تصرخ الأم فى وجه ابنها المراهق وتقول له إن سيدنا «مصعب بن عمير» كان داعية اسلامى فى المدينة ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، والاسكندر الأكبر بدأ الفتوحات وبناء المدن وهو فى مثل سنك، وغيرهما من الأبطال التى تتذكرهم الأم وتستنكر على ابنها ما توفره له من امكانات عظيمة ومع ذلك لا يتحمل المسئولية بالقدر الكافى.
تتجاهل الأم ما تقوله الدراسات التربوية بأن عبارات المديح لها أثر السحر على بناء الشخصية، هذا ما توضحه د. منى عبد الغنى أستاذ علم نفس جامعة عين شمس قائلة: مرحلة الطفولة هى البذرة التى تنمو وتتضح معالمها عند الوصول الى سن المراهقة، لذلك يجب على الآباء أنت يعلموا أطفالهم أن الحياة ليست وردية وأنه قد لا يستطيعوا أن يلبوا لهم كل طلباتهم.. فالطفل المدلل، أو الذى ينشأ فى بيئة يسودها القهر والتسلط كلاهما يكون أكثر عنادا فى مرحلة المراهقة، لذا ننصح الآباء بعبارة (كن صديقا لابنك قبل أن تكون له آمرا،فهو ليس جنديا ينتظر الأوامر،حاوره وتناقش معه) لأن طبيعة العصر اختلفت، فهناك مؤثرات يصعب حصرها اليوم كالانترنت والقنوات المتنوعة.
تنصح د. منى بضرورة تعرف الأم على سمات مرحلة المراهقة بالقدر الكافى كى تستطيع التعامل معه، ومن أهمها الشعور بالتناقض فى المشاعر ويرجع ذلك الى التغيرات الجسدية والنفسية التى تجعله فى حيرة من كيفية التعامل مع الآخرين، فاذا تصرف كطفل سخر منه الكبار والعكس صحيح، مما يجعله يلجأ الى التحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وبناء شخصيته الاجتماعية، لكنه فى الوقت ذاته لا يستطيع أن يبتعد عن والديه، لأنهما مصدر الأمان والطمأنينة والجانب المادى أيضا، وهذا التعارض بين الحاجة الى الاستقلال والتحرر يجعل المراهق يشعر بالحيرة والتمرد فيلجأ الى العناد والتمسك برأيه.
لذا على الآباء منحه قدراً من الحرية تحت اشرافهم، مع مراعاة وضع حدود معه كاحترام الوقت وتحديده، واستخدام أسلوب العقاب والثواب بما يتناسب مع طبيعة شخصيته مع استخدام أساليب التشجيع والثناء كالابتسامة، الاحتضان ومسك الأيدى، مع ضرورة تفهم مشاكله والبحث معه عن حلها، والاهتمام بتوجيهه الى الأصدقاء الصالحين..على أن يكون،ا أيضا قدوة حسنة ومثلاً أعلى، والحرص على احترام أسراره وخصوصياته، وعدم السخرية منه أبدًا.. لا يمكن أيضا تجاهل أهمية مبدأ الشورى فى الأسرة، لأن تطبيقها يجعل المراهق يدرك أن هناك رأياً ورأياً آخر ولا بد أن يحترم، ويعلمه ذلك أيضاً كيفية عرض رأيه بصورة عقلانية منطقية، ويجعله يدرك أن هناك أموراً استراتيجية لا يمكن المساس بها.
تضيف لكن ان لاحظت الأم على المراهق بعضالاضطربات السلوكية للتعبير عن نفسه وأحاسيسه ورغباته بطرق غير لائقة كالصراخ أو السب أو السرقة أو القسوة والجدل دون هدف أو التورط فى المشاكل، أو رفض الاحتكاك بالناس، وتبرير التصرفات بأسباب واهية، والنفور من النصح، والتمادى فى العناد بشكل مبالغ فيه عليها باللجوء الى المتخصصين للاستشارة أو العلاج..
ومن أساليب العلاج هى ادراك المراهق للمسئوليات التى تقع عليه، وكيفية الوفاء بالأمانات، واشغاله بالأنشطة الخيرية، وتصويب المفاهيم الخاطئة فى ذهنه، ونفى العلاقة المتشابكة بين الاستقلالية والتعدى على الغير، وتشجيعه على تكوين صداقة صالحة، وتنمية تفكيره الابداعى، وتشجيعه على القراءة والاطلاع، وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحديات وتحمل المسئوليات، واستثمار وقت فراغه وارشاده لبعض الطرق لحل الأزمات وكيفية مواجهة عدوان الآخرين بحكمة، وتعزيز السلوك الايجابى كاحترام الآخرين من خلال المدح والثناء، والابتعاد عن الألفاظ الاستفزازية ومشاهدة الأفلام والبرامج السلبية وتجنب التوبيخ. وأن يكون الآباء أصدقاء لأبنائهم لأن أبناء هذا الجيل منفتحون ويؤثرون فى بعضهم وينقلون تجاربهم ويقارنون بين أساليب تربيتهم اذ يشعر الابن بأن لا قيمة له فى البيت وبينما صديقه يتحدث عن والده الذى يحاوره ويتناقش معه.
رابط دائم: