رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

إنقلاب تركيا.. هدية أم نقمة؟

انقرة: سيد عبدالمجيد
ما إن فشل الأنقلاب العسكري «العجيب»، إلا ووجد القاصى والدانى، ليس بداخل الأناضول فحسب بل في أركان الدنيا الأربع ، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يزعق منتشيا فخورا، واصفا ذاك الحدث، الذي كان يفترض أنه جلل أصاب سمعته في مقتل، بأنه هدية من الله، ولم يمض الوقت الكثير، حتى يتبين المراقبون الفحوى والمغزى من صرخة رئيس يريد أن يهيمن على كل شئ في وريثة الإمبراطورية العثمانية والتخلص بذات الوقت بمن ساعدوه وتقاسموا معه مخططاته للوثوب للسلطة حتى لا يزاحموه في مغانمها .

إذ تلاحقت التطورات في سرعتها الجنونية ، وكانها تسابق الزمن ، كاشفة عن الهبة التي أعطتها له السماء ، فها هي مئات القوائم وقد ضمت آلاف الأسماء والمعدة سلفا تطفو على السطح على نحو يحسد القائمون عليها من فرط دقتهم وتصيدهم للمناوئين والمعارضين المحتملين، وبما أن جميع من فيها هم خونة وأعداء فقد صدرت الأوامر بوضعهم وراء القضبان، في مشاهد غير مسبوقة ، بيد أنها لم تحدث في أشد الانقلابات قسوة وعنفا والتي مرت بتركيا وتحديدا ما قام بها الجنرال كنعان أفرين عام 1980 ، وهي ما جعلت رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رنزي ، يعلق قائلا «إن أنقرة تضع مستقبل (تركيا) في السجن»، إضافة إلى أنها تعيد البلاد ، وهي التي تعافت لعقود من عار الممارسات القمعية الموصومة بها بلدان بالعالم الثالث ، إلى دائرة الشبهات في إنها، وهي المتطلعة لعضوية الاتحاد الأوروبي، تنتهك وتعذب المعتقلين وفقا لتقرير لمنظمة العفو الدولية.

وهكذا تخطى الأمر من عقاب الانقلابيين (الذين أساءوا للجمهورية أبلغ إساءة ) ليتحول إلى انتقام ممنهج ، بشكل اوحي إلى أن القرار بشأنه كان أتخذ بالفعل ، فقط أنتظر اللحظة الحاسمة التي جاءت وعكس ماهو شائع على « طبق مرصع بالأحجار الكريمة النادرة « ،

وبالتالي لا يمكن تفويتها ، فثمة بلد جديد ولد عقب الخامس عشر من يوليو (الهدية) ، وفقا لما أعلنه أردوغان نفسه ، وهذا التاريخ المفصلي سيصبح اعتبارا من العام القادم عيدا يمثل «الارادة الشعبية» يحتفل فيه الاتراك بنصرهم على الانقلاب من أجل صون الديمقراطية .

أي أن الأخيرة موجودة وراياتها عالية وما تم من إنجاز في ذلك اليوم العصيب والذي «أستشهد لأجله عشرات الشهداء كان لصونها وحمايتها وتلك هي المغالطات والدليل على ذلك ما تندر به كثيرون ومازالوا عبر وسائط، ليس من بينها الميديا المرئية ، وهي إجمالا باتت حكومية رغم أن معظمها مملوك للقطاع الخاص، كيف .. هذا هو الواقع؟ فمعظمها وبعد سلسلة طويلة ومخططة من الترهيب والإغراءات والإمتيازات (كان الداعية الإسلامي فتح الله جولين أحد مهندسيها إبان عهد الصداقة الحميمة قبل أن تقطع أوصالها) باتت اردوغانية الهوى والعقيدة معا ، وشاشتها بدون توجيهات رئاسية وعت الدرس وتزيلت من تلقاء نفسها بشعار (اردوغان) لا يبارحها «قلب واحد لأجل الديمقراطية» وإمعانا في التزييف تم التسويق وعلى نحو هستيري للحرية التي كاد «الارهابيون بزي عسكري» ان يقتلعوها من جذورها ثم جاء نائب رئيس الحكومة المسئول عن القطاعات الاقتصادية والمالية محمد شيمشك ليضع القول الفصل والنهائي ألا هو «أن الديمقراطية بتركيا تعيش أزهي عصورها على وجه الإطلاق»

وعلى هذا المنوال انطلق العدالة والتنمية من خلال البلديات بعموم الأناضول والتي بحوزته ، لشحذ المواطنين بالتظاهر والإعتصام بالساحات لــ «نصرة وصون الديمقراطية» وعلى المنابر بالمساجد تعالت الصيحات التحفيزية صباحا ومساء، ولم ينس الشيوخ بطبيعة الحال تذكير مواطنيهم بآيات بينات من الذكر الحكيم واحاديث شريفة بجانب مأثورات من التاريخ العثماني «العظيم» وجيمعها تدعو إلى الالتفاف حول قائد البلاد قاهر الانقلاب ورمز الديمقراطية .

لكن على ما يبدو أن الحاصل لم يأت وفق ما كان يطمحه أهل الحل والعقد بحشود مليوينه بصرخات هادرة تزلزل الخارج قبل الداخل ، بيد أن التجمعات في إسطنبول وأنقرة ومعظم من شاركوا فيها هم من أنصار العدالة والتنمية، إضافة إلى عشرات من اللاجئين السوريين باتت تتراجع أعدادها يوما بعد آخر غير عابئة بدعوات الرئيس شبه اليومية لهم بألا يتركوا الشارع.

أما على مستوى الاطراف وعمق البلاد فالمشاهد تظهر بوضوح «صفر» حاضرون. ورغم الجهود التي بذلك والامكانات التي سخرت إلا أن الغلبة كانت لسيارات «نصف نقل» أكتست بالإعلام الحمراء وصور أردوغان دون أن يكون هناك من يحملها، سوي نفر يعدون بالعشرات.

هذا عن البقاع القريبة أما البعيدة فلم يختلف الأمر، المثير أن أهالي مدينة أنطاليا الواقعة جنوب تركيا على البحر المتوسط كذبوا تصريحات مسئولين زعموا أن ميادينها اكتظت بالمواطنين في حين أن الحقيقة هو انهم يتحسرون على ما آلت إليه مدينتهم السياحية بركود سياحي وبسخرية لافتة طالبت شرائح بمظاهرات تعلن رفضها للسياسات الحكومية التي أدت إلى حالة الكساد االتي يعيشونها.

لكن في غمرة الهوس الديمقراطي المفتعل غير الحقيقي، لم يسأل اردوغان ونخبته المتآكلة لماذا كان الشروع نحو الانقلاب؟ ميدان تقسيم الشهير أجاب عن هذا السؤال يوم الأحد، وبعد أن زحف اليه الآلاف الذين كانوا اضعافا مضاعفة لانصار الحكم وميليشياته ، تلبية لدعوة حزب الشعب الجمهوري، حينما شدد زعيم الحزب كمال كيليتش دار أوغلو على ضرورة العودة اليوم وليس غدا إلى دعم أسس الجمهورية العلمانية في البلاد، التي تم الانقضاض عليها والعصف بها من قبل اردوغان وجولين الذي كان رفيقه عندما تلاقت المصالح قبل الرؤي.

كما أن الوقت حان للفصل بين السلطات ومنع توظيف منتسبي الجماعات الدينية في مؤسسات الدولة هذا ما نادي به كيلتش، أما المشاركون فرفعوا لافتات كتب عليها «ندافع عن الجمهورية والديمقراطية»، ولم ينسوا أن يعلنوا شجبهم لإعلان حالة الطوارئ، ومعارضتهم لأردوغان بيت القصيد في سلسلة الأزمات التي تعانيها تركيا خصوصا خلال السنوات الخمس الفائتة. فالحاصل ليست له علاقة بالديمقراطية لا من قريب أو بعيد فتلك تراجعت إن لم تكن وئدت، وأنما هو صراع محموم متأسلم على السلطة ومن ثم فتركيا حتما ستكون أفضل بدون اردوغان ومعه جولين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    mohammad daoud ali ahmad abdo // Alex. Univ.1964 -
    2016/07/28 06:26
    0-
    0+

    آثار الحضارة الفرعونية ليست بعيدة في سفح جبل الثورى القريب إلى الجنوب من سور القدس بمعبد فرعوني مهجور
    ألتّنفيع : مفهومية فعلية بشرية واقعة بسمة الحياة الإجتماعية كجغرافيا لمصلحة تفضيل منفعة الجَمع العام على منفعة الأفراد الخاصة ... مفهومية الدّين اليهودي الذي يسجل التاريخ لربما قبل ٥٠٠٠ سنة أن ظهر في أطوار سيناء في بقعة على أرض آسيا تتوسط تقريبا ألجزر القارية الثلاثة : آسيا وأوروبا وأفريقيا وقريبة من أرض فلسطين في بلاد الشام ومدينتها المقدّسة : ألقدس باللغة العربية .. أورشليم بالعبرية .. جِروسالم بلغة الحضارة البيزنطية ... ولذلك لاحظ جغرافيّا مسألة تبعية سيناء لمصر كحضارة فرعونية قديمة في وادي النيل بأفريقيا ... ومسألة القدس كمدينة تاريخية بمؤهل سكاني قبل ٥٠٠٠ سنة تقريبا .. ألحضارة المسيحية هي الحضارة البارزة // داخل أسوار مدينة القدس كسور يقال أنه بني في عهد الحكم العثماني لفلسطين// ممثلة بكنيسة القيامة .. وإلى الشرق من القدس القديمة يقبع جبل صهيون أو الطور أو الزيتون وفي سفحه من الغرب تقبع كنيسة العذراء مريم حيث أمضت فترة حملها بسيدنا عيسى ولربما في هذه الأثناء بنيت كنيسة القيامة داخل أسوار القدس مع المسجد الأقصى في رحاب مغارة بداخلها صخرة أعطيت سمات القداسة الدينية ... آثار الحضارة
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق