البرازيل، بلد السامبا وعاشقة الساحرة المستديرة، تستضيف يوم الجمعة القادم أوليمبياد ريو دي جانيرو 2016، علي مدى 17 يوما ويشارك بها أكثر من 12 الف رياضي من 205 دول ليتنافسوا في 28 رياضة، ويستقطب هذا الحدث العالمي نحو 450 الف سائح .
ومن المتوقع حضور نحو 45 من رؤساء الدول والحكومات الأولمبياد لمتابعة منافساتها، من بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ورئيس الارجنتين موريسيو ماكري.. ولكن بقدر ما ستجلبة تلك الأوليمبياد من سعادة وإنتعاشة للبرازيل بقدر ما فرضت تحديات وصعوبات جمة عليها ربما تكون قد أستطاعت تجاوز بعضها، ولكن مازال هناك الكثير من الأزمات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وغيرها من مظاهر الاهمال وتفشي الفساد والتلوث والتهديدات الإرهابية التي قد تنال من مجهوداتها في تنظيم الأوليمبياد بالشكل الأفضل.
نجحت المخابرات البرازيلية في الإيقاع بخلية إرهابية، تضم 10 أفراد كانوا قد أعلنوا ولاءهم لداعش وتأييدهم لأفكار التنظيم المتطرفة، وكانت تخطط للقيام بأعمال إرهابية في 9 ولايات برازيلية خلال فعاليات الأوليمبياد. وتبين أن الخلية التى أطلقت علي نفسها إسم »أنصار الخلافة» روجت لنفسها عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعي، مما جعل الأجهزة الأمنية تخترق حسابات أعضائها وتراقب محادثاتهم. وقد تم القبض عليهم قرب الحدود مع البارجواي وذلك أثناء تسلمهم أسلحة من البارجواي بعدما تم الاتفاق عليها من موقع لبيع الأسلحة.
ورغم وصف السلطات لهم بـ»الهواة» إلا أنهم أكدوا أن التهديد مازال قائما، فقد يكون هناك غيرهم محترفون يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الأبرياء أثناء الحدث الرياضي، وتمثل تلك الخلية الظهور الأول للتنظيم في أمريكا الجنوبية. ففي ظل ظاهرة الذئاب المنفردة، ويسعي التنظيم لإستقطاب عدد من البرازيليين له وحثهم علي القيام بعمليات إرهابية تثير الذعر بين الحاضرين.
وقد ذكرت ريتا كاتز، مدير مجموعة «سايت» المعنية بمتابعة الجماعات الارهابية والحركات المتطرفة، لصحيفة «يو اس ايه توداي» أن وسائل التواصل الأجتماعي أصبحت الوسيلة الأسهل والأسرع لنشره أفكاره المتطرفة حول العالم، لذا فقد دشن صفحة تواصل اجتماعي مترجمة للبرتغالية من أجل أستقطاب المزيد من ساكني أمريكا الجنوبية بشكل عام والبرازيليين بشكل خاص بل دعاهم بشكل مباشر إلي القيام بعملية تشبه التى تمت في أوليمبياد ميونخ 1972. لذا فسوف يتم نشر نحو 85 الف جندي وشرطى وأفراد أمن آخرين لتأمين الاوليمبياد، وهو أكثر من ضعف قوات التأمين التى نشرت لتأمين اوليمبياد لندن 2014. إلا أن تلك الجهود لم تطمئن الشعب البرازيلي، حيث سخرت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الأجتماعي من الجهود الأمنية قائلة:» لم تنجح أجهزة الأمن الفرنسية ولا الألمانية في صد الهجمات الإرهابية .. فعل ستنجح البرازيل ؟!»
بكتيريا البحيرات
« ما أن وطأت قدماي مطار جاليليو الدولي بالبرازيل حتي بدأت أشم رائحة بشعة وكأنني محاط بالصرف الصحي .. ولكنني أكتشفت أن تلك الرائحة تأتي من إحدى البحيرات، التى تضم كما هائلا من الزجاجات الفارغة والأوعية البلاستيكية والفئران النافقة، والتى حولت البحيرة لشئ أشبة بصرف صحي» .. هكذا أستهل جوليس بوكوف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باسيفيك الأمريكية، مقالته في صحيفة «نيو يورك تايمز»، والأدهي هو أنه من المفترض أن تلك البحيرة ستشهد منافسات بطولة التجديف والقوارب. فالعديد من الأبحاث والتجارب الطبية أثبتت وجود ما يسمي بـ»بكتيريا سوبر» وهي بكتيريا مقاومة للعقاقير، حيث إنه تم نشر دراسة في 2014 تؤكد وجود تلك البكتيريا باحد الشواطئ في خليج جوانابارا حيث تقام مسابقات التزلج وركوب الأمواج خلال الدورة الاوليمبية. كما أظهرت دراسات أخرى، عرضها علماء في مؤتمر العلوم بشأن العناصر المضادة للميكروبات والعلاج الكيماوي في سان دييجو، وجود الميكروبات في خمسة من الشواطئ النموذجية في ريو دي جانيرو من بينها شاطئ كوباكابانا المطل على المحيط حيث تقام منافسات السباحة في المياه المفتوحة والسباحة ضمن منافسات الثلاثي، والشواطئ الأربعة الأخرى هي ايبانيما وليبلون وبوتاجوفو وفلامينجو. وقد تضمن مقال الـ»نيو يورك تايمز» شهادة أستاذ علم الفيروسات بجامعة البرازيل، فرناندو سبيليكي، الذي أكد أن عملية تنظيف مياه ريو أقل من المعدلات التي تم التخطيط لها في البداية، لذلك فان نسبة التلوث أعلى بكثير من المستويات المتوقعة، مما يهدد بالتسبب في أمراض صحية كبيرة مثل الإصابة بالعدوى البكتيرية يصعب علاجها في الجهاز البولي والمعدة والرئتين ومجرى الدم وغيرها من فيروسات الكبد وفيروس الروتا الذي يسبب الاسهال والقىء، والتي يمكن أن يكون قاتلة للأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة. وقد أكد د. سبيليكي أن نسبة الأصابة بتلك الأمراض في حال السباحة في تلك المياه تصل لـ 99 %. وقد ذكر براد بروكس، مدير مكتب أسوشيتيد برس السابق في ريو دي جانيرو أن ما يحدث في البرازيل جريمة بيئية بكل المقاييس، وتساءل: «إذا كان هذا حال البحيرات في ظل الاستعدادات للأوليمبياد .. فكيف سيكون حالها بعد الانتهاء منها؟ بالطبع سيكون أسوأ بمراحل، وأضاف أنه طبقا لشهادة أطباء مدينة ريو أن 40 % من مرضاهم تعود أمراضهم للتلوث .
انسحاب الرياضيين خوفا من زيكا
في واقعة تعد الأولي في التاريخ، أعلن عدد من الرياضيين في مختلف الالعاب انسحابهم من المشاركة في الاوليمبياد، وذلك بسبب تخوفهم من الإصابة بفيرس زيكا، وأبرزهم التشيكي توماس برديتش الثامن عالميا في التنس، والكندي ميلوس راونيتش، المصنف السابع عالميا، والرومانية سيمونا هاليب المصنفة الخامسة عالميا في منافسات كرة المضرب. كما انسحب ابرز نجوم لعبة الجولف جايسون داي، وجوردان سبيث وروري ماكلروي، علما بأن هذه الرياضة تعود الى الدورة اللاوليمبية بعد غياب طويل دام 112 عاما. وجاء ذلك في الوقت الذي أعرب فيه علماء بريطانيون، عن تخوفهم من إمكانية تسبب المشجعين الذين سيحضرون الأولمبياد فى نقل الفيروس إلى بريطانيا. وذكرت صحيفة «ديلى تلجراف» البريطانية، أنه رغم انخفاض فرص إصابة الرياضيين البريطانيين المشاركين فى الأولمبياد أو مشجعيهم بالفيروس، إلا أن الباحثين حذروا من إن خطر نقل عدوى زيكا للبعض ونقلها لبريطانيا لا يزال قائما. وثبت بالفعل إصابة 50 شخصا بالفيروس فى بريطانيا بعد زيارتهم للدول التى انتشر فيها منذ عام 2015. والآن يتوقع سفر آلاف البريطانيين إلى البرازيل من أجل الاوليمبياد. وحذر العلماء البريطانيون من أن الفيروس ينتقل عن طريق الاتصال الجنسى، وأوصوا أى شخص تظهر عليه أعراض زيكا أن ينتظر لمدة 6 أشهر قبل محاولة إنجاب طفل، فالفيروس ليس خطيرا بالنسبة لمعظم الناس لكنه خطير للغاية بالنسبة للنساء الحوامل أو اللاتى يحاولن إنجاب طفل، لأنه يؤدى لولادة أطفال مصابين بتلف فى المخ وتظهر أحجام رؤوسهم أصغر من العادى. في حين اكدت دراسة نشرت مؤخرا ان «مخاطر ضئيلة» تتربص بالوافدين الى الاولمبياد ازاء تعرضهم للاصابة بالفيروس ونشرت هذه الدراسة من قبل مجلة طبية امريكية، وتتوافق مع ما اوردته منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الامريكية في وقت سابق. ورأت الدراسة، ان 3 من الى 37 شخصا من اصل مئات الالاف ممن سيقيمون في البرازيل لمتابعة اوليمبياد ريو، قد يحملون معهم الفيروس لدى عودتهم إلى ربوع الوطن. وذكر جوزف لينوارد الباحت في كلية الصحة العامة التابعة لجامعة يال في هذا الاطار: «هناك مخاطر ضئيلة للاصابة بفيروس زيكا في الالعاب الاوليمبية، مقارنة مع العوامل الاخرى التي تساهم في تفشي الفيروس على امتداد العالم اجمع». واعتبر البرت كو أستاذ علم الاوبئة في جامعة يال أن «المخاوف إزاء فيروس زيكا مبالغ فيها». ورأت المراكز الامريكية الفيدرالية للوقاية من الأمراض ومراقبتها (سي دي سي)، ان أقل من 1% من 500 الف شخص من المتوقع قدومهم الى البرازيل لحضور الاوليمبياد، معرضون للاصابة بفيروس زيكا.
القرية الاوليمبية .. وسوء التنظيم
ومن ناحية أخري وفيما أعتبره البعض بداية غير موفقة تدل علي سوء تنظيم الدورة. رفضت أستراليا نقل لاعبيها إلى القرية الاوليمبية بمدينة ريو دي جانيرو بسبب مشاكل تتعلق بحالة الإقامة فيها، منها انسداد المراحيض وتسرب المياه من الأنابيب والأسلاك المكشوفة والسلالم المظلمة حيث لم يتم تركيب أي مصادر إضاءة. وتضم القرية، التي تشمل 31 مبنى وبلغت تكلفتها 1.5 مليار دولار، ملاعب تنس وأخرى لكرة القدم وسبعة حمامات سباحة وستستضيف 18 ألف لاعب ومسؤول في ذروة الألعاب. وقالت تشيلر رئيسة الوفد الأولمبي الأسترالي إنه جرى الاستعانة بالمزيد من أفراد الصيانة وأكثر من ألف من عمال النظافة لإصلاح المشاكل الموجودة في القرية، لكن هذه المشاكل، وخاصة المتعلقة بأعمال السباكة، لم يجر إصلاحها. لكن ادواردو بايس عمدة مدينة ريو رد على الانتقاد الأسترالي بالقول إن القرية «أكثر جمالا» من سيدني خلال استضافتها أولمبياد عام 2000. ثم أعرب رئيس الفريق النيوزيلندي روب وادل عن «خيبة أمله» لعدم إستعداد القرية بالشكل الأمثل، مضيفا أن «الأمر لم يكن سهلا»، لكنه أشار إلى أنه من خلال «القليل من العمل الشاق»، أصبحت المرافق جاهزة لاستقبال أول الوفود القادمة من اللاعبين.
رابط دائم: