عند السفر إلى أى بلد أوروبى نفاجأ بالبيئة النظيفة، الشوارع الخالية تماما من الورق أو من أى ذرة قمامة، بل بالعكس تتجمل بأرصفة مملوءة بالزهور التى تسر العين،كل شىء مرتب ونظيف، ترى ما الذى زرع فى الطفل منذ نعومة أظافره مسئولية الحفاظ على نظافة بلده حتى يستمتع بجمالها.
الأم هى محور هذا كله، لأن الطفل إذا تعود على صفات صحيحة جميلة يشب عليها.
السيدة «ع.م» أم لثلاثة أطفال نظرت إلى طفلها الذى يبلغ من العمر ثمانى سنوات والذى كان يحمل كيسا به ورق وبقايا شيكولاتة ولم يجرؤ على أن يرميه فى الشارع وانتظر إلى أن يصل إلى بيته حتى يضعه فى سلة القمامة، قالت أنا زرعت فى طفلى حب النظافة وكيف يستيقظ فى الصباح ويغسل أسنانه ويكون نظيفاً فى ملبسه وأكله ويغسل يده قبل أى طعام وعودته أن يرتب غرفته بنفسه، وأحيانا يساعدنى فى وقت فراغه فى ترتيب البيت وغسل الأوانى وأن يحافظ على ملبسه فى أثناء لعبه بقدر الإمكان وكان هذا منذ خمس سنوات، لذلك أصبح الآن يحافظ على نظافة كل شىء حوله، فصار ينصح اخوته الصغار بما تعلمه منى, لذلك أنصح كل أم بأن تربى فى طفلها منذ صغره كيف يكون نظيفا ويحافظ على البيئة.
«س.م أم» أخرى يجلس طفلها فى المقعد الخلفى للسيارة، يرمى بورق البسكوت والشيكولاتة وعلب العصير فى الشارع بعد أن انتهى من تناول ما بها.. تقول حتى لو علمته كيف يحافظ على نظافة المكان فلابد أن يقع على عاتق المسئولين مساعدتنا فى ذلك فنحن نطلب منهم أن يكون فى كل مكان سلة للقمامة كل 100 متر، فالطفل أو الكبير يحتار أين يرمى القمامة، حتى الأحياء الراقية مملوءة بالقمامة، لذلك أطالب المسئولين بأن تطبق مخالفات على من يلقى قمامة فى الشارع، كما فى الدول الأخرى، ولابد أن توضع ميزانية لنظافة الشوارع، ولو وضعت جزاءات للمخالفين فسوف تصبح شوارع مصر نظيفة جميلة وتزرع أيضا الأشجار الخضراء لتنقى الهواء من التلوث، وأنا على تمام العلم بأن الشوارع المملوءة بالقمامة هى صورة سيئة لمصر أمام الأجانب وهذا يؤثر بالسلب على السياحة.
د. إلهام عبد العزيز رئيس قسم الدراسات البيئية التربوية بمعهد الدراسات البيئية جامعة عين شمس يقول: أتمنى أن ترجع مصر كما كان فى الزمن الجميل مليئة بالخضرة، شوارعها جميلة، نظيفة، بدون قمامة فصورتنا الحقيقية سوف ينقلها أى سائح يزور مصر الى بلاده.. لابد أن نساعد الدولة ونغير من سلوكياتنا فى إلقاء القمامة فى الشارع.
ويضيف: الورق والفضلات والمخلفات التى تلقى فى الشوارع تضر البيئة والطبيعة وبالتالى تضر الصحة لأن الأمراض الخطيرة كلها ناتجة عن التلوث الناشئ عن الإهمال بإلقاء القمامة فى الشارع فى غير أماكنها المخصصة وهذا يقع على عاتق المسئولين والمواطنين معا.
د. عادل مدنى، إخصائى علم النفس، يتحدث عن أثر عدم النظافة وانتشارالقمامة فى الشارع على نفسية الإنسان قائلا: الإنسان إذا شعر بأنه يعيش فى محيط وبيئة غير نظيفة، سوف يصاب بحالة اكتئاب وإحباط، لأن الله سبحانه وتعالى خلق الطبيعة الجميلة قبل أن يلوثها الإنسان بأفكاره وطموحاته وإختراعاته لكى يستمتع بالهواء النظيف والماء الطيب النقى والخضرة التى تمنحه الأوكسيجين الذى يعيش عليه والورود التى تسر عينيه ويسعد نفسيته، حتى إن الزهور هى تعبير عن الحب والرومانسية، أى أن كل شىء خلقه الله من زهور وخضرة يبعث فى النفس الشعور بالحب والجمال، لذلك أطلب من كل أم أن تعلم طفلها الحفاظ على هذا الجمال فيشب عليه، فبالتعود كل شىء يكون سهلا وتلقائيا وطبيعيا ويجب عليها أن تحثه على المشاركة فى نظافة حجرته الصغيرة ونظافة ملابسه ومدرسته والشارع الذى يعيش فيه.
يضيف: النظافة تسعد القلب وتسر العين وتجعل الإنسان يحب الحياة ويحب البيئة المحيطة به فيصبح مقبلاً على الحياة، سعيداً فى أسرته، تصرفاته سوية ويعطى فى العمل باجتهاد ويعطى الحب والحنان لكل من حوله، ودائما يسعده إسعاد الآخرين لأن النفسية سعيدة فيدخل البهجة على المكان الذى يعمل فيه.. على عكس الذى يعيش فى بيئة غير نظيفة تجده غير سوى عصبى المزاج حاد الطبع، غير سعيد وهو لايعرف السبب، لأن الله خلق الكون جميلاً خلاباً والإنسان لوثه باختراعاته ومصانعه وتصرفاته السيئة.
رابط دائم: