رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المفكر الكبير السيد يس: مصر تسير بثبات نحو نموذج «الدولة التنموية»

حوار: ‎ كريمه عبد الغنى
قال الكاتب والمفكر الكبير السيد يس إن نموذج «الدولة التنموية» الذى تتجه إليه مصر بعد 3يوليو2013 يقتضى نوعا من التجدد المؤسسي،، لأنها لن تسير قُدما في ظل استمرار عمل المؤسسات القديمة أو في ظل مجلس النواب التقليدي

كما أشار في حواره بـ «الأهرام » إلى أهمية دور النخب والأحزاب التي شدد على ضرورة تجددها و تحولها لأحزاب تنموية وتركها الخطاب التقليدي وأن تتمتع بفضيلة النقد الذاتي للخروج من عثراتها وتشارك بفاعلية في وضع رؤى لخطط التنمية ،وإلى نص الحوار:

> ما هو تقييمك وقراءتك للمرحلة الراهنة، وفى آي اتجاه نسير؟

التكييف العلمي الدقيق لما حدث بعد 3 يوليو ، وانتخاب الرئيس السيسى رئيسا للجمهورية ، يشير إلى اننا نتجه بثبات نحو «الدولة التنموية»، والتي تُعرف بأنها الدولة التي تقوم بالتخطيط للتنمية القومية وتنفذها بأجهزتها ، وفي التاريخ المصري المعاصر هناك نموذجان للدولة التنموية ، دولة محمد على ، وجمال عبد الناصر بعد ثورة 1952، والعيب الجوهري في تجربة محمد على انه كان الصانع والمحتكر الأول ، أما في تجربة عبد الناصر تمثلت في استبعادها للقطاع الخاص من التنمية ، بإجراء التأميم ، والتمصير بعد عام 1956 ، ورَحل الأجانب ، ولكنه مع ذلك انشأ القطاع العام والذي نجح إلى حد كبير لتمكنه من إشباع الحاجات الأساسية لقطاع عريض من الشعب ، إلا أن استبعاد القطاع الخاص مثل مشكلة سلبية ،و كانت أهم عوامل فشل خطة التنمية الثانية في عهد ناصر، أما السيسى فوقف على هذه العيوب وتلافاها ، بل ويعد أول رئيس جمهورية يتفاوض مباشرة على التنمية في زياراته الخارجية، ويدرك تماما أن التنمية الشاملة والفعالة هي مدخل النهوض للمجتمع المصري . الذي يعانى من مشاكل كثيرة تلخصها مجموعة أرقام طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، كمعدل الأمية 26% وهذه كارثة ثقافية فى حد ذاتها ، و26 مليون مواطن تحت خط الفقر، 18 مليونا بالعشوائيات، وهذه معدلات تشير لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المصرية ، واستفحال الأمية يسهل غزو الأفكار المتطرفة عقول البسطاء .

> منظومة التعليم المصري وصلت حد الانهيار وتجلت أبشع صورها في فشل إدارة عملية امتحانات الثانوية العامة وتسرب الأسئلة وإعادة بعض المواد دون مراعاة لظروف الطلبة العصيبة وأسرهم، فما رؤيتك لكيفية تطوير تلك المنظومة؟

تدهور التعليم ظاهرة بدت منذ سنوات طويلة، وربما كانت زيادة الأعداد مع عجز الحكومات المتعاقبة عن استيعاب كل الراغبين في التعلم، بالإضافة إلى القصور الشديد في تأهيل المعلمين، وغياب رؤية عصرية للتعليم ، أدى كل ذلك لتكدس الفصول وعجز طلبة الابتدائية والإعدادية عن القراءة مما أدى إلى تدهور المنظومة برمتها ، ولإصلاح التعليم يلزمه رؤية جديدة ، فاليونسكو سبق له أن كلف الوزير الفرنسي السابق جاك ديلور بكتابة بحث عن التعليم في القرن الحادي والعشرين ،وهو صاحب مقولة هامة جدا ينبغي أن تكون مفتاح أي عملية لإصلاح التعليم في أي مكان ، حيث قال: «التعليم في القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يستمر مدى الحياة» بحيث لا ينتهي طالب العلم عند مرحلة أو شهادة البكالوريوس أو الليسانس، فمواكبة ثورة المعلومات المتدفقة والتجدد المعرفي تستلزم على خريج الجامعة أن يعود للدراسة كل فترة ليتلقى المعارف والمناهج الجديدة ، وهذا المبدأ في حال تفعيلة سيدعم إعادة هيكلة المدارس والجامعات ، ليصبح التعليم لمدى الحياة والمعرفة والمعلومات متجددة .

> كيف يمكن تطبيق ذلك ولاسيما أن هناك كثيرا من الطلاب خريجي إعدادية لا يفقهون القراءة أو الكتابة ؟.

القضية تحتاج جهود جماعية لخبراء التعليم في مصر ممن لديهم رؤية علمية وعصرية ومستقبلية للتعليم بعيدا عن العناصر التقليدية من بكليات التربية ، وعلينا البحث عن هؤلاء الخبراء وهم كثر في مصر ، ليشاركوا في لجنة قومية بمساعدة اللجان الاستشارية برئاسة الجمهورية لوضع إستراتيجية جديدة لإصلاح التعليم.

> ما رأيك في القول بنقل إحدى التجارب الناجحة في إصلاح التعليم ؟

لا يوجد شيء اسمه نقل ونسخ تجارب لدول بدول أخرى، فأي تجربة تحكمها الظروف المحلية بكل دولة ، ومن المؤكد الأجواء والظروف في البيئة المصرية تختلف عنها في دول أخرى فلدينا الريف والحضر والمناطق الحدودية والبدو والعشوائيات وتحتاج اطر تعامل تتناسب مع كلا منها ، ولكن من الممكن إعداد دراسات مقارنة للوقوف على مراحل وأسلوب عملها .

> الإعلام يمر بحالة من الارتباك والتخبط، كيف ترى ملامح هذا الارتباك؟

الإعلام مريض والدولة متخاذلة، فالقنوات الإعلامية الخاصة جميعها يمتلكها رجال أعمال استأجروا مجموعة من المذيعين من أنصاف المتعلمين وينهشون العقل المصري كل ليلة بقضايا تافهة لا أساس ولا قيمة لها بالنسبة للشعب المصري ، فالإعلام في هذه الأيام يقوم بتزييف وعى المواطن، وهذه المشكلة الأولى ، أما الثانية نشأت نتيجة الثورة المعلوماتية وما يسمى بالفيس بوك وتويتر، مع انه في دراستنا للإعلام قديما كان بها قاعدة حراس البوابات « رؤساء التحرير» والذين يقومون بالتقييم والتصفية بحيث لا ينشر إلا ما يتفق مع السياسة التحريرية والموضوعية، ومع مواقع التواصل والانترنت اختفى حراس البوابات ، وبات فى إمكان أي شخص لا يحمل سوى شهادة الإعدادية أن يكتب ويفتى في السياسة والاقتصاد والطب والثقافة عبر الفيس أو تويتر، وهذا عبث وللأسف الشديد أدى لحدوث انفجار داخل المجتمع ذاته لانعدام الرقابة على الانترنت، ومن السهل للفاشلين وأدعياء الثقافة كخليط غريب ومتنافر ترديد ونشر مهاتراتهم، حيث تصبح الشائعات حقائق فلا توجد معايير للصدق وثبات المعلومة ،وهذا الفضاء المعلوماتي عبر الانترنت أصبح فضاء فوضويا ويؤثر على اتجاهات الرأي العام في غيبة التنظيم له ، ولاسيما أن غالبية المشاركين ليس لديهم من العمق الفكري والتعليم الجيد الذي يؤهلهم لاحترام القواعد والنظم في العلوم المختلفة ، ويتيحوا لأنفسهم التعليق والفتوى في القضايا المختلفة سواء كانت اقتصادية أو علمية ، مما زاد من حجم الفوضى ، الأزمة ازدادت تعقيدا ، ولاسيما أنها تتعلق بأهمية التعليم الحقيقي وخاصا أن هؤلاء مروا بمراحل التعليم دون أن يتعلموا شيئا ، فثورة التعليم ستتحقق بتغيير العقل الاتباعى إلى النقدي والذي يطرح كل شيء للمساءلة، ولتأسيس للعقل النقدي في التعليم يلزمها ثورة تعليمية ولابد أن يكون لدى المدرس القدرة على الحوار و سماع الملاحظات النقدية وتدريب الطالب على التفكير المنهجي ، مما يلزمه ثورة كاملة من تأهيل المدرسين وفى مناخ الحرية والترسيخ للنقد الاجتماعي المسئول على القائم على أسس، ولاسيما أن علم الاجتماع يهتم بالمؤشرات الكمية والكيفية التي تؤهل لتوصيف الوضع الاجتماعي والثقافي توصيفا دقيقا لا زيف فيه وتساعد على عملية الإصلاح من خلال رسم خريطة واقعية للمجتمع

> من أين وكيف نبدأ إصلاح منظومة الإعلام وهل قانون الإعلام المنتظر يحمل كافة الحلول؟

القضية أكبر من القانون، فالقانون لن يعالج انخفاض الوعي الاجتماعي و المستوى التعليمي، فنحن نحتاج الالتزام بالمنهج العلمي بالتفكير في كافة المشاكل، فالحل يأتى بالتعليم ورفع الوعي الثقافي وتأسيس العقل النقدي واتباع سياسة ثقافية جماهيرية من خلال قصور الثقافة بالإضافة إلى ضرورة توسيع فرص الحياة أمام المواطنين.

> وماذا عن آليات ضبط أداء الإعلام والقنوات الفضائية؟

من الضروري أن يتم العمل من خلال المجلس الوطني للإعلام وان يشارك رؤساء وملاك القنوات الخاصة فى اجتماعاته وان يلتزموا بسياسة إعلامية واضحة تراعى الحد الأدنى من المهنية وعدم إثارة الجماهير وعدم بث البرامج التافهة وانتهاء حالة البلطجة الإعلامية ، فمن الضروري ألا يترك الإعلام لرجال الإعمال ليعبثوا فيه كما يشاءون ،، ولذ فنحن بحاجة إلى وضع استراتيجيه متكاملة تتعلق بالتعليم وربط الوعي الاجتماعي والثقافي ومحاسبة أصحاب القنوات والالتزام بسياسة تحريرية واضحة.

> من أهم مشاكل المجتمع المصري الثقافة والأخلاق وتدنى مستوياتها، فهل وقفتم على حجم المشكلة و آليات لمواجهتها؟

اطلعت على المؤشرات الكيفية لمشكلة الثقافة المصرية وأهمها ضرورة مواجهة مشكلة الأمية الأبجدية ، بالإضافة لأنماط الأمية الأخرى ، بالإضافة إلى انهيار النظام التعليمي بمحتوى تافه ، وعزوف الطلاب عن الذهاب للمدارس والتوجه للمدارس الخصوصية ، ولم يعد هناك تعليم حقيقي ، ويزيد على ذلك ازدواجية التعليم المدني والتعليم الديني ، فان يدخل طفل من الكتاب حتى حصوله على الليسانس في نظام التعليم الديني أمر يمثل مشكلة كبيرة ، لأنه نظام يقوم في الأساس على النقل وليس العقل ، كما انه لا يجوز أيضا فصل التعليم الديني عن المدني ، لان التعليم الديني المنفصل لن يمكن من تعليم الطلاب من معرفة شيء عن العلوم المعاصرة ، و لاسيما أن التكوين العقلي يحتاج لتعدد المعارف، ونفس الأمر ينطبق على التعليم المدني بحيث لا يجوز أن لا يتعلم الطالب تعاليم الدين في مناهج الدراسة ،، ولهذا اقترحت أن تدرس أصول الفقه في المناهج الدراسية لأني اعتبرها مناهج البحث الإسلامية التي تسمح بالتفسير الصحيح للآيات القرآنية ، حتى يتمكن كل من يقرأ النص الديني من آية قرآنية أو حديث التفسير الصحيح لمضمونه ، وهذا يحقق المبدأ الإسلامي المتفق عليه بأنه « لا كهانة في الإسلام « وليس هناك وسيط بين المسلم وربه ، وهذا الأسلوب سيحمل الطالب مسئولية قراءة النص ، وتفسيره بذاته وتمكنه من التمييز بين الفتاوى الصحيحة والمضللة ، دون أن يضطره للجوء و الخضوع للفتاوى الجاهلة من السلفيين وغيرهم زعماء التخلف الفكري في مصر ، فمن الواجب أن نوفر للطالب أداة منهجية تسمح له بفهم النصوص الدينية فهما صحيحا ، وهذه الأداة تتمثل في علم أصول الفقه ،

> كيف نواجه هذه المشاكل وسبل التعامل معها؟

التغيير واطر مواجهة هذه النوعية من المشاكل التي يئن منها المجتمع يحتاج لسياسة ثقافية جديدة ، وقد كلفني المجلس الأعلى للثقافة في عهد الدكتور جابر عصفور ، بإعداد هذه السياسة ، وتم مناقشتها من قبل لجان متخصصة، وهى تحوي إجابات على كل التساؤلات ، وبها ملامح أساسية لمواجهة التدهور الشديد في الأحوال المصرية ، وفقا للإحصائيات الرسمية والتي الذي يجب العمل عليها في المرحلة الراهنة بالتوازي مع تنفيذ خطط التنمية القومية « و التي أعلن عنها الرئيس .

> وما تقييمك لاستراتيجية مصر 2030»؟ وأوجه النقد فيها ؟

هذه الرؤية الاستراتيجية لها أهداف وآليات ، ولكنى أجد فيها بعض الملاحظات النقدية ، أهمها أنها لم تنطلق من رصد المؤشرات الكمية والكيفية للواقع المصري، والتي في إمكانها أن تشير إلى أولويات التنمية ، ومن ناحية أخرى كان ينبغي عرض هذه الرؤية على حوار مجتمعي قبل إعلانها ليناقشها الخبراء والرأي العام ، ويوجه لها النقد ، وتُرشد ، لتكون وثيقة ملزمة للجميع ، فقضية الدولة التنموية معقدة ويحتاج لتضافر جهود المصريين لتحقيقها واقعا ، وهو الأمر الذي يدركه رئيس الدولة وعبر عنه حين قال في احد خطاباته قائلا» لا يمكنني العمل بمفردي ، بل على الجميع أن يساعدوني ويعملوا معي»

> من وجهة نظرك، ما الدور الذي يجب أن يقدمه المجتمع بنخبه وأحزابه ومنظماته لتحقيق التنمية و لتفعيل ديمقراطية المشاركة واقعا ؟

من الضروري على مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية أن تتجدد وتتحول لأحزاب تنموية ، وان تكون لها رؤية واضحة المعالم ومحددة للتنمية ، وتقرأ خطط الدولة قراءة نقدية ، وتقدم سياسات بديلة إن أمكنها هذا ، وعليها ترك الخطاب التقليدي ، والعمل على إعادة صياغة برامجها ورؤيتها وتوجهاتها ، وكذلك منظمات المجتمع المدني يجب أن يكون لها دور فعال في مجال التنمية، وألا تقنع بمطالبات حقوق الإنسان السياسية والتي نعتبرها من الحقوق الأساسية ، ولكن السؤال هنا ،،أين حقوق الإنسان الاقتصادية ، كالحق في السكن والعمل والرعاية الصحية وفى المعاش ، وللأسف لا تهتم كثير من منظمات المجتمع المدني بهذه الحقوق ، وهذا يعد انحرافا في مسلكها ، وذلك نتيجة تركيز هذه المنظمات على التمويل الأجنبي وسبل الحصول عليه ، وهذا ما تستغله هيئات خارجية من مصلحتها تسليط الضوء والتركيز على الحديث عن الحقوق السياسية دون غيرها من حقوق للإنسان ، وإذا كان لزاما على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أن تكون تنموية ، فعلى النخب السياسية والثقافية ضرورة أن تتجدد معرفيا ،، فالعالم تغير، ونشأ ما يسمى الزمن العالمي «والعولمة بكل أبعادها السياسية والثقافية بتغيرات جوهرية عما سبق لانهيار الاتحاد السوفيتي ، وللأسف النخب لدينا لا تقف على منطق هذه التغيرات، لعدم تمتعها بفضيلة التجدد المعرفي أو الفهم العميق لمنطق هذه التغيرات ، ولذا تأتى خطاباتهم فارغة من المضمون بعيدا عن جذور القضايا ، وهذه أهم النقاط التي رصدتها في أثناء لقاء المثقفين مع الرئيس ، فاغلب حديثهم كان انطباعات يبعد عن الرؤية والدراسة ، نتيجة عدم متابعة النخب بالقدر الكافي ما حدث من تغيرات في العالم .

> وكيف يمكن تغيير هذه المفاهيم واطر العمل التقليدية، وملاحقة التغييرات العالمية من وجهة نظرك؟

هذا سؤال مهم،، فنشأة الدولة التنموية بعد يوليو ، يقتضى نوعا من التجدد المؤسسي ، فالدولة لن تسير قُدما في ظل استمرار عمل المؤسسات القديمة أو في ظل مجلس النواب التقليدي ، ولن تجدي نفعا ، كما أن على كل أطراف المعادلة السياسية ضرورة التجدد،، مع صياغة رؤى محددة لمستقبل المجتمع ، في ظل رؤية تنموية واضحة المعالم لتكون أساس لقرأتهم النقدية لخطة الدولة التنموية ،وهذا كله لن يحدث إلا بعد أن يطبق الجميع النقد الذاتي ، وللأسف الشديد هذا المبدأ فضيلة غربية وليست عربية ، ففي الغرب لديهم تقاليد لممارسة النقد الذاتي ، وابرز مثال لهذا « لوسبان رئيس جمهورية فرنسا الأسبق « في وقت ولايته للدولة حزبه الاشتراكي خاض الانتخابات وهزم فيها ، وعلى الفور تقدم باستقالته من الحزب وأعلن اعتزاله السياسة تكفيرا عن أخطائه في إدارة الحملة الانتخابية ، وكذلك المفكرين يمارسون النقد الذاتي حين يخطئون ، والأحزاب المصرية في أمس الحاجة لتطبيق مبدأ النقد الذاتي للخروج من عثراتها ولإنهاء مشاكلها وصراعاتها الداخلية بوضع مبادئ ملزمة للجميع.

> في الوقت الذي ترى فيه إن الدولة تسير في اتجاه الدولة التنموية بنجاح، آخرين يرون عكس ذلك ولا يشيدون بإحراز أي تقدم ؟

هناك سؤال بسيط أود طرحة في هذا الشأن ، ماذا عن مشاريع الإسكان الاجتماعي ، وألا يلمسون حجم الانجاز فيها ؟ خاصة وان الإسكان جزء أصيل من برنامج العدالة الاجتماعية ، والتي تعتبر حسب توصيف علماء الاجتماع هي توسيع فرص الحياة ،سواء بالحق في العمل والسكن والعلاج والتأمينات الاجتماعية ، ومن الواضح من تصريحات الرئيس الأخيرة بأنه لن يترك العشوائيات ، وأظن أن انتشال سكان من عشوائيتهم وتسكينهم في وحدات سكنية كريمة من صميم العدالة الاجتماعية .

> وماذا عن معاناة المواطنين من الأزمات الاقتصادية؟

هذا حديث لا اقبله وخير دليل على هذا كم الطلبات التي قدمها المواطنين مؤخرا لحجز وحدات الإسكان الاجتماعي وتعدت ال700 ألف طلب ، كما أن حديثي ينصب على جهود الدولة التنموية منذ تولى الرئيس السيسى وقدر الانجاز الذي تحقق ، وأظن أن انجاز قناة السويس الجديدة ومشروع الإسكان الاجتماعي والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من مشاريع تنبئ عن الخطى في مسار صحيح للرئيس والحكومة ،،ويجب أن تكون هناك نظرة موضوعية وايجابية لما ، يتم انجازه في ظروف بالغة الصعوبة وفى مرحلة تاريخية وفارقه تمر بها البلاد ، وضرورة تقدير محاولات الحكومة لسيطرة على الأسعار وتوفير احتياجات المواطنين ، فليس من المنطقي أن نتوقع حل كافة مشاكل مصر خلال العامين، والحكم على الدولة التنموية بالنجاح أو الفشل من واقع أراء الخبراء المختصين بناء في قضايا محددة كسد عجز الموازنة أو بناء المصانع والمساكن وإقامة المشروعات، وليس من فلاسفة المقاهي أو تشوهات السوشيال الميديا من أنصاف المتعلمين والجهلاء.

> هل ترى اننا طالما نسير في طريق بناء الدولة فعلى المواطنين تحمل أعباء المرحلة دون شكوى؟.

القصة ليست في تحمل المواطنين لمزيد من الأعباء ، ففي أثناء لقائنا مع الرئيس ، ذكرت له انه من الأفضل للدولة أن تستخدم لغة التخطيط وان يبلغ المواطنين بخطط المدى القصير أو المتوسط وطويلة المدى ، وهذا مثلما صرح مؤخرا بان مشكلة سكان العشوائيات ستنتهي خلال عامين ، فاطلاع المواطنين على لغة التخطيط أمر في غاية الأهمية حتى لا يتملكهم الإحباط ، وعلى الجميع أن يعلموا أن تحقيق العدالة الاجتماعية لن يتحقق كاملا قبل 15 عاما من الآن ، لأنها تقتضى إعادة صياغة أنساج المجتمع وتعديل العلاقة المنحرفة بين الطبقات ، والقضاء على اللصوص من قاطني القصور والمنتجعات التي يتعدى ثمن الوحدة فيها الـ 6 ملايين جنيه، ومعظمهم من لصوص أراضى الدولة التي نهبت بعهد مبارك في أبشع صور للفساد، وآخر ملمح لفساد حقبة مبارك القرار بانقضاء الدعوى الجنائية المقامة ضد احمد نظيف رئيس وزراء مبارك في قضية الكسب غير المشروع ، وخروجه لهذا السبب وليس بالبراءة كما يعتقد البعض ،ودفع نظيف مقابل خروجه وعدم حبسه خمس سنوات 97 مليون جنيه ، فما تاريخه لكي يحوز مثل هذا المبلغ ، غير انه كان أستاذا في كلية الهندسة ثم وزير اتصالات ، ثم تولى رئاسة الوزراء.

فالعدالة الاجتماعية تقتضى القضاء المبرم على الفساد ورجاله وإنصاف طبقات الجماهير العريضة التي حرمت طويلا من وتوفير الخدمات الأساسية لها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق