عقب مرور سنوات ست على عمله بأحد أديرة مريوط، يتلقى الراهب المطبب «أمنيوس» رسالة من والده تخبره بمرض أمه ,
فيسرع بالعودة إلى قريته «قربيط» بدلتا مصر وهناك يفاجأ بإصابة أخته «تكلا» بفقد بصرها نتيجة لوباء أصاب الكثيرين بالموت وفَقْد البصر وأجبر الآخرين على الفرار إلى مناطق نائية بعيدة عن العمى والموت. ويحس بالعجز والتقصير أمام هذا المرض اللعين، فيتجه إلى الله ويصلي، فيسمع هاتفاً أقرب إلى همس الخشوع، فيسرع من فوره خائفا وجلا إلى كاهن القرية الأب «سيرابيون» حاكيا له ما حل به فى صلاته, فيهدئ من روعه ويطمئنه بأن هذا الصوت إشارة من الرب يستغلق معناها على الكثيرين ولكنها تلهم المؤمنين بالبحث عما وراءها,
وأنها بمثابة أمر بالارتحال والبحث بين برديات المعابد والبيع والأديرة. فيشتعل الحماس فى عروق «أمنيوس» وتدفعه الرغبة فى المعرفة والتى تعد جينا تاريخيا وراثيا من سمات الشخصية المصرية- إلى الانطلاق من فوره مرتحلا إلى ربوع وادى النيل، باحثا عن علاج لذلك الوباء. ويتردد على أديرة مصر ومعابدها وبيعها، فى طول البلاد وعرضها من شمالها إلى جنوبها, باحثا ومنقباً بين رموزها وألغازها عن كتابات مجهولة كتبها الأولون السابقون ودونوا فيها علاجات شافية لهذا الوباء اللعين الذى أصاب أهلنا فى «قربيط». ويحل ضيفا على معبد سمنود المختص بالتاريخ ثم معبد عين شمس المختص بالفلسفة ومنه إلى معبد أخميم المختص بالكيمياء والسحر,
إلى أن يجد ضالته فى معبد «إمحتب» بمدينة منف, والتى كانت عاصمة لمصر بعد توحيدها فى حكم مركزى قبل نحو 5200 سنة. ويتجاوب معه حرس المعبد, ويوافقونه على نسخ إحدى البرديات الطبية القديمة والمسماة «بردية زويجا» فيجتهد فى العمل على فك رموزها وطلاسمها, فيزداد إيمانه وتصميمه فى الرغبة فى المعرفة وشوقاً كشوق المستهام إلى سبر أغوار نفسه ، ويزداد يقينه رسوخاً بعد لقائه فى أخميم بالعالم النبطى الكلدانى ابن وحشية النبطى بأن مصر يصدق فيها قول القائل:
كنوزك يا مصر لا هى فضة ولا دهب
كنوزك مدفونة فى كتب من مضى ومن ذهب
إذن فسلوى بكر من خلال شرح المضمون القيمى لهذه الرواية، تدعونا إلى أن ننزع عن وجوهنا أقنعة الكسل والبلادة وأن نشمر عن سواعدنا ونطوف الأصقاع والبلاد بحثا عن هويتنا أولا ومصريتنا ثانيا, تلك التى يحاول جهلاء هذا العصر - ممن يُدْعَوْنَ بالإخوان ومن على شاكلتهم- طمسها بدعوى البحث عن الخلافة الأممية. فهويتنا ومصريتنا وتاريخنا القومى حافل بكنوز المعارف والعلوم والأفكار والفلسفة التى قام غيرنا بالسطو عليها ونسبوها زورا لهويتهم .
الرواية: شوق المستهام
الروائية: سلوى بكر
الناشر: مركز الأهرام للنشر 2016
رابط دائم: