رغم ما يمثله فن الخط العربى من هوية وثقافة للشعوب العربية، إلا أنه تعرض فى السنوات الأخيرة إلى حالة من الإهمال وهجمة شرسة من التكنولوجيا، لم يقابلها أى محاولات منظمة لإنقاذ هذا الفن وتطويره ومنحه الحياة من جديد..
حتى لو هناك محاولات فهى فى النهاية محاولات فردية لا تقوى على النهوض به.. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن دور مدارس الخط العربى التى تراجعت مؤخرا عن تأدية دورها المنوط به، ولافتقارها لأساليب التطور والخروج به من النطاق الكلاسيكى المعتاد .. لذا كان من الضرورى الوقوف على أسباب هذا التدهور من المتخصصين بغرض وضع تصور لعلاج المشكلات.. .
فى البداية يقول الفنان مصطفى عمرى استاذ الخط العربى فى معهد المخطوطات العربية : الدراسة فى مدارس الخط العربى مدتها اربع سنوات،لا تشترط سنا معينا وهى تقبل الحاصلين على الاعدادية وما فوقها، يحصل بعدها على دبلوم فى الخط العربى، ويستطيع الدارس ان يكمل الدراسة لمدة سنتين للحصول على دبلوم متخصص.. وفى الفترة الأخيرة زاد عدد مدارس الخط العربى، حتى اصبحت تقارب الـ400 مدرسة على مستوى الجمهورية، ولكن كانت الزيادة فى الكم وليس فى الكيف، وهو ما يشير إلى وجود شبهة فساد فى وزارة التربية والتعليم فالمدارس الجديدة تفتح بدون جهاز رقابى او توجيه حقيقى، او مدرسين مؤهلين، وبالتالى يخرج منها طلبة بمستوى فنى ضعيف.
ويشير عبدالرحمن محمدى سنه، موجه عام لغة عربية وخط عربى بوزارة التربية والتعليم سابقا: من اهم المشكلات، ان وزارة التربية والتعليم لا تعين فى مراحل التعليم المختلفة مدرس للخط حاصل على دبلوم خط أسوة بمدرس الموسيقى والرسم، بل الغت مادة الخط العربى ولم يتبق الا كراسة له رديئة فى الشكل والمضمون فى بعض المراحل، والمشكلة الثانية تخص مدارس الخط العربى، فقد قامت الوزارة بجعل هذه المدارس خاصة ، والغت جميع النواحى المالية ، وبالتالى رفع مصاريف المدارس، والمشكلة الثالثة هى عدم الاهتمام بمدارس الخط العربى فى جميع محافظات مصر من حيث التوجيه الادارى والمتابعة الفنية.
ويقول محمد حسنين،موجه عام بالمعاش: انشأت مدارس الخط منذ عام 1922 وكان يأتى اليها طلاب من كل أنحاء العالم، اما الآن فتغير الوضع واصبح المستوى التعليمى بها متردى، وهو يرى انه يجب انشاء مراكز مجانية لتنمية القدرات تعمل على رفع الكفاءة الخطاطين كما يجب زيادة الانشطة الثقافية عن طريق زيارة المتاحف الفنية والمناطق الاثرية، وكذلك يكون هناك اشراف من الوزارة عن طريق متخصصين، مع عودة مجانية التعليم فى مدارس الخط.
ويعلق محمد حسن، من المدرسين الشباب فى مدرسة الجيزة لتحسين الخطوط العربية ويقول: لا يوجد اى إشراف من الوزارة على مدارس الخط منذ اكثر من عشر سنوات، كما يتم اختيار المدرسين دون معايير او اختبارات محددة، وهناك بعض المدارس تقوم بعمل امتحان غير معلن لتعيين مدرسين ويتم الاختيار عن طريق المعارف والمحسوبية، وهذا يؤدى الى تردى مستوى المستوى التعليمى للخط، ومن جهة اخرى بدلا من الرجوع لكتب التراث فى دراسة الخط، قامت الوزارة بتكليف بعض الاشخاص الموالين لها من غير ذوى الكفاءة بوضع المناهج الدراسية حيث يتقاضى واضع المنهج 26 الف ج، وبالتالى تخرج مناهج لا تليق بالمستوى التعليمى، بالاضافة الى الطباعة السيئة والورق الردئ، ويضيف محمد حسن، تناقش الوزارة مشاكل مدارس الخط مع الجمعية المصرية العامة للخط العربى، فى حين انها هى السبب فى مشاكل الخط ولا تمثلنا كخطاطين ومدرسين.
ويعلق الفنان التشكيلى اشرف شاكر وهو احد الفنانين الذين خرجوا من نطاق الخط الكلاسيكى الى تطويره ودمجه بالفن التشكيلى «الحروفيات» فيقول : تمكنت من الإلمام بهذا الفن عن طريق ورشة فنية بمبلغ رمزى تقدمه احدى المؤسسات الفنية الخاصة لتعليم التشكيل بالخط فن «الكاليجراف» وهذا الفن يخرج بالحرف من انواعه وطرقه المتعددة وكتابة الأوامر والفرامانات الملكية، الى تشكيل وتجريد الحرف العربى والذهاب به الى منطقة تشكيلية تهتم بكتلة الحرف وتكوينه اللونى وعلاقاته بالفراغ المحيط به سواء على سطح اللوحة او كتلة تشكيليه فى الفراغ . وفن الحروفيات من الفنون الحديثة غير التقليدية ويجد ترحيبا من الجمهور لسرعة الوصول لوجدانه بحكم تعوده على قراءة الحرف العربى ومزجه مع فنون تجريدية وتشكيلية ولونيه فى تناغم مثير.
رابط دائم: