أنا سيدة فى الخامسة والعشرين من عمرى، تعرفت على شاب فى مثل عمرى بعد تخرجنا فى الجامعة، وارتبطنا عاطفيا وتمت خطبتنا، فلاحظت ارتباطه الشديد بأمه، وبررت ذلك بأنه ولدها الوحيد، ووالده متوفى، لكنها تتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، وأحسست فى أحيان كثيرة بأنها لا ترغب فىّ، وكانت تقوم بالكثير من الأفعال لكى تنفرنى أنا واهلى من هذه الزيجة، أما هو فوجدته أحيانا حريصا على المال واحيانا اخرى يصرف بلا حساب، وحدثت مشكلات كثيرة بيننا، وكان يسترضينى، ولمست فيه بعض المواصفات التى تجعلنى أشعر بأن هناك أملا فى تغييره نحو الأفضل، وتزوجنا، ولكن مشكلاتنا زادت يوما بعد يوم، واكتشفت أنه غير ناضج، فأبسط مشكلة تجعله يتصرف مثل الصغار دون تقدير للعواقب او للمسئولية التى يحملها، كما أن عمله يجعله يسافر وقتا طويلا، ولا اشعر بدوره تماما فى العمل والبيت، ويروى كل تفاصيل حياتنا إلى أمه، وفوجئت بأن شقة الزوجية وكل شيء مكتوب بإسمها، برغم أن هذا ميراث شرعى له، وفاجأنى بعد ذلك بأنه مازال يسدد ثمن هذه الشقة، برغم أنها ليست ملكه.
ونظرا لعدم احساسى بالأمان والاستقرار، فإننى ذهبت إلى الطبيب ليصف لى مانعا للحمل، فاكتشفت أننى بالفعل حامل، وعندما علم زوجى بهذا الخبر لم اشعر بفرحته او فرحة أهله، حتى إن والدته قالت لى ذلك بشكل مباشر، وواجهت ظروفا صعبة فى الحمل، وطلب الطبيب تقليل العلاقة الحميمة بيننا، ولكن زوجى ثار ضدى، وقال إن الطبيب لا يفهم شيئا، وقالت لى أمه: إذا كان مكتوبا أن يبقى الطفل سوف يستمر الحمل برغم كل شىء، وأنهم أيضا ليسوا مسرورين بهذه الزيجة وهذا الحمل، وبعد تدخل أهلى هدأت المشكلة, وعندما ذهبنا للاطمئنان على الجنين، قال الطبيب: إنها فتاة، ولاحظت حزنه، وبدأت أمه فى التلميح بالولادة فى مستوصف وبأشياء غريبة أسخف من أن اذكرها، مع العلم أن هذا أول حفيد، وهم مستقرون ماديا جدا, ومع ذلك قال لى إنه ليس لديه مانع أن يعطينى أبى المال، فسقط من نظرى, وطلبت منه أن أذهب إلى أهلى فوافق، ورأنى وأنا أحمل حقيبة ملابسى ومستلزماتي، ولم يقم حتى بحملها، أو التاكد من أن معى المال اللازم للسفر، وأجرة المواصلات، مع العلم أن أهلى يعيشون فى محافظة أخرى.
ومرت فترة لم يتدخل خلالها أحد من أهله، وأدركت أن ما يحدث على هواهم، لأن زوجى سوف يوفر كل ما يجب أن ينفقه علىّ من مصاريف الولادة واحتياجات الطفلة، وبعد كل هذه المواقف لا أشعر بالاستقرار أو الأمان معه، كما أن نظرتى له قد تغيرت، إذ أنه لا يتحمل المسئولية، ويريد اخضاعى لأوامره بدون مناقشة، مع تحكم أمه فى كل ما يخصنا، ووجدتنى مع انسان متناقض فى أفعاله، فهو تارة حنون، ولايستطيع الاستغناء عنى وتارة أخرى أراه إنسانا غريبا لم أعرفه من قبل، ففى أى طريق أسير؟، وما هو السبيل إلى الخلاص من هذه الحياة القاسية؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
لا شك أن تدخل الحماة يتسبب فى مشكلات كثيرة بين الزوجين ربّما تنتهى بطلاقهما، ويتطلب الأمر قدرا من الحكمة إذ لا يمكن المطالبة بأن يقطع الإبن علاقته بأمه، ومن المهم أن تكون العلاقة بينهما صحية، وينبغى على الزوجة استخدام الحكمة والتروّى، بعيداً عن التوتر، لإنجاح علاقتها بحماتها والحفاظ على مسافة تفصل بين الحماة وحرمة حياة ابنها الزوجيّة، وعلى كل زوجة تجنّب تصعيد المشكلات مع والدة زوجها، والعمل على كسب ودّها وحبّها، وأن تتصرّف بشيء من الحكمة والتريّث، لتعتبر حماتها مثل أمّها وتحاول بقدر الإمكان إرضاءها، فالصراعات المستمرّة بينهما تجعل الزوج فى صراع نفسي، مما يؤدّى إلى توتّر حياته الزوجية أكثر فأكثر.
ومن الضرورى ألا تقص الزوجة مشكلاتها على والدتها، فقد تُظهر المشهد أكثر قتامةً عمّا هو عليه فعلاً، مما يجعل صورة العلاقة بينها وبين زوجها أكثر سوءاً، خصوصاً وأنّ الأم المسيطرة ترى أنّها تفعل ذلك لمصلحة ابنها، وليس نوعاً من الفضول، كما أنّ إخبار والدة الزوجة بهذه المشكلة قد يجعل منها طرفاً رابعاً فى النزاع، باعتبار أنها تريد مصلحة ابنتها أوّلاً، وعلى الزوجة عدم انتقاد زوجها وإشعاره بأنّه ضعيف الشخصيّة، وبأنّ أمّه هى من تحكمه، لأنّ ذلك يجعله ينفر منها ويقترب أكثر من أمّه؛ بل يجب عليها فى المقابل تشجيع أيّ سلوك يقوم به زوجها، ومدحه أكثر من المعتاد، حتّى تصبح لديه قدرة أكبر على اتّخاذ قراراته، وثقة أعلى بنفسه، وبذلك تتعزّز ثقته بها أيضاً، مما يدفعه إلى استشارتها فى أموره بدلاً من العودة إلى أمّه فى كلّ شىء.
من هنا عليك أن تتريثى فى معالجة مشكلتك مع زوجك، وأن تخبرى أهلك أنك صرت أكثر هدوءا، بعد أن ارتحت لديهم بعض الوقت، وأن تبثى حبك ومشاعرك لزوجك، فيشعر بعاطفتك نحوه، ويدرك خطأه فى حقك، وبمرور الوقت سوف يتبين من تلقاء نفسه أن والدته ليست على حق فى موقفها منك، فالمرونة هى السبيل الأمثل لتفادى الصدامات، والإنسان لا يكون على وتيرة واحدة مدى الحياة، إذ يسعد ويحزن، ويضحك ويبكى، وتنتابه الاضطربات فى بعض الأحيان، لكنه سرعان ما يعود إلى الطريق الصحيح، فكونى قوية واثقة فى نفسك، وسوف تستعيدين زوجك قريبا بإذن الله.
رابط دائم: