رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

شعراؤنا
سيد حجاب .. العراف الذى رأى الطوفان

السمّاح عبد الله
كان سيد حجاب صيادا عاديا يخرج كل صباح للبحر حاملا سنارته وهو يقول يا فتاح ياعليم يا رزاق يا حليم، قانعا بما يسوقه الله له من رزقه المقسوم وخبزته المرصودة، ولما خطى عتبة العشرين عاما لاحت له على البعيد جنية البحر، أخذت لبه وزغللت عينيه، فرمى سنارته على الشاطيء وخلع ملابسه وظل يضرب الموج وكلما اقترب منها تبتعد،

لكنه غافلها وكتم أنفاسه وغطس حتى أمسك بتلابيبها، عندها عرف أنها ليست امرأة البحر المعهودة ولكنها جنية الشعر المستحيلة، وعرف أنه مأخوذ لا محالة، من يومها ولم يعد ولا أظنه سيعود، كان بين الحين والحين يخرج من البحر مبلولا وبين يديه ورقات ديوان أو نغمات أغنية فرحا بصيده الجميل وهو أعرف الناس بأنه مصطاد وليس صائدا وبأنه مسروق وليس سارقا تماما كما قال جده الصائد المتمرس « صياد ورحت اصطاد صادونى «، لكنه كان فرحا بهذه الحال كفرح الصوفى حين تدور أناشيد الحضرة .

« ملعون أنا لو أحلب الكلمة

من ضحكة النجمة

وانسى أغنى لضحكة الإنسان «

...................................................... فى عام 1966 كانت البداية الرسمية للشاعر سيد حجاب من خلال ديوانه « صياد وجنية « والذى كتب مقدمته الشاعر العراقى عبد الوهاب البياتي، وبرغم الالتفات الإعلامى والحفاوة الكبيرة التى استقبل بها الديوان حتى أن البعض أطلق عليه « لوركا مصر « إلا إن كل ذلك لم يرض الشاعر الشاب الذى أدرك أن شعره ضل طريقه فبدلا من أن يصل للصيادين والعمال والفقراء وصل للمثقفين والنقاد والشعراء، وما حيلته ومن يريد أن يصل شعره إليهم لا يقرأون ولا يكتبون؟ من هنا جاء قراره أن يتوجه إلى الناس مباشرة أن يذهب إليهم أينما كانوا، وكان أن غنى فغنى معه الناس، وشدا فردد البسطاء شدوه :

دنياك سكك حافظ على مسلكك

وامسك فى نفسك لا العلل تمسكك

وتقع ف خية تملكك تهلكك

أهلك ياتهلك دانت بالناس تكون

إن درت ضهرك للزمن يتركك

لكن سنابك مهرته تفركك

وان درت وشك للحياة تسبكك

والخير يجيك بالكوم وهمك يهون

فى ميدان التحرير كان سيد حجاب يسير بين الثوار، كنت أنا على يساره وكانت اليسارية العتيدة فتحية العسال على يمينه كان يؤنجشها كما يليق بالعشاق الصغار، وعندما رآه الثوار العشرينيون التفوا حوله وهللوا له وأعطوه الميكروفون ليهتف لهم، وكان على سبعينيته ممتلئا حماسا وحيوية وفرحا، لا أعرف الشعار الذى قاله وقتها من كثرة ما استمعت إليه من شعارات الثورة، لكنه بالتأكيد كان أجمل من كل شعره ومن كل شعرنا فأى شعر هذا الذى يمكنه أن يوازى فعل الثورة المتحقق على أرض الواقع؟

من حق سيد حجاب أن يكون أكثرنا فرحا بالثورة المصرية فهو الذى تنبأ بها منذ سنوات وسنوات فى المنتديات والإذاعات والمقاهى من خلال قصيدته الشهيرة «قبل الطوفان اللى جاي» كان يريد أن ينبه السلطة لأن تقوّم نفسها قبل أن يدهمها الطوفان، ومن حسن حظنا نحن ومن سوء حظ السلطة أنها كانت بلا عينين فلا تستطيع أن تري، وبلا أذنين فلا تستطيع أن تسمع وبلا ذهن فلا تستطيع أن تعي، وكان أن قامت الثورة التى ظل سيد حجاب يحلم بها عمره كله وظللنا نحن نحلم بها عمرنا كله

تاج راس سلالات الجهالات الطغاة الصغار

ذوى المقامات والمذمات اللصوص الكبار

أصحاب جلالة العار أصحاب فخامة الإنبطاح والسعار

أصحاب سمو الخسة والإنحدار أصحاب معالى الذلة والإنكسار

هكذا كان يسميهم سيد حجاب قبل الثورة بسنوات وكأنه كان يرى كل شيء ويعرف كل شيء لكنه – وحده – قال كل شيء، ونحن سمعناه، لنكمل معه دائرة الشعر العالى والغناء الجميل والأحلام الكبار .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق