بالرغم من التطور الكبير الذى تشهده صناعة الأسلحة فى العالم خاصة فى مجال الحرب عن بعد وصناعة الصواريخ الموجهة تبقى القوات البرية عنوان قوة الجيوش فى العالم وكلمة السر فى تحقيق الانتصار على الأرض، ليبقى الإنسان القوة المحاربة الرئيسية فى كل صراع مسلح مهما كان نوعه.
وبالنظر إلى الصراعات المسلحة الدائرة حاليا على الساحة نجد أنه لا يمكن حسمها لمصلحة أى طرف إلا بوجود قوات برية على الأرض، ولعل النتائج الإيجابية التى تحققها القوات المسلحة المصرية فى حربها ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية المسلحة بسيناء هى أكبر دليل على ذلك، بينما لم تستطع تحالفات الجيوش الكبرى بقيادة الولايات المتحدة حسم حربها ضد تنظيم داعش فى أى دولة يوجد بها اأن مهام تلك التحالفات تقتصر على ضربات جوية .
ويعتبر سلاح المشاة العمود الفقرى للقوات البرية فى أى جيش قديما وحديثا، وبحسب الموسوعة العربية فإنه يشترط لنجاح سلاح المشاة فى مهمته إعداده تقنيا ومعنويا وماديا ونفسيا ولزيادة قدرة الفرد على خوض الصراع المسلح لا بد من تزويده بما يلزم لتحسين إمكاناته ومساعدته على تنفيذ المهام الموكولة إليه بفاعلية وجرأة، ولاسيما فى الأعمال الهجومية والمناورة، حتى تتوافر لديه إمكانات رصد أرض المعركة ومراقبة العدو والاتصال والتنقل والحماية والوقاية، إضافة إلى العمل المشترك والتعاون مع الآخرين، وكذلك توفير جميع الخدمات الضرورية له فى الميدان كالتأمين المادى والفنى والطبى وتعويض ما يستهلك من ذخائر ومعدات.
وتعد قوات المشاة الكتلة الأساسية فى البنية التنظيمية العامة للجيش والقوات المسلحة فى كل دول العالم، وتنضوى تحت تنظيمات متكاملة ومتوازنة، وقد أثبتت الخبرة أن المشاة أكثر القوات مرونة وثباتاً فى القتال لقدرتها على العمل فى مختلف الأراضى والطقس، وتنقل قوات المشاة الحديثة إلى ميادين القتال بالطائرات أو الحوامات أو السفن أو الشاحنات أو المركبات المدرعة، ولكنها تقاتل وتخوض الأعمال الهجومية والدفاعية على الأقدام ما إن تدخل فى تماس مباشر مع العدو، والمشاة هى نواة جميع الجيوش فى العالم والكتلة الأكبر فيها وعنوان قوتها، وتملك قوات المشاة قدرة نارية كبيرة وإمكانية المناورة والحركة فى مختلف الأراضي، ويمكنها خوض القتال القريب، والاقتراب من العدو فى الهجوم وتدميره أو أسره، أو صد هجمات العدو ومنعه من اقتحام المناطق المهمة والحساسة فى الدفاع، والتمسك بها إلى أن تتوافر الشروط الملائمة للتحول إلى الهجوم الحاسم.
وبالعودة إلى تاريخ نشأة سلاح المشاة نجد أن المجتمعات البشرية شهدت منذ ظهورها وتطور العلاقات فيما بينها كثيراً من الصراعات المسلحة، وكانت الحاجة إلى إيجاد الأسلحة المستخدمة فى تلك الصراعات سبباً فى تطوير وسائل الصراع المسلح والمخترعات الكثيرة التى رافقتها، وصارت الحرب ظاهرة طبيعية واجتماعية وتاريخية ارتبطت بتطور البشرية، وكانت النزاعات فى المجتمعات البدائية تنشب بين القبائل من دون أن تتوافر لها شروط الحرب الحقيقية. وكانوا يتقاتلون راجلين فى الغالب ولا يجاوز تسليحهم الحجارة والأدوات الجارحة والسهام والعصي، ومع تزايد القوة النارية وتطور المدفعية والأسلحة الآلية، ظهرت تشكيلات فرق المشاة وألوية أو أفواج المشاة، وتنوَّع تسليحها وأُلحقت بها قطاعات المدفعية والمهندسين وسُلحت بالرشاشات والهاونات والمدافع المضادة للدروع، فى حين بدأت الدبابات والقوات المدرعة تزاحم المشاة فى ميادين القتال. وبرزت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية نظريتان تحتفظ إحداهما بالمشاة قوة رئيسية فى القتال، تساندها المدرعات والمدفعية، فى حين ترى النظرية الثانية أن المدرعات قادرة على العمل مستقلة ترافقها قوات المشاة وتساندها.
المهام القتالية
تعمل وحدات وقطاعات وتشكيلات المشاة بأنواعها متعاونة مع بقية الصنوف فى قوام الجحافل (الفيلق وجيش الميدان) أو مستقلة، وتنفذ المهام التى تسندها إليها القيادة العسكرية العليا فى الدفاع والهجوم وفى العمليات الخاصة. ففى الدفاع تعمل فرق المشاة على صد قوى العدو الغازية وتدمير قواه الحية ووسائطه النارية، وردها إلى ما وراء حدود الدولة، وتهيئ الشروط المناسبة للتحول إلى الهجوم، ونقل الصراع المسلح إلى أرض العدو، ليلاً ونهاراً وفى مختلف شروط الطقس.
وفى الهجوم تُكلّف فرق المشاة المهاجمة القوات المعادية وخرق دفاعاتها والالتفاف على المناطق المحصنة وتطويقها أو تدميرها، والقضاء على مقاومة العدو وتدمير وسائطه النارية وكسر إرادته وأسر قواته وحرمانه من القدرة على المقاومة وإجباره على التخلى عن الصراع المسلح.
رابط دائم: