آثرت أن يكون الكتاب جامعاً بين البسط لمعلومات لا غنى للمسلم عنها سواء حاجاً أو معتمراً أو متعلماً، وبين الإيجاز،
شاملاً المناسك والشعائر والأذكار والأدعية والمعالم والمزارات ليكون ملماً بأحكام الركن الخامس من أركان الإسلام دون إطناب ممل فقد ابتعدت عن المقارنات الفقهية وما يسبب حيرة للناس، ولا إيجاز مخل؛ فلابد للمسلم أن يعبد الله ــ عز وجل ــ على علم ، بهذه الكلمات القليلة فى مبناها الكثيرة فى معناها، بدأ الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، مقدمة كتابه «المُيسّر في الحج المعاصر»، الذى صدر حديثا ليكون دليلا ومرشدا ومعينا للحجاج فى أثناء أداء المناسك.
الكتاب هو سفر علمى مبسط موثق لضيوف الرحمن ــ جل جلاله ــ وهو جامع بين الآصالة التراثية والمعاصرة الحاضرة، وخير رفيق في الطريق، وبسط للمتعلم وإيجاز للمتعجل، وعصارة تخصص فقه مقارن وأداء عملى مرات ومرات، وبيان آداب ومناسك وشعائر وأدعية وأذكار ومزارات وفتاوى ومعلومات، ويشتمل على اختيار وترجيح الأيسر في خلافيات فقهية، وهو لا غنى للباحثين عنه وحجاج ومعتمرين للبيت العتيق.
واختار الكاتب البدء بدفع أو رفع الحرج لأنه لا يكون إلا بعد شدة، موضحا أن المتأمل بحق، الناظر بصدق، في أسمى العبادات «الحج والعمرة » لكونهما تجمعان بين العبادات البدنية والمالية معا ، في عصرنا هذا، يجد مع كثرة القاصدين مشقات في مواطن أداء المناسك والشعائر، تذهب بالأرواح أو تسبب الجروح والعاهات وتقضي على الأموال، بالإضافة لما يلحق بسمعة الإسلام داخلياً وعالمياً من إساءات مبعثها الانكفاء على اجتهادات تراثية موروثة في مصنفات فقهية من قرون بائدة معبرة عن أفهام قائليها، وبمرور الأزمان، وغلبة المذهبية والطائفية في المجتمعات المسلمة صارت لها قداسة «النصوص الشرعية» ويفتى بها دون بصر بمآلات الأحكام. ويعتبر الكتاب مساهمة في دفع ورفع الحرج في هذا الباب من العلم يجيء هذا البحث مؤثراً إيراد المجمع عليه والمتفق عليه بمستنده، وذكر الراجح أو المختار في مسائل خلافية، معولاً على قوة دليل وتحقيقه مصلحة ودفعه مفسدة ، مع سرد متتابع للمناسك بدءًا ونهاية مع الأذكار والأدعية الشرعية المنقولة من المصنفات العلمية المعتمدة، واضعاً نصب بصره بالإضافة لما سبق جواهر علمية ذات صلة منها، لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان، ولا ينكر المختلف فيه إنما ينكر المجمع عليه، و إذا ضاق الأمر اتسع، وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله.
وقد شملت مكونات الكتاب مفهوم ومشروعية الحج والعمرة، وتعريف وحكم الحج والعمرة، وبيان الأركان والواجبات والسنن وكذلك مبطلات ومحظورات الإحرام، وبيان فضل وثواب الصلاة فى المسجد الحرام وآدابه وكذلك المسجد النبوى الشريف وآداب زيارة المدينة المنورة والروضة الشريفة، ونبذة عن فضل المسجد الأقصى، مشيرا الى حكم الحج، حيث أجمع المسلمون على أن الحج فرض عين على كل مستطيع مكلف، وأنه أحد أركان الإسلام ، وفرض واجب في العمر مرة واحدة.
كما يشتمل الكتاب على أحكام وفتاوى ومسائل مختلفة تتعلق بالمناسك، منها شروط وجوب وصحة الحج والعمرة، وبيان الأحكام المختصة بحج المرأة وما يتفرع عن ذلك من كيفية ما تفعله المرأة الحائض والنفساء فى الحج والعمرة، وأيضا حكم حج الصبى، وكل هذه الأمور مبينة بالتفصيل شاملة الأدلة من الكتاب والسنة، موضحا انه بالاستقراء في مناسك وشعائر الحج فإن جملة أحكام فقهية ترسى وسائل ومقاصد الأمن فيها، أهمها الأمن في شروط فريضة الحج، وشروط الحج صفات يجب توافرها في الإنسان لكى يكون مطالباً بأداء الحج، مفروضاً عليه، فمن فقد أحد هذه الشروط لا يجب عليه الحج، ولا يكون مطالباً به، وطالب في كل مناسك الحج وشعائر الحج والعمرة والزيارة بالتزام مكارم الأخلاق وخاصة عدم الإيذاء والإضرار وفعل ما فيه تهديد للأمن والأمان وتعريض الأشخاص والمنشآت للأخطار، وفعل ما يجافي الشعائر والمناسك من دعاوى سياسية وما أشبه ذلك.
وقد اعتمد المؤلف على المصادر التراثية المعتمدة وعلى قرارات المجامع الفقهية المعتبرة، وعلى أبحاث فقهية معاصرة، وما يترجح في نظره نتاج خبرات علمية وميدانية مثبتا المراجع والمصادر في مواضعها، مؤكدا فى كتابه دلائل مهمة، منها التفويض لله ــ عز وجل ــ والالتزام بالأداء، والمحافظة على الاقتداء بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك تلمس علل أحكام مناسك وشعائر الحج أولى ، والانشغال بتحقيق العبودية لله ــ عز وجل ــ.
رابط دائم: