سكان الجسد رواية تسلط الضوء على أعماق النفس البشرية، والتى تبدو كالزجاجة، فهى إن لم يملأها الماء، ملأها الهواء. كذلك الذات، إن لم يملأها الحق والقوة، حل محلهما الفراغ الروحي. الساحر...
هذا المارد الجبار، بشره المستطير، لا حدود عنده، هو دميم وقبيح المنظر، ليس من خلقةٍ خلقه الله عليها، ولكن انعكاس أفعاله، التى يشيب لها الولدان،على شكله ومظهره، فظهر وجهه هكذا، كما ورد فى الرواية، كالح اللون، لا أثر لنورٍ ولا صلاحٍ، خاصمت النضارة وجهه، وكأنه قادمٌ تواً من جهنم، مرعبٌ ومخيفٌ، ونذير شؤم لكل من يراه، ومع كل هذا استطاع التأثير على البعض! إما لوجود هذا التصحر والفراغ الروحى داخلهم، أو لانخداعهم فيه وتصديقهم إياه، بعدما سمعوا منه بعض آيات القرآن، والتى حتى ما صحت قراءته لها!.
هذا الساحر هو محور الرواية، يأتى من بلدته فى الجنوب، ليحل ضيفاً على قريبٍ له، الرجل الأمين، الذى يعمل حارسا لإحدى الفيلات فى القاهرة الجديدة، يحبونه ويثقون به، يمكث هذا الساحرلدى قريبه فترة للبحث عن عملٍ، كما أوهمه، ولكنه كان يضمر فى نفسه شيئاً آخر، فقد جاء من أجل الإيذاء والاستيلاء والاغتصاب، مستخدماً سحره الأسود!.
ينظر الساحر ويرى ما عليه أصحاب هذه الفيلا من غنى وثراء، فتتحرك عقارب الحقد فيه، يبدأُ فى التخطيط للانقضاض عليهم ومقاسمتهم أموالهم أو حتى الاستيلاء عليها كاملة. وكانت خطته تقوم على إسكان الفيلا بمن يعملون معه من الجن، الذين يسخرهم بسحره، وقد عرّفهم وأعلمهم بأثرٍمن آثار البيه الكبير صاحب الفيلا، يكون فيه رائحة عرقه، ليلازموه، وليكونوا معه أينما ذهب، على أن يغشوا جسده ويسكنوه، كلما أمسك بيده أموالاً أو شيكات بنكية، ويأتون بها إلى الساحر. أحس قريبه وشعر بما انتواه،وتيقن أنه بصدد ارتكاب جريمة ما، فطرده وأخرجه من الفيلا رجيماً. غاب وقتاً طويلاً، عاد بعدها لقريبه، حارس الفيلا، مبدياً الندم، طالباً العفو منه والسماح، أخطأ قريبه خطأه الأعظم والأكبر فى حياته وصدقه، وبمساعد الآخرين وبجهلهم، فعل الساحر الأفاعيل، من سرقةٍ ونهبٍ وقتلٍ واغتصابٍ، بعدها يلقى جزاءه المؤلم، على يد أسياده من الجن، فيلقونه فى نار مستعرة، فيصبح أنفه فى القلب منها.
الرواية: سكان الجسد
الروائي: محمود خضر
الناشر: دار التقوى 2016
رابط دائم: