الأب البخيل نقمة ليس على الأبناء فقط ولكن على الأسرة كلها.. وقد تتفاوت نسبة البخل بين أب وآخر، ولكن فى النهاية تكون النتيجة واحدة وهى إما تهكم الأبناء عليه أو نبذهم وكرههم له..
يقول د. محمد السيد عبد الرحمن أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الزقازيق إن الشخص البخيل لا يمكن القول إنه مضطرب نفسيا، لكن التوصيف الأمثل له أنه شخص ليس لديه القدرة على العطاء ولديه شخصية نرجسية تعشق ذاتها، ونتيجة حبه الشديد لذاته لا يعطى الآخرين ما يملكه حتى ولو كانوا أولاده. وينبه، أن الزوجة والأولاد لابد أن يكونوا على وعى تام بأسباب البخل لدى رب أسرتهم ومحاولة علاجها أو التعامل معها بقدر المستطاع، وأبرز تلك الأسباب أن يكون قد عانى منذ طفولته من معاملة والديه الخاطئة، والتى كانت تتسم بالبخل الشديد وعدم المنح، وعندما أصبح ربا لأسرة تعامل مع أبنائه بنفس الأسلوب لأن ما يتعلمه الطفل فى الصغر يمارسه فى الكبر.
من أهم أسباب بخل الأب أيضا شعوره بالخوف من المستقبل والقلق من مفاجآته غير المتوقعة التى قد تكون صعبة ومؤلمة، لذلك يكون الملاذ الوحيد لحماية الأبناء هو المال، فهو يعتقد أن ادخار كل أمواله يكون فى مصلحتهم بغض النظرعن الحرمان الذى يعيشون فيه فى الوقت الحاضر.
كما يعتقد البخيل أن الغنى والثراء يجعلان منه محل تقدير وترحيب من الآخرين، دون أن يدرك أن الآية قد انعكست حيث ينظر إليه الجميع على أنه الشخص الثرى غير المعطاء فيفقد الكثير من احترامهم له.ويضيف أن البخل له مردود سلبى على الأسرة فكثيرا ما نسمع عن حالات الطلاق التى يرجع السبب الأول فيها إلى بخل الأب فيعانى الأبناء الحرمان الشديد، الأمر الذى يدفع الزوجة إلى الهرب بأولادها من هذا الجحيم.
كما أن الأب البخيل كثيرا ما تقع بينه وبين أبنائه خلافات حادة قد تصل إلى قتل الأب، وكثيرا ماسمعنا وقرأنا حوادث من هذا القبيل فى وسائل الإعلام.. ولاشك أن بخل الأب لابد أن يلقى بظلاله على سلوكيات الأبناء، فمع الوقت يكتسبون نفس الصفة ويسلكون نفس السلوكيات التى يقوم بها، فهم لا يجاملون أحدا ولا يكونون كرماء مع زملائهم مما ينعكس بشكل سلبى على علاقاتهم بالآخرين فصداقاتهم قليلة لأن الناس تحب دائما الشخص الكريم وتلتف حوله. يوضح د. عبد الرحمن: قد ينحرف سلوك أبناء البخيل أحيانا فيلجأون إلى السرقة حتى يكون لديهم مثل ما يملكه الآخرون، أو على الأقل مضايقة من حولهم لإحساسهم بأنهم يمتلكون الكثير وهم محرومون.. وهنا ينبغى على الأم أن تلجأ إلى العلاج النفسى للأبناء، فهم يحتاجون إلى برامج إرشادية لتنمية الإيثار والرغبة فى التضحية وذلك تحت إشراف أساتذة الصحة النفسية.
وغالبا مايقع على الزوجة العبء الأكبر فى إنقاذ الأسرة، لذلك ينصحها الدكتور محمد السيد عبد الرحمن بمحاولة تغيير سلوك الزوج عن طريق تنمية الجانب الدينى لديه، فهو يخفض حدة البخل، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان معطاء، وعلى الزوجة أن تضرب للزوج نماذج بأشخاص كرماء وتتحدث عن شهامتهم ورغم ذلك لم يصابوا بالفقر، كما عليها أن تتحلى بالصبر حتى تعبر بأبنائها إلى بر الأمان.
رابط دائم: