رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المخدرات خطر يهدد الشرق الأوسط

طارق الشيخ
الشرق الأوسط تحول إلى بؤرة صراعات متعددة المستويات. وقد أدى تفاقم عدم الاستقرار بالمنطقة إلى إتاحة الفرص أمام تنامى خطر مدمر جديد يحيق بها وبالعالم. إنه خطر المخدرات.

ولا تمثل المخدرات خطرا منفردا فى ظل تزايد مؤشرات ارتباطها بنشاط الإرهاب الدولى والجريمة المنظمة وهو الأمر الذى أكدته وحذرت منه المنظمات الدولية والإقليمية مؤخرا.

فقد أكد الدكتور محمد بن على كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، أن تجارة المخدرات أصبحت جزءا رئيسيا وأساسيا من عملية تمويل الإرهاب والإجرام، وكذلك عرقلة مجالات التنمية على كافة الأصعدة.

وذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامى لمجلس وزراء الداخلية العرب أن تجارة المخدرات أصبحت تعمل على زعزعة اقتصاديات الدول، وتهديد أمن واستقرار الدول، والاخلال بالأمن والسلم العالميين، فضلا عن تقويض صحة الإنسان، خاصة الشباب والمراهقين الذين يشكلون بقدراتهم وطاقاتهم عدة الحاضر وأمل المستقبل، وتدمير الحياة الأسرية التى تعد نواة بناء المجتمعات السوية، وتساعد على انتشار الأوبئة والأمراض كفيروس نقص المناعة المكتسب والتهاب الكبد الوبائى.

وأشار الدكتور كومان الى أن آفة المخدرات ظاهرة عالمية، لا تقتصر على بلد دون آخر أو منطقة دون غيرها، بل هى جريمة عابرة للحدود تنفذها عصابات منظمة تستهدف المجتمعات جميعها مهما اختلفت درجة رقيها وتقدمها، داعيا المجتمع الدولى إلى القيام بما يجب من سياسات وإجراءات وقائية للحد من انتشار هذه الآفة بكافة الوسائل والإمكانات المتاحة.

وفيما يتعلق بالخطر المحدق بالمنطقة العربية فقد تمت الإشارة إلى ما شهدته المنطقة مؤخرا من انتشار غير معهود للحبوب المخدرة والمخدرات المصنعة التى أخذت تنتشر بشكل ملحوظ ومتزايد بين الشباب والأطفال، نتيجة وقوف عصابات الجريمة المنظمة وراء ذلك الانتشار لتحقيق مكاسبها المادية التى تقدر بمليارات الدولارات، من خلال هيمنتها على مناطق تفتقر الى سبل العيش الكريم والاستقرار الأمنى بسبب الظروف السائدة فى بعض دول المنطقة.

ولم تنبع تلك التحذيرات العربية من فراغ، فقد أشار «تقرير المخدرات العالمى لعام ٢٠١٦» الصادرعن الأمم المتحدة إلى أنه على تخوم الشرق العربى وتحديدا فى جنوب غرب آسيا توجد أهم مراكز إنتاج الأفيون عالميا. ففى تلك المنطقة توجد أفغانستان التى تقدر المساحات المزروعة بخشخاش الأفيون على أراضيها بصورة غير مشروعة بـ ١٨٣ألف هكتار وهى مساحة تكفل لها أن تستأثر بنحو ثلثى المساحة المزروعة بخشخاش الأفيون فى العالم!! وقد أعلنت إيران المجاورة لأفغانستان أنها تمكنت من تنفيذ أكبر عمليات ضبط لمواد أفيونية فى العالم فى عام ٢٠١٤ حيث إستأثرت وحدها بنسبة ٧٥٪ من إجمالى مضبوطات الأفيون فى العالم و٦١٪ من مضبوطات المورفين فى العالم و١٧٪ من مضبوطات الهيروين فى العالم.

ولاتعود النتائج السابقة إلى يقظة السلطات الإيرانية بقدر ما يمكن إرجاعها إلى حقيقة مقلقة تتمثل في أن «درب البلقان»،وهو الطريق الذى يمد أوروبا بالمواد الأفيونية الأفغانية، يمر بشكل مباشر عبر الأراضى الإيرانية والتركية بوصفهما القناة الأهم للإتجار بالهيروين.

وهناك أيضا «الدرب الجنوبى» الذى يمر عبر باكستان وإيران بحرا متجها نحو منطقة الخليج العربى وأفريقيا وتحديدا سواحل شرق أفريقيا.

أما الكوكايين فقد زاد إنتاجه عالميا خلال عام ٢٠١٤ بمقدار ١٠٪ مما انعكس على زيادة انتشاره فى أفريقيا كما زادت الكميات المهربة منه إلى الشرق الأوسط.

ووفقا للتقرير الدولى فإن القنب الذى يصنع منه البانجو والحشيش ما زال منتشرا بدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وبلاد الشام حيث تمثل الأسواق الرئيسية «لراتنج القنب» الذى ينتج معظمه فى المغرب وأفغانستان.

أما المخدرات الصناعية مثل «الإكستاسى» فقد زاد تدفقها على المنطقة وهو ما ترجمته زيادة أحجام الكميات المضبوطة من تلك النوعية من المواد المخدرة خلال عام ٢٠١٤.

فقد تم الإبلاغ عن ضبط كميات كبيرة من أقراص الأمفيتامين المعروفة باسم تجارى «الكابتاجون» فى الشرق الأوسط خلال الفترة مابين مارس ٢٠١٤ ونوفمبر ٢٠١٥ ولوحظ أن معظم المضبوطات من تلك المادة يعود مصدرها إلى سوريا ولبنان، كما لوحظ أن جهود عصابات التهريب تتجه إلى نقل تلك المادة لنشرها فى دول أخرى بالمنطقة.

وفى عام ٢٠١٦ بدأت بعض الدول فى الإشارة صراحة إلى العلاقة بين تجارة المخدرات فى المنطقة من جانب وتمويل الأطراف المسلحة من غير الدول بما فيها المنظمات الإرهابية.

وقد أصبحت الموارد المتولدة عن أنشطة الأسواق غير المشروعة مثل أسواق المخدرات، تقوم بدور فى تعقيد النزاعات المسلحة وإستمراريتها،فى ظل وجود ضعيف لسلطة الدولة.

فقد تناقلت وسائل الإعلام التركية ما جاء بـ «تقرير الإرهاب الممول من تجارة المخدرات»، الصادر عن وزارة الداخلية التركية، والذى أشار إلى أن عائدات المنظمات الكردية المسلحة المناوئة لأنقرة من زراعة «القنب الهندى» المخدر، بلغت نحو ١٧٠ مليون دولار، فيما وصلت أرباحها من تجارة المخدرات فى العام إلى مليار ونصف المليار دولار.

وأشار التقرير إلى أن المنظمات الإرهابية لجأت، إلى تجارة المخدرات لزيادة مصادر تمويلها، وأن عائداتها من المال الناجمة عن إنتاج ونقل وتوزيع وبيع المخدرات، أصبحت المصدر الأول لتمويلها. وأوضح التقرير أن العمليات الإرهابية والحروب وعدم الاستقرار السياسى، هيأ أجواء ملائمة لزراعة وتجارة المخدرات.

كما تم توجيه أصابع الإتهام إلى «حزب الله» فى لبنان إستنادا إلى معلومات تم تسريبها فى الغرب تتهم «حزب الله» بتلقى تمويل ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ تجارﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ، ﻳﺪﺧﻞ فى ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻬﺮﻳﺐ والمخدرات ﻭغسيل ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ. ولمواجهة تنامى خطر انتشار المخدرات فى المنطقة لايوجد فى ظل الظروف الحالية سوى طريق التعاون الجماعى ودعوة المجتمع الدولى إلى «تبنى وتنفيذ» سياسات وإجراءات وقائية للحد من انتشار المخدرات وتجارتها بكافة الوسائل والإمكانات المتاحة.

ان التصدى لمشكلة المخدرات العالمية يتطلب، على حد قول بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة، «استجابة مدروسة وموحدة من الحكومات»، إنطلاقا من أن «الاتجار غير المشروع بالمخدرات يعزز شبكات الجريمة المنظمة عبر الوطنية وتفشى الفساد واستشراء العنف، وهو ما يشكل بدوره خطرا كبيرا يهدد الصحة العامة ويتضرر منه ملايين الناس بشكل مباشر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق