رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

هكذا دمرت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق
13 عاما تم تنفيذ حرب استنزافية قضت على القدرات العسكرية وتجويع الشعب
الاحتلال فتح المجال لتشكيل الجماعات الإرهابية وأعطى فرصة ذهبية لإيران
تصنيف الشعب على أساس طائفى خلق الصراع وأسس لأزمات حقيقيةفى المنطقة
تقرير لجنة تقصى الحقائق البريطانى لن يفيد بعد تدمير العراق بالكامل

تقرير يكتبه ـ جميل عفيفى
اثار الدمار فى العراق
شهد الاسبوع الماضى تطورات عديدة بشأن تقرير لجنة تقصى الحقائق البريطانية عن الحرب التى شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضد العراق فى عام 2003، وبعد 13 عاما كاملة ادانت تلك اللجنة بريطانيا فى مشاركتها فى الحرب التى لم تكن مجدية،وقامت على اكاذيب عديدة من ضمنها امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل،

وايضا تهديد صدام حسين للامن والاستقرار ليس فى منطقة الشرق الاوسط فقط ولكن على مستوى العالم بأسره، وكان نتاج تلك الحرب تدمير دولة العراق بالكامل تحت مسمى الديمقراطية بينما يطلق عليها حرب تحرير العراق وكأن العراق كانت محتلة من الجيش الوطنى العراقي، وفتحت المجال للصراع الطائفى ليس فى العراق فقط، ولكن فى المنطقة بأكملها، كما انها كانت السبب الحقيقى لانتشار ظاهرة الارهاب واصبحت ارضا خصبة لتكوين تلك الجماعات، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد فقد راح ضحية تلك الحرب من اثارها اكثر من 150 ألف قتيل واكثر من مليون شخص مشرد.

لم تكن عميلة احتلال العراق وليدة اللحظة ولم تكن رد فعل على الارهاب الذى ضرب الولايات المتحدة فى 11 سبتمبر ، ووقتها اعلن بوش حربه على الارهاب وبدأ بأفغانستان ووصف وقتها ايران والعراق وسوريا بمثلث الشر والذى يجب القضاء عليهم، بل ان المخطط لاحتلال العراق منذ عام 1991 بعد عملية عاصفة الصحراء وتحرير دولة الكويت من الغزو العراقى وقتها- والذى كان السبب فيه الولايات المتحدة- وكان الهدف وقتها إيجاد عدو لدول مجلس التعاون الخليجى ، حتى تستطيع الولايات المتحدة انشاء قواعد عسكرية فى تلك الدول ووضع قدمها فى تلك البلدان الحيوية التى تسيطر على البترول العالمي.

وفى هذا الإطار بدأت فى إنشاء القواعد العسكرية، ولا تزال الولايات المتحدة الامريكية تنفذ خططها الطويلة المدى ضد العراق، فبدأت فى اللحظر الاقتصادى ثم النفط مقابل الغذاء، وفى تلك الاثناء وعندما قامت ببناء قواعدها العسكرية، فبدأت فى تنفيذ حرب استنزافية ضد الجيش العراقى استمرت لمدة 12 عاما قامت خلالها بتدمير البنية العسكرية بالكامل لدى العراق وفى نفس الوقت قامت بتنفيذ اكبر عملية حرب نفسية فى التاريخ ضد الجيش العراقى لبث الروح الانهزامية لدى افراد الجيش العراقي، وتخلل تلك الحرب اخرى اعلامية قوية استعرضت فيها قوتها وجبروتها وذلك لتمهيد الطريق للوصول الى الهدف المحقق، وهو احباط الفرد المقاتل العراقى وكذا المواطن العراقى الذى اصبح يائسا من العقوبات الاقتصادية وعدم المقدرة على توفير وسائل المعيشة مع تصدير الحرية والديمقراطية الى ذلك الشعب المسكين الذى ذاق ويلات العذاب على يد صدام حسين- هكذا صوروا له-.

و عندما تأكدت القيادة الامريكية من أن خططها التى تنفذ على الارض حققت اهدافها بدأت فى عد العدة لدخول العراق عسكريا واحتلاله بالكامل مع القوات الامريكية، وحددت فترة زمنية لذلك وهى شهر بالكامل للسيطرة على العراق، ولقد كنت شاهدا على ذلك حيث كنت اعمل محررا عسكريا للأهرام وقمت بتغطية تلك الحرب من خلال مرافقتى للفرقة (101) المحمولة جوا والتى كان مقر القيادة لها فى دولة الكويت وكانت تنفذ عملياتها فى الجنوب العراقى وبخاصة فى النجف وكربلاء، وكنت شاهدا انه قبل بدء العمليات العسكرية اكد لى قائد الفرقة ان الحرب سوف تنتهى فى خلال شهر واحد فقط ولن تزيد على ذلك وهو الامر الذى اتابع بدقة سير العمليات العسكرية التى لم أجد خلالها اية مقاومة تذكر من جانب الجيش العراقى بل ان الجنود العراقيين تركوا اسلحتهم ولم يطلقوا منها رصاصة واحدة فى المخازن فى المعسكرات.

ان فترة الشهر التى انتهت بعدها عمليات الاحتلال والسيطرة بالكامل على العراق كانت لنشر القوات الامريكية والبريطانية فى جميع المناطق ولم يتم استنفادها فى عمليات القتال الفعلى كما كانت تدعى القوات الامريكية.

اذن فكل شىء كان محسوبا ومدروسا بعناية فائقة وانه لن تكون هناك اى شكل من اشكال المقاومة فقد سقطت العراق بالكامل قبل بدءالحرب بفترة طويلة .

واذا نظرنا على تبعات تلك الحرب وعملية الاحتلال بعد ذلك فسنجد الآتي:

أولا:أول قرار اتخذه بول بريمر اول حاكم امريكى للعراق بحل الجيش العراقى فى قرار لم يجد له مثيل فى التاريخ، نتج عنه ان هناك اكثر من 200 ألف شخص اصبحوا بلا عمل وليس لهم ولاء للدولة بعد احتلالها كما انهم مدربون على حمل السلاح والقتال بجانب الوفرة غير المسبوقة فى السلاح التى كانت فى ذلك الوقت اوجدت تلك الظروف ميليشيات مسلحة مختلفة تحولت فيما بعد الى طائفية ثم تطورت الى ان اصبحت تنظيمات ارهابية، بل ان أغلب عناصر تنظيم داعش فى العراق تقودها تلك المجموعات.

ثانيا: فتحت تلك الحرب المجال لايران للتغلغل داخل الاراضى العراقية وبخاصة فى مناطق الجنوب التى يقطنها اصحاب المذهب الشيعي، فقد استطاعت أجهزة المخابرات الايرانية من التسلل الى الجنوب وفتح مكاتب لها واستقطبت أعدادا كبيرة من العراقيين اصحاب المذهب الشيعى حتى يكون الولاء أولا واخيرا الى ايران وليس للدولة العراقية التى تهلهلت، وأغدقت عليهم بالمال وبالفعل تكونت تلك الجماعات الموالية لايران واخذت فى تدعيم عناصر بعينها للوصول الى السلطة، وتنفيذ المخطط الايرانى فى المد الشيعي، ولتكون تلك الخطوة بداية الانطلاق الى دول الخليج الاخري، وقد أعطت الحرب فرصة ايران الذهبية التى كانت تسعى اليها منذ بداية ثورتها .

ثالثا: صنفت القيادة الامريكية التى حكمت العراق فى ذلك الوقت الشعب على اساس طائفى ومذهبي، وبذلك كانت تلك الشرارة التى بدأت تكبر حتى اشعلت المنطقة بأسرها الآن، وأوجدت العداء بين ابناء الوطن الواحد بسبب الطائفية، وليس فى العراق، واكبر دليل ما حاولت ان تفعله ايران فى البحرين عام 2011 من اثارة فوضى طائفية ونزاع مزعوم وكذا فى معظم دول الخليج، وباتت التفجيرات والعمليات الانتقامية التى تتم فى العراق الآن بسبب الطائفية وتصنيف الشعب على هذا الاساس.

رابعا: نشر الفوضى فى المنطقة تحت مسمى الديمقراطية والفوضى الخلاقة التى تحدثت عنها كوندوليزا رايس .

خامسا: عندما تأكدت الولايات المتحدة وبريطانيا انهما فشلا عسكريا فى العراق، ومع ازدياد اعداد القتلى بين الجنود انسحبتا، وتركتا العراق غارقا فى مشاكله بين الطائفية والارهاب و الفوضى التى ضربت بجذورها فى المجتمع العراقى والتى لن ينصلح حالها إلا بعد عشرات السنين.

سادسا: عندما اقتنعت القيادة الامريكية أن الحل العسكرى لن يكون هو الحل الأمثل فيما بعد قررت ان تخلق صراعات فى بعض الدول من الداخل كما تفعل الآن فى سوريا فهى من اشعلت شرارة الثورة وهى من دعمت العناصر الارهابية الموجودة على الاراضى السورية، وهى من تسعى الآن الى تقسيم الشعب السورى الى طوائف ومذاهب مختلفة من اجل اثارة الفتنة والازمات وتقسيم الاراضى السورية الى دويلات وتكرار السيناريو العراقي، ولكن بطرق واستراتيجيات مختلفة .

ان الحرب على العراق واحتلالها هى السبب الحقيقى فيما آلت اليه منطقة الشرق الاوسط فى الوقت الحالي، وتبعاتها لن تنتهى خلال العقد الحالى بل ان الازمات فى تزايد فى الوقت الحالي، وعلى الرغم من تقرير لجنة تقصى الحقائق البريطانى فانه لن يفيد فى شىء فقد تم تدمير العراق بالكامل والتأثير على الدول المجاورة وأوجدت كيانات ارهابية لن يمحوها حتى محاكمة تونى بلير أو جورج بوش الابن، فهكذا تم تدمير العراق ومسلسل التدمير ايضا مستمر حتى الآن لدول اخرى .


[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق