من خلال التأهب الأمنى الشديد، تمكنت أجهزة الأمن الألمانية من الإيقاع بواحد من أخطر عناصر تنظيم داعش، والقادم من سوريا،والمكلف بتنفيذ هجمات إرهابية خطيرة. وقد إعترف خلال الإستجوابات المكثفة التى خضع لها فى سجنه فى ألمانيا، بمعلومات عن ما يجرى داخل التنظيم الإرهابى وعملياته وكيفية تنفيذها، ومنها معلومات كثيرة لم تكن معروفة من قبل.
وإعترف الإرهابى بأن داعش كونت شبكة من مؤيديها فى أنحاء العالم من أشخاص ليس لهم أى سجل إرهابى سابق، لكى يقوموا بتأدية المهام المكلفين بها دون أن يتنبه إليهم أحد، خاصة وأنهم لا ينفذون أى عمل إرهابى بشكل مباشر، بل يساعدون أطرافه والمشاركين فيه من بعيد. هذا الإرهابى الذى يحمل الجنسية الألمانية يدعى هارى سارفو، وهو من أصل أفريقى.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تفاصيل كثيرة عن جلسات التحقيق معه، والتى كشف فيها أن قيادات التنظيم فى سوريا أبلغوه بوجود نشطاء يعملون لصالح التنظيم فى أوروبا، كحلقة وصل غير معروفة بين أشخاص مكلفين بتنفيذ هجمات فى أوروبا، وبين من يقومون بنقل التعليمات لهم، منها على سبيل المثال كيفية صنع الحزام الناسف، وكيف ينسبون الأعمال الإرهابية إلى إسم داعش، حتى يتردد إسم التنظيم الإرهابى بإستمرار فى وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.
كما قام قادة التنظيم بإبلاغ الإرهابى سارفو بأن مئات من المهاجمين الأوروبيين من داعش، عادوا إلى بلادهم فى الإتحاد الأوروبى، لكى ينفذوا العمليات المطلوبة منهم، ومازال المئات منهم موجودين حتى الآن فى تركيا.
وإعتاد تنظيم داعش منذ عام 2014 إعطاء تعليمات محددة للأجانب، الذين ينضمون إلى التنظيم بأن يجعلوا سفرهم إلى تركيا يبدو وكأنهم فى رحلة سياحية إلى جنوب تركيا، وأن يقضوا جزءا من أوقاتهم على شواطىء البحر، ويحجزوا تذاكر الطيران ذهابا وعودة، حتى لا يثيروا الشكوك فى أسباب سفرهم إلى تركيا لو أنهم حجزوا التذاكر ذهابا فقط، وفى تركيا سيكون فى إنتظارهم ممثلون للتنظيم ينقلونهم إلى سوريا. ويكشف سارفو عن أنه فى فترة وجوده فى معسكرات داعش فى سوريا، إختلط بشخصيات من جنسيات مختلفة.
وتعتمد الخطط التى يكلف بها تنظيم داعش أفراده المسافرين، على شن هجمات فى مناطق مختلفة فى العالم، وتساعدهم فرق من «الخدمات السرية» كما يسمونها، حيث يتابع أفرادها فى هذه البلاد هجمات الإرهابيين. وتنقسم أجهزة «الخدمات السرية» إلى تخصصات فى الشئون العربية، مختصة بالهجمات التى تتم داخل الدول العربية، وأخرى فى الشئون الآسيوية، بالإضافة إلى الفرق المتخصصة فى الشئون الأوروبية، وأن التنظيم مهتم بأن ينفذ أعضاءه مجموعة من الهجمات فى وقت واحد، وفى أكثر من بلد كنوع من الدعاية للتنظيم، وكان للتنظيم خطة بتنفيذ هجمات تتزامن مع بعضها فى فرنسا وإنجلترا وألمانيا فى وقت واحد. ولدى التنظيم فرع للعمليات الخارجية، مهمته تصدير الإرهاب إلى دول العالم.
ومن أغرب المعلومات التى وردت فى الإستجواب المطول مع سارفو، أن أى شخص ينضم إلى التنظيم، ويكون لديه ماض إجرامى وصدرت ضده أحكام قضائية سواء بإقتحام متاجر أوسرقة خزائن أو تزوير بطاقات الهوية، فإن هذه المعلومات تعتبر رصيدا لصالحه فى نظر داعش، خاصة إذا كانت لديه علاقات مع عصابات الجريمة المنظمة والتى تساعده على التحرك بسهولة من دولة لأخرى، والإختفاء داخل دول الإتحاد الأوروبى.
وتوضح المعلومات التى كشفت عنها التحقيقات مع سارفو، أن التنظيم لا يعتمد فقط على القتلة ومن يفجرون أنفسهم، بل يعتمد أيضا على شبكة يتعدد فيها الأفراد الذين تختلف مهامهم ويساعدون على إنجاز العمل الإرهابى، وأخطرهم من يتخفون وراء مظاهر يبدون فيها للناس وكأنهم سلميون، بعد أن جرى تدريبهم على التصرف بطريقة تظهرهم بصورة بريئة وبعيدة عن أى شبهة.
هؤلاء بالذات بدأت أجهزة الأمن فى أوروبا تتنبه لهم، ودعت كل الدول التى تعانى مخاطر الإرهاب أن تضع مثل هؤلاء الأشخاص تحت أعينها خاصة وأنهم يتحركون دون أن يتنبه إليهم أحد داخل مجتمعاتهم.
رابط دائم: