أكتب إليك هذه الرسالة عن صاحب قصة حب ووفاء فى التسعين من عمره، وهو السفير على برعى الذى تربى يتيماً إذ كان عمره ثلاث سنوات عندما توفى والده عام ١٩٢٨، ولم يعرف يوماً معنى اليأس أو السخط على الحياة،
وكان دائما فى قمة التفاؤل والعطاء والتأقلم مع الظروف، وقد قابل حب عمره روضة فؤاد حسين ابنة الأستاذ الجامعى المصرى، وهى ذات أصول إنجليزية، وتصغره بأكثر من عشر سنوات، وجاء لقاؤه بها مصادفة ليلة رأس السنة فى بيت أخيه بحدائق القبة، وكان الإعجاب فالحب والزواج، ولم تتخل زوجته عن دراستها فبعد انتهاء المرحلة الثانوية فى المدرسة الأمريكية بشارع رمسيس حصلت على منحة تفوق، وتمكنت من الإلتحاق بالجامعة الأمريكية لتحصل على الشهادة الجامعية فى ثلاث سنوات فقط وتفرغت بعد ذلك لرعاية الأسرة، ورافقت زوجها فى كل البلاد التى سافر إليها، ومنها النمسا وڤيتنام وهونج كونج ، واليونان وخلال تلك الفترة تمكنت من استكمال دراستها العليا فى الخارج.
واشتهر بالزوج المثالى لارتباطه بصورة غير طبيعية بزوجته التى أحبها كل من تعامل معها، ومازال يتحدث عنها حتى الآن كأنها ملاك من السماء، وقد أصيبت بالزهايمر فى السنوات الأخيرة، ومنذ مرضها لا يغادر جدران منزله حتى لا يتركها وحدها، ومازال يحتفظ فى منزله ببغاء أفريقى ومجموعة من «عصافير الحب» كما يسميها، ومجموعة من الأشجار الصغيرة والورد والزهور تضفى على المكان جوا من الرومانسية.
ومن نصائحه التروى والتأنى فى اختيار زوج المستقبل، فكلمات الحب ليست كافية لبناء أسرة ومن الضرورى أن تكون المواقف هى الأساس، إلى جانب التكافؤ بين الطرفين، وأن الأصل الطيب والسمعة الحسنة من الضروريات التى يجب الاهتمام بها.
والوجع الوحيد فى حياته، ليس أمراض كبار السن التى يعانيها، ولكن عدم قدرة زوجته على التعرف عليه، وتمثل بناته الثلاث جزءاً مهما فى حياته، ولا يتدخل فى أمورهن مطلقا، وكل ما يسعى إليه الآن إسعاد زوجته ورعايتها، وهكذا أثبت أن الإنسان عندما يكون له هدف، يقبل على حياته بكل رضا وارتياح.
>> تلقيت هذه الرسالة بتوقيع «هالة برعى ـ الإسكندرية»، والحقيقة أن هذه النوعية من البشر يندر وجودها فى هذا الزمان الذى طغت فيه الماديات على الجميع، ولم يعد فيه لمشاعر الحب، ولا الرحمة وجود، ولعل قصة «معالى السفير» تكون عبرة للأزواج الشباب الذين يفتعلون المشكلات، ويسارعون إلى الانفصال مع أول عقبة تواجههم، تحية طيبة لهذا النموذج الرائع، وأسأل الله أن يشفى زوجته، وأن يديم عليه الصحة، ويكتب لهما التوفيق وراحة البال.
رابط دائم: