رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

جزيرة ليسبوس شاهدة على مآسى اللاجئين

شيماء مأمون
اللاجئين
حين ينظرون بأعينهم إلى الأفق يعتقدون للوهلة الأولى أن قاربا أخر للاجئين في الطريق إليهم , أنهم قاطنو جزيرة ليسبوس ثالث أكبر جزر اليونان والتي باتت ملجأً امناً للاجئين الهاربين من سماوات تحلق فيها الطائرات لتنزع أرواحهم بلا رادع ولا حام.

فتلك الجزيرة التي تبلغ مساحتها نحو ٦٣٠ ميلاً مربعاً وعدد سكانها قرابة 90 ألف نسمة قد لفتت إليها الأنظار في السنوات الأخيرة خاصة بعد الأزمة السورية وانتشار النزاعات والفقر في منطقة الشرق الأوسط لتصبح المحطة الأولى لعبور التائهين في دروب العالم لأوروبا محاولين الوصول إلى ألمانيا كي يبدأوا حياة يائسة جديدة. وجزيرة ليسبوس هي الأقرب إلى تركيا ويمكن رؤية جبالها الرائعة من على بعد مسافة قصيرة. فالسوريون وغيرهم من الفارين من الصراعات التي تواجههم يجازفون بعبور بحر إيجه المحاط بالمخاطر عبر قوارب مطاطية صغيرة يمكن أن تنقلب بهم عند الاصطدام بأي موجة كبيرة, مما حولها إلى مقبرة للالاف من الرجال والنساء والأطفال الذين انتهت رحلتهم بمأساة. وقد عزز سكان الجزيرة ذلك بقولهم إن أسراً بأكملها غرقت بسبب حوادث تحطم القوارب علاوة على عثورهم على جثث متحللة وأخرى تقطعت أوصالها نتيجة الاصطدام بالصخور على الساحل الطويل للجزيرة.

ويخلص التقرير الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن هذه المأساة البشرية ألقت بظلالها على كافة أرجاء الجزيرة بعد أن ذهب إليها فقط في العام الماضي أكثر من ثمانية الآف لاجئ نجوا من المعبر وجرفهم إلى الشاطئ, فباتت شبه خالية من السياح في هذا العام, بعد أن كان أكثر وافديها من الألمان والسويديين وغيرهم من الذين كانوا يتوافدو لرؤية مياهها الساحرة وزيارة المعالم الهندسية الرائعة التي يعود تاريخها للتنمية الصناعية في الجزيرة خلال القرن التاسع عشر مثل معاصر الزيتون والصابون والدباغة. كما يوجد في الجزيرة اثنتا عشرة كنيسة تاريخية تم إدراجها على قائمة الصندوق العالمي للآثار عام ٢٠٠٨, والتي كانت تعد مزارا لآلاف السياح. ولكن للأسف أصبح كثير من السائحين يفضلون قضاء أجازتهم في أماكن أخرى، بدلا من تمضيته في مكان يعكس البؤس البشري مما تسبب في خلو فنادق الجزيرة والحانات بنسبة ٨٠% ليصل الإنخفاض في مجال الأعمال التجارية إلى ذروته. وتأتي أزمة اللاجئين في خضم الأزمة الاقتصادية والسياسية، الطويلة التي تمر بها اليونان والتي يعمل مواطنوها على الخروج منها . وعلى الرغم من أن سكان جزيرة ليسبوس يشعرون بالمرارة إزاء أزمة اللاجئين التي تضيف إلى معاناتهم بشكل كبير واعرابهم عن قلقهم من يزايد أعداد المهاجرين واحتياجاتهم من مأوى وطعام إلا أنهم منذ أن بدأت أزمة اللاجئين ، قاموا بتقسيم أنفسهم لتجمعات كبيرة لإنقاذ الآلاف من السوريين والأفغان وغيرهم من المهاجرين في حال رؤية قواربهم في خطر, ومساعدة الناجين وتسكينهم في منازل صغيرة وتوفير ملابس وألبان للأطفال الرضع لحين مجيء جماعات المساعدات الإنسانية والحكومات الأوروبية. كما تم حفر ٦٤ قبرا في هذه الرقعة من الأراضي للاجئين والمهاجرين الذين غرقوا مما يمثل حالة من السخاء لا نهاية لها, فهم فخورون بما فعلوه ولا يلومون المهاجرين فالعديد من سكان الجزيرة هم أنفسهم أحفاد اللاجئين اليونانيين الذين فروا من تركيا وسط الحرب مع اليونان عام ١٩٢٠ ومع ذلك يمكن القول أن موقف أهالي جزيرة ليسبوس الشجاع تجاه اللاجئين على الرغم من معاناتهم لم يكن متوافقا مع رأي الحكومة اليونانية التي دعت العديد من جزر بحر إيجة لاتخاذ إجراءات طارئة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق