رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مقصد عالمى جديد للاستثمار
مستقبل واعد للصناعات التجميعية فى محور التنمية

محمد حماد
غيرت قناة السويس الجديدة وجه حركة التجارة العالمية ومنحتها متنفساً جديدا، من خلال سرعة انسياب حركة الحاويات فى العالم، حيث يمر بالممر الملاحى المصرى أكثر من 20 % من حركة وتجارة الحاويات على مستوى العالم. وتعزز القناة الجديدة مبدأ سرعة عمليات التصنيع فى مختلف نقاط الصناعات التجمعية على مستوى العالم، وهو المقصد الرئيس الذى وضعته مصر تحت المجهر، لتنمية المنطقة المحيطة بهذا الشريان الحيوى الهام.

وسجلت إجمالى الحملات العابرة للقناة خلال شهر مارس الماضى نحو 90.5 مليون طن وفق لبيانات مركز معلومات مجلس الوزراء، وتقل قليلا فى متوسطها الشهرى عن مستويات عام 2015 بسبب ما شهدته حركة التجارة العالمية من تباطؤ ملحوظ، نتيجة الركود الاقتصادى الذى طال العديد من الاقتصاديات العالمية.

وعلى صعيد عدد السفن العابرة بلغت خلال مارس أيضا نحو 1454 سفينة، فى حين أن هذا العدد ارتفع بشكل كبير عقب افتتاح قناة السويس الجديدة وكان المتوسط الشهرى للسفن العابرة يتجاوز نحوة 1500 سفينة مما يؤكد فاعلية القناة الجديدة فى تعزيز حركة التجارة العالمية، وزيادة معدلات انسيابها، والسرعة التى حققتها من أجل تحقيق هذا الغرض الذى أهدته مصر لحركة التجارة فى العالم بدلا من فترات الانتظار التى كانت تشهده الملاحة فى القناة قبل افتتاح القناة الجديدة.

وعلى الرغم من حركة التباطؤ فى الاقتصاد العالمى والذى أكد عليه صندوق النقد والعديد من المؤسسات الدولية الى تراقب أداء معدلات النمو عالمياً إلا أن إيرادات قناة السويس سجلت خلال عام 2015 نحو 5.17 مليار دولار، وهو فى المتوسط يعد نجاحاً وسط نزيف الخسائر الذى نال من حركة التجارة العالمية.

وقناة السويس الجديدة ليست فى مغزاها شرياناً للتجارة فقط، بل إنها نجحت فى جذب أنظار العالم إلى مصر، بل وبدأت رؤوس الأموال متعددة الجنسيات تبحث سبل الاستثمار فى تلك المنطقة التى تقع فى قلب العالم، لتعزيز معدلات نموها بعد أن فقد العديد من المقاصد العالمية رونق نموه وسط التحديات التى ضربت العديد من المقاصد الاستثمارية سواء فى الدول المتقدمة، بعد الأزمات المالية أو فى العديد من المقاصد الاستثمارية فى الدول صاعدة النمو بسبب عدم تواكبها مع المتغيرات الدولية وآليات جذب الاستثمار.

وتمكنت قناة السويس الجديدة أن تكون خير معلن على الأجندة الاستثمارية خلال مؤتمر مصر الاقتصادى الذى وضع مصر على خريطة الاستثمارات العالمية، حيث بدأت العديد من الشركات الكبرى فى مختلف المجالات فى قطع خطوات عملية لتوطين صناعتها فى تلك المنطقة خاصة فى مجال تجميع السيارات، والبتروكيماويات، والنسيج، وبناء وصيانة السفن، مما يعزز من موارد مصر السيادية من تلك المنطة والتى ظلت لعقود تعمل بمنطق «الكمسرى» لقطع تذاكر المرور فقط، دون أن يتم زيادة القيمة المضافة على تلك العملية.

ومع ذكرى الاحتفال بالعيد الأول لافتتاح قناة السويس الجديدة، يلوح الأمل فى جنى ثمار هذا العمل الذى شهد له العالم، ويتزامن معه أيضاً الإجراءات العملية التى ينفذها الاستشارى العام لتنمية محور قناة السويس، مما يؤكد أن مصر مقبلة على حركة استثمارية غير مسبوقة، تبنى على أكتاف قناة السويس الجديدة.

ولعل ما شهدته الفترة الماضى من إعلان العديد من المستثمرين العرب عن ضخ استثمارت فى محور القناة سواء فى مجالات الطاقة أو صناعة البتروكيماويات، يؤكد أن منطقة القناة باتت ملاذا جديدا أمام المستثمرين من جميع أنحاء العالم فى تلك المنطقة الصاعدة التى تتميز بأنها منطقة ذات معدلات نمو مرتفع، وهو ما يصنفها ضمن أفضل المقاصد الاستثمارية فى العالم، حيث التصنيع من أجل التصدير لمختلف الأسواق العالمية إلى جانب كونها البوابة الرئيسة للتجارة مع إفريقيا، وهو ما تبحث عنه رؤوس الأموال العالمية.

ويقول المهندس حسين صبور الرئيس الشرفى لجمعية رجال الأعمال المصريين إن مشروع قناة السويس الجديدة وتنمية إقليمها تأخر لأكثر من 40 عاماً، مما أدى إلى تراجع عوائد مصر من قناة السويس.

ويوضح أنه مع تنفيذ المشروعات التنموية المتنوعة فى تلك المنطقة وتأسيس مشروعات الخدمات التى تحتاجها بشدة من الممكن أن يتم تعظيم العائد من إيرادات قناة السويس إلى أكثر من 100 مليار دولار فى العام بدلاً من مستوى 5 مليارات دولار الحالية، وبالتالى فإن التأخر كل عام فى بدء عملية التنمية فى تلك المنطقة يفقد مصر مليارات الدولارت سنويا فى وقت نحن فى أمس الحاجة إلى هذه العوائد لإصلاح الهياكل المالية التى يعانى منها الاقتصاد.

ويضيف إن سنغافورة، على سبيل المثل، تستطيع أن تحقق سنويا عوائد من تجارة «الترانزيت» فقط بأكثر من 40 مليار دولار وبالتالى نرى الفارق الكبير بين تقديم الخدمات الذى يصل بالعائد فى سنغافورة إلى هذه المستويات وغيابها الذى يصل بنا لمستويات متدنية من العوائد فى شريان ملاحى مهم طوله نحو 176 كيلو مترا.

ويشير إلى أن تنمية محور قناة السويس يعد أفضل طريقة للترويج للاستثمار بمصر خلال المرحلة الحالية، خاصة وأن نحو 10% من حجم التجارة العالمية تمر من قناة السويس سنوياً وكذلك 22% من حركة تجارة الحاويات وهذه النسب ضخمة جداً، وبالتالى من غير اللائق الا نستفيد من هذه الكم الضخم، مشيراً إلى أن هذه المنطقة لا مفر من تنميتها حالياً، لأنها من أهم المناطق العالمية جذباً للاستثمار، وتحتاج إلى صناعات متنوعة من ورش لبناء المراكب وصناعات تقوم على خدمة الحاويات وصناعتها وكذلك صيانتها. ومن الممكن أن تقوم الصين بالاستثمار بشكل كبير جداً فى تلك المنطقة وتؤسس مصانع للحاويات بهدف إعادة تصديرها لمختلف دول العالم، مع ضرورة الاستفادة من هذه الصناعة أيضاً لجذب مستثمرين من كوريا واليابان واللذين قطعا شوطاً كبيراً فى هذه الصناعة وباتت لديهم خبرات عالمية يشار إليها بالبنان.

ويوضح أن التنمية فى تلك المنطقة سوف تأخذ عدة محاور لأنه سيترتب عليها زيادة الحركة الوافدة إليها وبالتالى من الممكن تأسيس فنادق عالمية فى هذه المنطقة لاستضافة الفعاليات والأحداث العالمية إلى جانب إنعاش هذه المنطقة سياحيا، فعلى سبيل المثل المركب الذى سيأخذ صيانة أسبوعين من الممكن أن يقوم طاقمة بعمل جولات سياحية متنوعة لحين الانتهاء من عمليات الصيانة وغيرها وبالتالى تشهد هذه المنطقة والمناطق المجاورة نشاطاً سياحيا غير مسبوق.

ويضيف إن تنمية المحور لا تعنى تنمية منطقة القناة فقط بل أنه سيترتب عليها تنشيط مختلف المشروعات، وكذلك منطقة العين السحنة ميناء شرق التفريعة فى بورسعيد وبالتالى ستتحقق نهضة قوية فى شمال وجنوب القناة بالإضافة إلى المشروعات الهائلة على ضفتى القناة.

ويشير إلى أنه ليس من اللائق أن تحصل مصر على عوائد قدرها 155 دولاراً من عبور الحاوية فى قناة السويس فى حين أن هذه الرسوم تصل إلى نحو 3500 دولار فى ميناء روتردام فى هولندا وبالتالى لابد أن نستغل هذا الشريان الملاحى لنعظم عوائده لصالح مصر.

وتوقع مع دخول المشروعات الخدمية فى هذه المنطقة أن تزداد حركة التجارة فى القناة بشكل كبير جداً كما ستكون هذه المنطقة واجهه مهمة لكافة السفن لإجراء عمليات الصيانة وغيرها.

ويرى المهندس عمرو علوبة رئيس جماعة المهندسين الاستشاريين إن قناة السويس الجديدة غيرت حركة التجارة العالمية حيث يعد الممر الملاحى أهم شريهان حيوى للتجارة على مستوى العالم، كذلك مشروع تنمية محور القناة والذى سيغير وجه تلك المنطقة لتصبح منطقة تجارة عالمية.

ويضيف أنه من المتوقع تعظيم العائد من قناة السويس سنويا لأكثر من 20 مثل الحد الحالى من الإيرادات إلى جانب تأهيل مصر لدخول نادى النمور الصناعية خاصة فى منطقة البحر المتوسط والبحر الأحمر.

ويشير إلى أنه سيتم تأسيس مشروعات صناعية عملاقة فى تلك المنطقة فى مقدمتها صناعة اللوجستيات والتى تحتاجها مصر بشكل كبير جداً بما يتناسب مع حركة النمو التى تستهدفها خلال الفترة المقبلة ومع زيادة حركة تداول الحاويات. ويوضح أنه من الممكن عمل مناطق صناعات حرة متعددة على ضفتى القناة بما يتناسب مع التنمية المأمولة فى هذا المحور الهام الذى يربط الغرب بالشرق، ولا يستفاد منه إلا بقطع التذاكر فقط للسفن العابرة له.

ويرى أنه من الممكن أن يتم تدشين عدد هائل من المشروعات التى تعمل فى مجال الخدمات والصيانة لسفن وأجهزة التحكم والاتصال بالسفن وكذلك تداول الحاويات إلى جانب صناعات بهدف التصدير .

ويؤكد إن صناعة السيارات فى كوريا الجنوبية تتوطن فى المناطق القريبة جداً من الموانئ لتسهيل عمليات النقل لتصديرها إلى مختلف دول العالم وبالتالى يمكن أن يتم استدعاء تلك التجربة بحيث تكون منطقة القناة من المناطق الهامة على مستوى العالم لصناعة السيارات المختلفة وإعادة تصديرها لمختلف دول العام بكل سهولة.

ويضيف أن الثورة الصناعية التى ستشهدها تلك المنطقة ستحتاج معها مشروعات تنمية عمرانية كبيرة جداً لتوطين العاملين فى هذه المشروعات التى من المقدر لها أن تتجاوز الآلاف، فضلا عن الاستفادة بهذه النقلة الصناعية فى عمل مشروعات زراعية فى ظهير هذا المشروع بهدف التصدير أيضا وكذلك خدمة الملايين الذين سيتم توطينهم بهذه المنطقة والمناطق المجاورة لها.

ويوضح أن الأمر لن يتوقف عند ذلك الحد بل أن يمتد لتأسيس مشروعات سياحية وترفيهية جديدة ومجمعات تكنولوجية وطبية لخدمة كافة المشروعات، إلى جانب عمل مناطق مالية كبيرة لاستضافة كبرى الشركات العالمية وبالتالى تصبح تلك المنطقة بعد سنوات من المراكز المالية العالمية.

ويؤكد إن توفير الطاقة لهذه الثورة الصناعية التى نتحدث عنها بالمنطقة من النقاط الحيوية والأساسية الهامة، وبالتالى لا مفر من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير جداً إلى جانب المصادر التقليدية لتوفير الطاقة بشكل مكثف لهذه المشروعات.

ويرى إن هذه المنطقة من أهم المناطق عالميا فى توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، فعلى سبيل المثال يمكن للمتر المربع فى بورسعيد توليد نحو 2000 وات فى العام إما فى السويس فيصل لنحو 2011 وات وفى الاسماعلية نحو 2006 وات وهذه المعدلات من المعدلات الكبرى بعد أسوان بنحو 2500 وات للمتر المربع فى العام والقاهرة بنحو 2039 وات للمتر، فضلا عن ارتفاع نسبة السطوع الشمسى فى تلك المناطق والتى تتجاوز المعدلات العالمية وتصل لأكثر من 6 إلى 9 ساعات يوميا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق