أنا فتاة أقترب من الثانية والعشرين من عمرى, وقد تخرجت فى كلية نظرية, وأنتمى لأسرة ميسورة الحال, ولى أربعة أشقاء «ثلاث بنات، وولد واحد»,
وقضيت معظم سنوات دراستى حتى الثانوية العامة فى إحدى دول الخليج التى تمنع الاختلاط بالشباب, ووجدتنى منذ صغرى معزولة تماما عن الاولاد, وكان من المحرم علىّ حتى الحديث مع أى شاب, وأقلمت حياتى على هذا الوضع إلى أن جئت إلى القاهرة, واستمررت على نفس المنهج, وانحصر تعارفى على بعض شباب العائلة من خلال الزيارات العائلية وتقدم أحدهم طالبا يدى من أسرتى فلم توافق عليه بحجة انه غير جاهز, ويطمع فى أن أساعده, وبالتالى لن يكون زوجا مناسبا لى، فامتثلت لرؤيتهم وركزت فى دراستي، ومنذ شهور تعرفت على شاب يعمل فى دهان الحوائط, وأحسست بشئ يجذبنى نحوه، فقاومت هذا الإحساس بضراوة, حتى فوجئت به يستوقفنى ويقول لى إنه يريد أن يتقدم لي، ويسألنى عما إذا كنت سأوافق عليه ام لا, فسكت بما معناه الموافقة, وشيئا فشيئا تعرفت على أسرته فوجدتهم أناسا طيبين لكن فرحتى لم تكتمل إذ عرفت أنه لم يكمل تعليمه, ويكبرنى باثنى عشر عاما, وحاولت ان أتغاضى عن هذه الأسباب التى قد يتذرع بها أهلى لرفضه, وقلت فى نفسى يكفينى أنه صريح معي, وأنه يحبنى وأنا كذلك، وبالفعل ما أن عرضت عليهم موقفى منه, حتى ثاروا فى وجهى ورفضوا مجرد الحديث معهم فى هذا الموضوع.
وقد حدثتنى نفسى أن أتزوجه وأضعهم أمام الأمر الواقع، كما تفعل الكثيرات لكننى لا أريد لأهلى الفضيحة وأخشى من الإقدام على هذه الخطوة التى اتخذتها أخريات وكان الندم مصيرهن, وانى اسألك: هل يمكن ان يحدث هذا التحول الذى يتحدث البعض عنه بالرغم من وجود الحب؟, وكيف أنال رضا أهلى, وأتزوج بمن أحب, وأتفادى الشك والقلق من المستقبل؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
عن أى شك تتحدثين؟..الشك فى الشاب الذى تقدم إليك ولا تتوافر فيه الصفات التى تؤهل زواجك منه للنجاح، أم الشك فى أن التجرية برمتها سوف تنجح ومع ذلك تستمعين للهاجس الوجود بدخلك بأنك سوف تعيشين حياة مستقرة وسعيدة؟، أم الشك فى موقف أهلك منه وبأنهم يتحاملون عليه؟ إن مشكلتك هى نفس مشكلة من تجد نفسها فجأة أمام تيار جارف من العواطف والمشاعر المكبوتة فلا تقوى على التريث والتفكير فى عواقبها إذا انزلقت إليها, ولذلك أراك تسيرين فى اتجاه خاطئ بالاصرار على الزواج من هذا الشاب رغما عن أهلك, بمعنى أنك قد تهربين معه بدعوى الحب وتحت تأثير الكلمات المعسولة, فأسرتك ترى ما لا ترينه، وهى حريصة على مصحلتك, وتدرك من واقع الخبرة بالحياة وتجارب الآخرين أن زواجك منه سوف يفشل مع مرور الأيام، ووقتها سوف تعضين النواجز وتندمين اشد الندم. ولكنه ندم لن يفيدك, وإنما سيكون مصدرا لاجترار الأحزان ربما بقية عمرك.
فابتعدى تماما عن هذا الشاب، فهو غير مناسب لك اجتماعيا وثقافيا، وعليك أن تعطى لنفسك مهلة قبل الموافقة على العريس القادم حتى لاتوافقى عليه بدافع التخلص من أهلك، فالتوافق فى كل الوجوه شرط أساسى للزيجة الناجحة.
رابط دائم: