رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تبادل طرد الدبلوماسيين حلقة جديدة فى التوتر الروسى -الأمريكي

موسكو د. سامى عمارة
فى توقيت مواكب لبدء قمة بلدان الناتو فى وارسو التى شهدت محاولات تبرير تكثيف حشودهم ومناوراتهم العسكرية على مقربة مباشرة من روسيا الغربية، بتصريحات تقول «إن روسيا ليست عدوا لبلادهم»، أعلنت موسكو قرارها بشان طرد اثنين من اعضاء السفارة الأمريكية ردا على طرد واشنطن اثنين من الدبلوماسيين الروس فى واشنطن .

واتهم نائب وزير الخارجية الروسية واشنطن بانها بادرت وكشفت عن عملية الطرد المتبادل رغم الاتفاق بين العاصمتين على الابقاء على قراريهما طى الكتمان ، فى نفس الوقت الذى تتباين فيه تصريحات الجانبين حول الاسباب الحقيقية لعمليات الطرد

المتبادل، والتى ثمة من يعزوها الى «شجار» بين احد رجال الشرطة الروسية من حرس السفارة الامريكية فى موسكو و«احد جواسيس» المخابرات المركزية لدى محاولة

هروبه الى داخل مقر السفارة الامريكية. فما هى ابعاد هذه «القصة البوليسية» من وجهتى نظر الجانبين؟ وكيف كان رد موسكو؟



القصة تعجلت نشرها صحيفة «واشنطن بوست» فى يونيو الماضى بعد ما يزيد على الاسبوعين من تكتم العاصمتين على تفاصيلها، وبعد ان كانت واشنطن اتخذت قرارها بطرد اثنين من اعضاء السفارة الروسية فى الولايات المتحدة دون ذكر الاسباب . وكان سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية سارع أمس الأول بالكشف عن ذلك فى تصريحات نقلتها عنه وكالة انباء«تاس»، مشيرا الى ان موسكو كانت اكتفت بالرد على هذه الخطوة غير الودية باعلانها اعتبار اثنين من موظفى السفارة الامريكية «شخصين غير مرغوب فيهما» لقيامهما بنشاط لا يتفق ووضعيتهما الدبلوماسية». واماط ريابكوف اللثام عن هويتى هذين الشخصين بقوله:» انهما ذلك «الشقى الليلي» الذى اعتدى على احد رجال الشرطة الروس من حرس السفارة الامريكية، وزميله الذى يتبع ايضا المخابرات المركزية الامريكية».

واعقبت الخارجية الروسية هذا التصريح باعلان ان الولايات المتحدة كانت البادئة، ولم تفعل روسيا سوى انها اتخذت الاجراء المماثل، ردا على ما قامت به السلطات الامريكية من طرد اثنين من اعضاء السفارة الروسية دون ذكر الاسباب، بل وبلغ الامر بمستويات عليا فى الخارجية الامريكية اقتراحها الاكتفاء بهذين القرارين دون الاعلان عن ذلك، وهو ما لم تلتزم به هذه السلطات». وسخرت الخارجية الروسية من الجانب الامريكى فى هذا الشأن بقولها: «وهكذا وكما نرى فان الوفاء بالعهد، ليس من شيم الدبلوماسيين الامريكيين» حسبما نشرته وكالة انباء «نوفوستي».

ونتوقف هنا لنعود الى بداية القصة التى كانت «واشنطن بوست» نشرت بعض تفاصيلها، فيما مضت قناة «ان تى في» الروسية الى ما هو ابعد، حين قامت ببث بعض مشاهد الحادث الذى وقع فى وقت متأخر من مساء السادس من يونيو الماضى دون الاشارة الى مصدر حصولها على ذلك الشريط الذى تناقلته فيما بعد مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت المصادر ان رجال المخابرات الروسية كانوا يلاحقون دانييل فان دايكين «سكرتير ثالث» السفارة الامريكية استنادا الى ما توافر لديهم من معلومات حول انه احد جواسيس المخابرات المركزية الامريكية، الذين طالما ارسلتهم لاداء مهاهم التجسسية من خلال «وظائفهم الشكلية» تحت سقف السفارة الامريكية. كان دانييل يتعجل العودة الى مقر السفارة فى قلب العاصمة هربا من ملاحقة مطارديه. وحين قفز من سيارة الاجرة التى كان يستقلها فى اتجاه مدخل المبني، واجهه رجل الشرطة الروسية من حرس السفارة، يطالبه بابراز هويته، وهو ما لم يمتثل له مندفعا نحو الباب الموصد بعد ان اصاب بكوعه وجه الشرطى حسب المصادر الروسية، الامر الذى جعل الاخير يندفع نحوه، ويطرحه ارضا للحيلولة دون ولوجه الى داخل مقر السفارة. ونقلت الصحف الروسية عن «واشنطن بوست» ما كتبته حول ان «الحارس الروسى الذى كان يرتدى «ملابس رجال المخابرات الروسية» اعتدى على الدبلوماسى الامريكى واصابه بكسر فى الكتف ورضوض وسحجات، ومع ذلك فقد استطاع الوصول الى داخل السفارة ليغادر موسكو فى اليوم التالى عائدا الى بلاده من اجل تلقى العلاج». وذلك قول يتسم بالكثير من «السذاجة» فى جزئه الذى يشير الى ان «حارس السفارة كان يرتدى زى رجل المخابرات الروسية»، وهو ما يبدو على خلاف مع الواقع الذى يقول ان رجال المخابرات لا يرتدون «زيا مميزا»، وان حرس السفارات الاجنبية لا يتميزون بزى محدد، حيث يرتدون ملابس رجال الشرطة، وإن كانوا يتبعون فى حقيقة الامر الى ادارة خاصة لحراسات مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية الاجنبية تابعة لجهاز الامن والمخابرات.

وبغض النظر عن حقيقة وتفاصيل ما جرى على مقربة من مدخل السفارة الامريكية وما قيل حول الاعتداء على «الجاسوس الدبلوماسي» فان ما نشرته الصحف الروسية وما اضطرت «واشنطن بوست» الامريكية فى مقالها الذى نشرته مؤخرا فى السابع من يوليو الحالى الى تاكيده، يقول ان «الدبلوماسي» الامريكى كان بالفعل احد رجال المخابرات المركزية الامريكية الذين يعملون فى موسكو. وكانت «واشنطن بوست» نقلت ايضا عن مصادر امريكية ما قالته حول ان هذا «الدبلوماسي» كان فى مهمة خاصة وحين شعر بان هناك من يتابعه تعجل العودة الى مقر سفارته خشية اعتقاله او القبض عليه. وبهذا الصدد ايضا قالت ماريا زاخاروفا الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ان «المواطن الامريكى خشى افتضاح امره وانه كان البادئ فى الاعتداء على الحارس الروسى الذى طالبه بابراز هويته لمعرفة شخصيته».

ورغما عن وضوح معالم الصورة وعقلانية السرد الروسي، من منظور الاعتراف بعمليات التجسس المتبادلة «المتعارف عليها» بين البلدين، فقد خرجت صحيفة «واشنطن بوست» ثانية فى 29 يونيو الماضى لتقول ان الحادث اثار ضجة عالية فى الاوساط الدبلوماسية ما جعل الخارجية الامريكية تستدعى السفير الروسى فى واشنطن سيرجى كيسلياك، بينما اشارت الى ان الغموض لا يزال يكتنف الكثير من جوانب الحادث. ونقلت عن دبلوماسى امريكى فى موسكو ما قاله حول ان زميله لجأ الى مقر السفارة طلبا للحماية وهربا من الوقوع فى ايدى اجهزة الامن الروسية. ونقلت الصحيفة عن «موظف امريكي» آخر فى موسكو ما قاله حول انه لا يستبعد ان يكون زميله «الدبلوماسي» عنصر مخابرات يعمل تحت سقف السفارة الامريكية. واعادت الصحيفة الى الاذهان تفاصيل حادث مماثل سابق وقع فى عام 2013 حين استطاعت اجهزة الامن الروسية اعتقال دبلوماسى امريكى يدعى رايان فوجل بتهمة محاولة تجنيد عدد من ضباط المخابرات الروسية لتعود وتطلق سراحه لاحقا وليغادر روسيا وهو ما ردت عليه واشنطن بالمثل. على ان الصحيفة الامريكية عادت واضطرت الى الاعتراف بان ما تقوله موسكو فى اطار تفسيراتها لما جرى يتسم بقدر من المنطق، وإن نقلت عن اليزابيث ترودو الناطقة باسم وزارة الخارجية الامريكية تصريحاتها حول ما يقوم به ممثلو اجهزة الامن والمخابرات الروسية خلال العامين الاخيرين من ملاحقات «ضاغطة» لموظفى السفارة الامريكية، والتجسس على اعضاء عائلاتهم، فضلا عن حضورهم الدائم للكثير من حفلات الاستقبال «بدون دعوة»، الى جانب كشفها عن ان جون كيرى وزير الخارجية الامريكية نقل الى الرئيس فلاديمير بوتين خلال لقائه معه فى مارس الماضى مثل هذه الشكاوي.

وكانت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية اكدت بدورها فى معرض ردها على هذه الاتهامات عدم جواز ما تفعله اجهزة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالى فى حق الدبلوماسيين الروس فى واشنطن، الى جانب ما اشار اليه سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية حول ان «موسكو تعرب عن املها فى ان تدرك واشنطن مدى إثم وعدم جدوى النهج الشرس المعادى لروسيا وتدرك أن السير على طريق التصعيد لن يبقى بدون رد».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    مصطفى قطب
    2016/07/11 07:36
    0-
    0+

    تغير الطواقم
    حتمية تغير الطواقم الدبلوماسية وتسوية الحقوق ونبذ الأطماع حتمية درء حرب عالمية جديدة يتحمل القادة مسئولية توابع الدمار الشامل المبنى على نتائجها
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق