام والخاص، والعلم بمراتب الأحاديث، وما كتب فى علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية، فضلا عن العلم بالمذاهب الفقهية، ولهذا كنا نرى الصحابة يمتنعون عن الفتوى طلبا للسلامة، وكان ابن عمر رضى الله عنهما، لا يجيب على كثير من الأسئلة التى توجه إليه، وكان يقول تريدون أن تجعلوا ظهورنا جسرا فى جهنم، وتقولوا أفتانا بهذا ابن عمر، كما أن الإمام مالك رضى الله عنه، سُئل أكثر من 30 سؤالا فكان يجيب: لا أدري، فقال له السائل ماذا أقول للناس، قال: قل لهم مالك يقول لا أدري، ومن هنا نتعجب من أشخاص، لم نسمعهم ولا مرة واحدة يقولون «لا ندري»، ولذلك أقول إن عندنا كتبا تبلغ حدا فى الكثرة، والأئمة القدماء لم يتركوا هذا الأمر عند التناول، سواء فى كتب السياسة الشرعية، أو مقدمات كتب الأحكام الفقهية، أو القواعد الفقهية، أو النظم الإسلامية، وهى كثيرة للغاية، منها ما كتب فى القرون الأولى للهجرة، ومنها ما كتب فى أيامنا هذا، لمن شاء أن يرجع إليها .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق