سنوات طويلة من التخبط والأزمات عاشتها السينما المصرية ولا تزال، ورغم ان هناك محاولات حقيقة من القائمين علي صناعتها في الحفاظ عليها، لأنها في النهاية "أكل عيشهم"، وفي السنوات الاربع الاخيرة ازدادت الازمات ولجأ السينمائيون للدولة في محاولة للحصول علي دعم مالي يستطيعون من خلاله تقديم تجارب سينمائية مختلفة تحفظ ماء وجه السينما المصرية، في المهرجانات والتواجد عربيا ودوليا
...............................................................
ولكن للأسف كعادة كل المشروعات الطموحة يضربها الروتين والإجراءات المعقدة في مقتل، حيث ان هناك العديد من المخرجين الشباب الذين يحاولون انجاز أعمالهم منذ عام 2012 ولكن حتى الان لم يتمكنوا من ذلك ومن هؤلاء المخرجين المخرج الشاب أحمد فوزي صالح صاحب فيلم "جلد حي" والذي سبق ومثل مصر في العديد من المهرجانات الكبري، ونال اشادات كبيرة، وهو ما شجعه لان يبدأ خطواته الجديدة حيث تقدم بمشروع فيلم "ورد مسموم" وهو الفيلم الحاصل على دعم من وزارة الثقافة 2012، بقيمة 750 ألف جنيه، ومنذ أربع سنوات وهو يحاول جاهدا أن ينجز فيلمه، خصوصا وأنه لم يحصل إلا على 300 ألف جنيه فقط من قيمة الدعم المخصص لفيلمه حتى الآن حيث يعانى فوزى وغيره من المخرجين الشباب والذين يحاولون تقديم سينما مختلفة تحفظ للسينما المصرية تواجدها عالميا وعربيا من تاريخ من العرقلة والبيروقراطية، فشيكات الدعم لا تصرف.
ويقول "أحمد فوزي" انه حريص علي الالتزام ببنود التعاقد مع المركز القومي للسينما، الجهة المنوط بها تنفيذ مشروع الدعم، وطوال الفترة الماضية وهو يحاول أن ينجز فيلما، لدرجة انه وفريق العمل اشتغلوا بمنطق الجهود الذاتية، البعض لم يحصل علي اجر مطلقا والآخرين أخذوا جزءا قليلا من مستحقاتهم، الي ان تمكنوا من طبع نسخة 35 أولية للفيلم حسبما ينص التعاقد، ومن المفترض طبقا للعقد أنه بمجرد الحصول على النسخة يتسلم منتج ومخرج العمل الـ400 ألف جنيه المتبقية من أموال الدعم وذلك لإجراء العمليات النهائية للفيلم وتسديد أجور فريق العمل، ومنذ 8 شهور تسلم المركز القومى للسينما النسخة ولم يصدر شيكا بباقى المستحقات.
ورغم أن الفيلم من المشروعات الواعدة حيث تم اختياره ضمن ستة مشاريع من دول الجنوب للمنافسة علي جوائز مشاريع مرحلة ما بعد الإنتاج (أفلام لم تنته بعد) في برنامج فاينال كت بمهرجان فينسيا الدولي الذي يعقد في شهر سبتمبر المقبل، بما يعني قوة و جدية المشروع، ويفتح هذا الاختيار للفيلم فرص المشاركة في المهرجانات السينمائية الكبري. والفيلم مأخوذ عن رواية "أحمد زغلول الشيطي" والبطولة للوجوه الجديدة كوكي وإبراهيم النجاري مع صفاء الطوخي ومحمود حميدة الذي يشارك في إنتاجه أيضا.
الفيلم تجربة سينمائية جديدة تخلط التسجيلي بالروائي، يتم التصوير في المواقع الحقيقية بمصر القديمة وبشخصيات حقيقية من عمال المدابغ عن واقع مهنتهم القاسية وأحلامهم البسيطة، كذلك مجموعة العمل خلف الكاميرا أغلبهم يخوض تجربته الأولي بعد التخرج من معهد السينما، "ماجد نادر" كمدير للصورة ويساعده "عزة كلفت" ويعمل علي شريط الصوت "بسام فرحات".
خلافات المالية والثقافة تقف في وجه الدعم
المفارقة الدرامية والتى يشهدها الدعم الممنوح من الدولة للسينما ينطبق عليها المقولة الدارجة "ان الدولة تعطي بيدها اليمين وتأخذ بالشمال" حيث ان رئيس الوزراء قرر منح دعم ماليا لوزارة للثقافة متمثلا في المركز القومي للسينما، وبعد تحويل الاموال والدفعات والتى دخلت في ميزانية أفلام بعضها تم انتاجها بالفعل وعرضت في السينمات وأخري لا تزال في مرحلة الانتاج، سرعان ما فاقت وزارة المالية وقرر مسئولوها فرض ضرائب علي أموال الدعم الممنوحة.. ليس ذلك فقط بل ان المركز القومي للسينما فوجئ بخطاب من مصلحة الضرائب وتحديدا إدارة الفتوى تطالب المركز القومي بدفع 3 ملايين وثلاثمائة الف جنيه ضرائب علي قيمة أموال الدعم. والغريب والمدهش ان المالية تصر علي تنفيذ الفتوى بدعوى ان فلوس الدعم تم منحها من خلال مسابقة واختير فيها مجموعة من الفائزين، ويبدو ان وزارة المالية قررت ان تتعامل مع جوائز الدعم الممنوحة علي طريقة "اليانصيب"، بعيدا عن مفهوم كلمة دعم وان السينما صناعة كبري تحتاج للإنقاذ.
وضرب المسئولون في وزارة الثقافة اخماس في أسداس وأصبح الارتباك سيد الموقف، مشاريع معطلة، منذ 2012 ومشاريع تم انتاجها اصبح منتجوها مطالبين بتسديد ضرائب، والمالية لا تستجيب ووزارة الثقافة تقف مكتوفة الايدي، والمخرجون الشباب يجوبون المكاتب الحكومية في وزارة الثقافة والمالية دون فائدة، وأحلامهم معلقة، ولا يجدون من يستمع اليهم.. هذا هو حال عدد من المخرجين الشباب الحاصلين علي الدعم حيث يبدو أنه لا توجد رؤية واضحة لا من الحكومة التى منحت اموال الدعم ولا وزارة الثقافة خصوصا وأن معظمهم أغلق أبوابه في وجه هؤلاء المخرجين. وعن أزمة فلوس الدعم بين وزارتى الثقافة والمالية يقول الدكتور أحمد عواض رئيس المركز القومي للسينما _ الجهة المسئولة عن تنفيذ هذه المشاريع ومنح أموال الدعم انه :"لم يتوقف لحظة عن بذل محاولات لحل تلك الازمة والتى تسببت في عدم استكمال العديد من المشروعات حيث دخلت في جدل كبير لم ينته، وحاولت جاهدا اقناع المسئولين في المالية بأن دعم السينما يشبه دعم رغيف العيش، ولم يسمع أحد ولذلك لجأنا الي تقديم طعون علي القرار وامتنعنا عن تنفيذ القرار ولم يصبح امامنا سبيل سوي اللجوء الي مجلس الدولة للحصول علي فتوى ولحل الاشتباك بين وزارتى المالية والثقافة، وأضاف عواض لم يصبح امامي منفذ لذلك حرصت فى اللقاء الذي جمعنا برئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل وعرضت عليه الأزمة مؤكدا ان الدولة اذا كانت ترغب في دعم السينما ومساعدة صناعها علي حل مشاكلها يجب ان يكون ذلك من خلال التحرر من البيروقراطية وأن تكون هناك آليات مختلفة لمشروع الدعم وتنفيذه، ووعدنا رئيس الوزراء بحل كل هذه المشاكل وإزالة المعوقات، وحاليا الملف كله عند نائب وزير المالية للسياسات الضريبة عمرو المنير.
ولا أحد يعرف حتى هذه اللحظة اذا كانت وزارة المالية ستصر علي موقفها، وبذلك تصبح هذه المشروعات السينمائية في خبر كان، أم أن مساعد وزير المالية سيتعامل معها بروح القانون وينقذ مشروع الدعم كما طالبه رئيس الوزراء وهذا ما نتمناه.
رابط دائم: