يوافق اليوم الذكري الرابعة والستين لثورة يوليو 1952، التي وضع بذرتها الاولي التنظيم السري لضباط الجيش (الضباط الأحرار فيما بعد)
والذي أسسه وثبت دعائمه البكباشي (مقدم) جمال عبدالناصر، وفجر شرارتها الاولي وأنقذها من الفشل القائمقام (العقيد) يوسف صديق وصدر بيانها الاول صباح 23 يوليو باسم اللواء محمد نجيب، فمجرد ظهور اسمه كقائد للثورة نالت التأييد الكامل من العسكريين والمدنيين علي حد سواء فتحولت من انقلاب عسكري إلي ثورة شعبية. فبكل الصدق والامانة يجب أن نسجل تاريخيا أن ثورة يوليو حدث مهم قام وأتم دوره ولا يمكن محو صفحته ولا هدم آثارها.
لقد أسهمت هذه الثورة في تغيير الدنيا من حولنا وتجديد شباب الامة العربية فهي التي غيرت من الداخل شكل الهرم الاجتماعي فاعطت الفئات المحرومة حق التعبير عن نفسها وسجلت صفحات مجد خالدة متمثلة في طرد الاستعمار وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي وتوزيع الملكية الزراعية وتكافؤ الفرص.. إلخ.
وكانت البلاد تأمل في جني ثمار هذه الثورة البيضاء، وأن يتمتع الشعب بحياة كريمة في ظل حكم ديمقراطي سليم، وهذا ما أكده الرئيس جمال عبدالناصر في أول أكتوبر 1952 في مجلة (التحرير) وكذلك في خطابه في 25 نوفمبر 1961 امام اللجنة التحضيرية، ولكن سرعان ما تبدلت الامور بين الرئيس محمد نجيب وزملائه من ضباط الثورة ووصلت الأزمة إلي نقطة اللاعودة فحسمت الخلافات السياسية لمصلحة الرئيس عبدالناصر.
وبعد إقصاء الرئيس محمد نجيب في 14/11/1954 أو حتي هزيمة 5 يونيو 1967 ظهرت في تلك الفترة مراكز قوي (مجموعة من الشلل أصابت البلاد بالشلل) كل يعمل لمصلحته الخاصة فصدرت القرارات الظالمة من تأميمات وفرض حراسة والقاء الأبرياء في السجون والتنكيل بهم، وطال الظلم عدداً كبيراً من الضباط الذين تحملوا المسئولية ليلة قيام الثورة حيث غابت مفاهيم الديمقراطية وسيادة القانون.
وأشار الرئيس أنور السادات إلي هذه الفترة في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكري 25 للثورة عام 1977 حيث قال بالحرف (ان ثورة 23 يوليو عملاقة في انتصاراتها وإنجازاتها وعملاقة ايضا في انحرافاتها وأخطائها، لقد أخطأنا في حالات كثيرة فظلم أناس أبرياء ممن سقطوا في غمار هذا التحول العظيم).. تحية إجلال وإكبار لضباطنا الابطال في كل مكان .. وغفر الله للذين ظٌُلموا وللذين ظلَموا وسبحان من له الدوام.
د. رفعت يونان
عضو الجمعية التاريخية واتحاد المؤرخين العرب
رابط دائم: