غالبا ما كان الشعار الدائم للعلاقة بين المؤسسات الرقابية و المؤسسات الخدمية هو الاتهام المتبادل والهروب من المسئولية و البحث عن مبررات و ليس عن حلول! لكن تجربة جديدة خرجت من رحم العاصمة الثانية الاسكندرية تمثل خروجا حقيقيا من تلك الدائرة المغلقة التى كان ضحيتها المواطن البسيط بإعلان جامعة الاسكندرية ولجنة الصحة بالبرلمان و الكتلة البرلمانية لنواب المحافظة عن لجنة مشتركة لتطوير خدمات المستشفيات الجامعية بالاسكندرية و التى تخدم 2.5 مليون مواطن سنويا و تمثل الملاذ لمحدودى الدخل بحثا عن العلاج و الصحة .
البداية كانت طلب إحاطة تقدم به النائب حسنى حافظ عضو مجلس النواب عن دائرة سيدى جابر و عضو لجنة الصحة بالبرلمان بشأن رفض المستشفيات الجامعية بالاسكندرية استقبال حالة طفل مصاب بحروق وتم نقله الى احد المستشفيات بالقاهرة، بالاضافة الى تردى الخدمة فى تلك المستشفيات و استمرار ازمة قوائم الانتظار للمرضى الراغبين فى عمليات جراحية، كذلك عدم توافر المستلزمات الطبية داخل المستشفيات ولبحث هذه المشكلات انعقدت لجنة الصحة للمناقشة بحضور الدكتور رشدى زهران رئيس جامعة الاسكندرية و الدكتور مجدى حجازى وكيل وزارة الصحة و اكثر من 20 نائبا عن محافظة الاسكندرية من ضمنهم اعضاء اللجنة هيثم الحريرى و الهام المنشاوى و مقدم طلب الاحاطة ليتحول مسار الحديث و النقاش حول المستشفيات الجامعية و التى تتحمل العبء الاكبر حيث انها تستقبل حالات من 4 محافظات هى محافظات غرب الدلتا الاسكندرية و البحيرة و مطروح و كفر الشيخ لينبثق عن اجتماع اللجنة رؤية جديدة بدعوة من جامعة الاسكندرية لنواب المحافظة للقاء لبحث آليات التواصل و العمل على الوصول لحلول عملية لرفع مستوى الخدمة الصحية، واسفرت الجهود عن تشكيل لجنة تضم نائب رئيس الجامعة لخدمة المجتمع بصفته وعميد كلية الطب و رئيس قطاع المستشفيات الجامعية و مدير عام الخدمات الطبية و اعضاء لجنة الصحة عن الاسكندرية لتحديد المشاكل ووضع خارطة طريق للتعاون بين البرلمان بسلطاته التشريعية و الرقابية و الجامعة بدورها الخدمى و التعليمى لرفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة لملايين المواطنين فى المحافظات .
واكد الدكتور رشدى زهران رئيس جامعة الاسكندرية ان التعاون بين الجامعة و البرلمان من خلال تلك اللجنة يمثل بداية حقيقية للخروج من دائرة المبررات و البحث عن آليات حقيقية لتغيير الواقع من اجل خدمة المجتمع و هو الدور الحقيقى لمؤسسة تعليمية عريقة كجامعة الاسكندرية، مشيرا الى ان مستشفيات جامعة الاسكندرية تضم 10 مستشفيات بطاقة 4200 سرير علاجى و تخدم مايقرب من 3 ملايين مواطن مصرى بمختلف الخدمات العلاجية من طوارئ و استقبال خارجي، بالاضافة الى العمليات الجراجية فى مختلف الاقسام الطبية و تمثل طوق النجاة للمواطن البسيط تحمل نقاطا مضيئة بتوفير عمليات زرع الكبد و زرع النخاح و جراحات القلب المفتوح، بالاضافة الى تحمل المستشفيات لأغلب حالات الاطفال المبتسرين والحضانات معترفا بوجود تقصير فى نتيجة الضغط المتزايد من المواطنيين وقلة اعداد التمريض فى المستشفيات مما يسبب قصورا فى الاستقبال والنظافة او الرعاية التى تطمحها الجامعة .
واشار الدكتور رشدى زهران إلى أن وصول المستشفيات الجامعية الحكومية الى مستوى الرعاية الصحية المقدمة فى المستشفيات الخاصة يحتاج الى امكانات متعلقة بالقدرة على جذب أطقم التمريض و التعاقد معها من الخارج والجامعة قادرة على تمويل ذلك ذاتيا و لكن يظل القانون رقم 19 لسنة 2012 و الصادر من وزير المالية و لائحته التنفيذية الصادرة من رئيس الوزراء الذى يحظر التعاقد للمؤسسات الدولة والاجهزة الحكومية مع عمالة موسمية يضع عراقيل لرفع اعداد التمريض والخدمات المساعدة مطالبا اللجنة بوضع تعديل تشريعى خاص بالمستشفيات الجامعية من اجل تقديم خدمة افضل فى ظل احتياج الجامعة الى 1500 ممرض فى القطاعات الطبية المتعلقة بخدمة المواطن وقال إن ضعف الميزانيات المتوافرة لدى المستشفيات الجامعية التى لا تتعدى 450 مليون جنيه سنويا تمثل الاجور و الرواتب 70% من مصروفات الميزانية مما يجعل اعتمادا كبيرا فى ميزانية الجامعة على المنح والتبرعات، وهذا يسبب ازمات لدى المواطن تطلب الادارات الطبية من المرضى شراء المستلزمات الطبية، بالاضافة لاستحقاقات مالية خاصة بالمستشفيات الجامعية لدى وزارة الصحة متعلقة بقرارت العلاج على نفقة الدولة، والتى تتم داخل المستشفيات الجامعية .
و من جانبه اكد حسنى حافظ عضو لجنة الصحة بالبرلمان ان اللجنة ستسعى للارتقاء بالمنظومة الصحية من خلال مناقشة مطالب المستشفيات الجامعية و ما يستطيع النواب تقديمه عبر التعديلات التشريعية و زيادة الميزانيات من اجل رفع المعاناة عن المواطن، مشيرا الى ان افتتاح مستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال الشهر القادم سيرفع العبء عن المستشفيات الجامعية بالاسكندرية، و سيتيح اداء افضل فى ظل مواجهة مشكلات معقدة متعلقة بالميزانيات.
ودعا النائب عمرو كمال عضو البرلمان إلى ضرورة تنفيذ المحددات الدستورية المتعلقة بموازنة الصحة التى اقرت 3% من الموازنة لصالح الخدمات الصحية من الموازنة القادمة من اجل رفع الخدمات الصحية و شعور المواطن بالامن الاجتماعى و الرعاية المقدمة له من الدولة .
و يبدو ان الاجتماعات المتتالية بين النواب و جامعة الاسكندرية و التى اسفرت عن تشكيل اللجنة لمواجهة القصور قد وضعت يدها على حلول متعلقة بضغط النواب لإجراء تعديلات تشريعية تكون بداية حقيقية للعمل بعيدا عن الاجراءات الروتينية و حلقة وصل حقيقية بين المواطن عبر نوابه فى الدوائر الانتخابية بالاسكندرية و مقدمى الخدمة الطبية فى المستشفيات الجامعية التى تخدم ملايين المواطنين المصريين و تمثل لهم الملاذ من الالم و الفقر .
رابط دائم: