رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

انقرة تغير استراتيجياتها بعد فشلها فى السيطرة على دول عربية بدعمها للإرهاب

تقرير يكتبه ـ جميل عفيفى
هل اصبحت منطقة الشرق الاوسط وبالاخص الدول العربية حقلا للتجارب والمزايدات؟السؤال يطرح نفسه بقوة بعد عملية التقارب التركى الروسى والاعتذار التركى عن اسقاط المقاتلة الروسية، وكذا التقارب الجديد بين تركيا واسرائيل بعد فترة جفاء قاربت الخمس سنوات، فربما تحاول تركيا ان تكون لاعبا اساسيا فى جميع الازمات التى تتعرض لها المنطقة بعد دورها المشبوه فى الدول العربية بعد ثورات الربيع العربى ودعمها للجماعات الارهابية فى محاولة لتخريب تلك الدول، وان تكون لها الكلمة العليا فى إعادة تقسيم المنطقة.

ربما بعد فشل المخططات التركية عن طريق دعم الارهاب والارهابيين، والتدخل فى شئون الدول العربية وبالاخص ما فعلته فى سوريا خلال السنوات الاخيرة من تخريب والتعاون مع الجماعات المتطرفة، وخاصة إمدادهم بالسلاح مقابل البترول، وكذا العراق، وعندما تأكدت ان هذا الاسلوب لن يكلل بالنجاح وتحقيق أهدافها المرجوة، وتيقنت ايضا ان روسيا اصبحت لها اليد الطولى فى المعادلة السورية، وان أهدافها لن تتحقق مادامت فى حالة عداءمع الادارة الروسية ، فقررت العودة مرة اخرى الى روسيا لاعادة العلاقات مرة اخرى معها، فربما فى القريب العاجل تتمكن من ان تدخل طرفا فى المعادلة فى سوريا ولكن هذه المرة من خلال المفاوضات مع الجماعات الارهابية لوقف القتال، كما ان تركيا تعلم رغم عضويتها فى حلف الناتو الا انها لن تنضم الى الاتحاد الاوروبى ، كما ان حلف الناتو لن يكون له كلمة قوية فى ظل السياسة التركية الداعمة للارهاب فى الشرق الاوسط.

أما بالنسبة الى اسرائيل فمن المعروف ان تركيا هى الداعم الرئيسى لحركة حماس ، كما ان علاقاتها باسرائيل وخاصة العسكرية اهم بكثير من دعمها لحماس أو اى جهة اخرى تقف فى وجه اسرائيل، لذا قررت اعادة علاقاتها وتعهدها بعدم تنفيذ حماس أى عملية عسكرية ضد اسرائيل.

ان الوضع الان اصبح يشكل اتجاها مغايرا فى السياسة التركية تجاه المنطقة و من المعروف ان الادارة التركية تسعى بكل الطرق إلى فرض هيمنتها بعد فشلها فى الوصول الى هذا الهدف بدعمها للارهاب،إلا انها بدلت خططها فى الوقت الحالى، ولكن الاهم من ذلك ان تتعرف الدول العربية جيدا على الدور التركى الجديد الذى تحاول ان تلعبة ضد دول المنطقة، وان يكون هناك حذر واضح فى ظل المخاطر والتهديدات التى تعصف بالمنطقة .

ان منطقة الشرق الأوسط وبالأخص الدول العربية تتعرض للعديد من الأخطار والتهديدات التى تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى العربي،

وذلك فى ظل التهديدات المستمرة من الوجود الإسرائيلى فى قلب الوطن العربي، ومن بعده محاولات التقسيم ومن خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير، ثم ثورات الربيع العربى التى تحولت فجأة إلى حروب أهلية فى ليبيا و سوريا واليمن ، البعض يسعى من خلالها إلى الوصول للحكم على حساب الكل، والمحاولات الايرانية للتغلغل داخل الدول العربية ومحاولة السيطرة على بعض الدول التى يمكنها أن تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى العربى.

الأخطر من ذلك ما تشهده المنطقة من وجود حركات إرهابية مستحدثة على أرض الوطن العربى بدأت هى الأخرى فى الدخول فى صراع مسلح مع جيوش بعض الدول العربية والاستيلاء على بعض المدن وتنفيذ عمليات إرهابية، والسيطرة على مواقع بترولية مهمة، كل ذلك أثر بشكل مباشر على المنطقة العربية وأصبح الإرهاب فى الوقت الحالى هو التهديد المباشر للأمن القومى العربي.

إن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية يسعى بكل ما أوتى من قوة إلى ضرب أى تكتل عربى قوى لمواجهة التهديدات الجديدة ويسعى إلى تدمير الأمن القومى العربي، ومن ثم يسهل تقسيم المنطقة من جديد، والاستيلاء على الثروات، وإضعاف الجيوش العربية بعد إنهاكها فى حروب مع الجماعات الإرهابية التى زرعتها الولايات المتحدة لتكون الذريعة لدخول القوات الأمريكية والغربية مرة أخرى إلى المنطقة للقضاء على الإرهاب كما فعلت من قبل مع تنظيم القاعدة فى أفغانستان.

وإذا أردنا ان نتفهم الأمور بشكل أوضح فعلينا فى البداية أن نتعرف على العديد من الأبعاد فى الأمن القومى العربي

على الرغم من حداثة الدراسات فى موضوع «الأمن» فإن مفاهيم «الأمن» قد أصبحت محددة وواضحة فى فكر وعقل القيادات السياسية والفكرية فى الكثير من الدول، وقد برزت كتابات متعددة فى هذا المجال، وشاعت مفاهيم بعينها فى إطاره لعل أبرزها «الأمن القومى الأمريكى» و«الأمن الأوروبى» و«الأمن الإسرائيلى» و«الأمن القومى السوفيتى» قبل تفككه.

وفى مجال التوصل إلى مفهوم متفق عليه »للأمن«، فإنه يجدر بنا التعرف على ذلك المدلول فى إطار المدارس الفكرية المعاصرة.

«فالأمن» من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعنى «حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية».

ومن وجهة نظر هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق يعنى أى تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه فى البقاء.

ولعل من أبرز ما كتب عن «الأمن» هو ما أوضحه «روبرت مكنمارا» وزير الدفاع الأمريكى الأسبق وأحد مفكرى الإستراتيجية البارزين فى كتابه «جوهر الأمن».. حيث قال: «إن الأمن يعنى التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية فى ظل حماية مضمونة». واستطرد قائلاً: «إن الأمن الحقيقى للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التى تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية فى جميع المجالات سواء فى الحاضر أو المستقبل».



المفهوم فى النظام العربي:

بدأ الفكر السياسى العربى فى الاهتمام بصياغة محددة ومفهوم متعارف عليه فى منتصف السبعينيات، وتعددت اجتهادات المفكرين العرب من خلال الأبحاث والدراسات والمؤلفات سواء فى المعاهد العلمية المتخصصة، أو فى مراكز الدراسات السياسية، والتى تحاول تعريف ذلك الأمن، ولعل من المهم أن نشير إلى أن ميثاق جامعة الدول العربية، والذى وضع عام 1944م، وأنشئت الجامعة على أساسه فى مارس عام 1945م، لم يذكر مصطلح «الأمن»، وإن كان قد تحدث فى المادة السادسة منه عن مسألة «الضمان الجماعى» ضد أى عدوان يقع على أى دولة عضوة فى الجامعة، سواء من دولة خارجية أو دولة أخرى عضوة بها. كما أن معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى بين الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية والموقعة عام 1950م، قد أشارت إلى التعاون فى مجال الدفاع، ولكنها لم تشر إلى «الأمن»، ونصَّت المادة الثانية منها على ما أطلق عليه «الضمان الجماعى»، والذى حثَّ الدول الأعضاء على ضرورة توحيد الخطط والمساعى المشتركة فى حالة الخطر الداهم كالحرب مثلاً، وشكَّلت لذلك مجلس الدفاع العربى المشترك، والذى يتكون من وزراء الدفاع والخارجية العرب.

كما أُنشئت اللجنة العسكرية الدائمة، والتى تتكون من رؤساء أركان الجيوش العربية، هذا ولم تبدأ الجامعة العربية فى مناقشة موضوع «الأمن القومى العربى» إلا فى دورة سبتمبر 1992م، واتخذت بشأنه قرار تكليف الأمانة العامة بإعداد دراسة شاملة عن الأمن القومى العربى خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر تعرض بعدها على مجلس الجامعة.

وقد تم إعداد ورقة عمل حول مفهوم الأمن «القومى العربى»؛ لمناقشتها فى مجلس الجامعة العربية، وحددت الورقة ذلك المفهوم بأنه..

«.. قدرة الأمة العربية على الدفاع عن أمنها وحقوقها وصياغة استقلالها وسيادتها على أراضيها، وتنمية القدرات والإمكانات العربية فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مستندة إلى القدرة العسكرية والدبلوماسية، آخذة فى الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة، و الإمكانات المتاحة، والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، والتى تؤثر على الأمن القومى العربى».

هذا ولم تعرض الدراسة الشاملة عن الأمن القومى العربى على مجلس الجامعة، كما أن العديد من المفكرين عبَّروا عن قصور المفهوم الذى توصلت إليه اللجنة؛ حيث اتسم المفهوم بالغموض من جانب، والخلط بين التعريف والإجراءات من جانب آخر؛ ولهذا فإن الورقة أفاضت بعد ذلك فى تحديد إستراتيجيات العمل الوطنى فى جميع المجالات، ولم تحدد اختصاصات تنفيذ ومتابعة أىٌ منها.

فى النهاية يمكن القول: إن الفكر السياسى العربى لم ينته بعد إلى صياغة محددة لمفهوم «الأمن القومى العربى» يواكب تحولات المناخ الإقليمى والدولى و توازناته وانعكاسها على تصور وأبعاد هذا الأمن، وإن هذا الموضوع مازال مطروحاً للتحليل ومفتوحاً للمناقشة رغم كل ما كتب عنه، لذا فمن الواجب والطبيعى الآن أن يتم الوصول إلى المفهوم الشامل، ووضع الجماعات الإرهابية كتهديد أول وتغلغله فى المنطقة هو تهديد للاستقرار، كما أن وجود قوة عربية متماسكة تحت قيادة موحدة هو الهدف الرئيسى الآن، لمواجهة التهديد الإرهابى فى جميع دول المنطقة للقضاء عليه نهائيا، وحتى لا يجد الغرب الذريعة للتغلغل مرة أخرى إلى الشرق الاوسط لأن وجود القوات الأمريكية والغربية فى المنطقة معناه نهاية السيادة العربية.

[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق