رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

العطر القديم

حسان اللامى
شاهدها من بعيد وهو يتجول داخل المتجر الكبير ..ألجمته المفاجأة .. يبدو أنها تبتاع شيئا من قسم العطور . توجه ناحيتها وبصحبته ولده الصغير ..اقترب بحذر . لمح طفلة فى عمر إبنه تتشبث بيديها فى براءة ..

تشبهها تماما . إقترب أكثر .. لم تلتفت .. منهمكة هى فى معاينة مافى يدها وأمامها البائعة تبتسم مجاملة لها .. لوهلة إكتشف أن ماتتفحصه هو عطر ( إسكادا ) .. هو نفس العطر الذى أهداه لها فى لقائهما الأول منذ سنوات وأعجبت به وصار بعدها هو عطرها المفضل طوال علاقتهما معا كحبيبين سيتوجان هذا الحب بالزواج .. طلب من البائعة نفس العطر ويبدو أنها بوغتت فالتفتت له وتلبّستها الدهشة ..عادت بنظرها حيث كانت فى صمت لايخلو من توتر ..أما زلت تفضلينه حتى الآن ؟ يسألها فى صوت هامس حتى لاتلحظه البائعة والتى ابتعدت لتأتى بماطلبه .. هزت رأسها موافقة وبدا التأثر على ملامحها .. أمسك بزجاجته وظل ينظر إليها ومئات الأسئلة تعربد بداخله باحثة عن إجابات لكن بلا جدوى .. لم ترفع رأسها عن عطرها وملامحها كلها تقدم له اعتذارا غير مكتوب .

‎يعرف هو أسباب هذا الحرج الذى ألجمها لكن أسئلته لم تبارح عقله ومازالت تحرّضه على أن يطرحها عليها .. لماذا كان اختفاؤك المفاجىء أنت وعائلتك وقد كنا على وشك إعلان خطبتنا ؟ حتى الجيران أنكروا علمهم بموطنكم الجديد .. ماالذى دفعك للبعاد دون حتى وداع أو اعتذار ؟ لماذا لم ترسلى رسالة تشرحى موقفك الجديد بدلا من لهفتى الحارقة فى بحثى الدؤوب عنك ؟ وعاد بذاكرته لأيام جميلة خلت .. كانا يمرحان فى سعادة هنا وهناك ويتمتعان بحبهما الوليد والذى باركته العائلتان برغم الظروف المادية البسيطة التى كانت تحيط به فى بداية حياته الوظيفية . لكنه كان يعشقها عشقا صادقا بلا حدود وهى أيضا .. فجأة وجدها تنظر للصبى بجانبه مستفسرة بعينيها فقال : إبنى.. أشار للطفلة بجوارها .. إبنتك ؟ فهزت رأسها موافقة دون أن تنطق .. شعر للحظة أنها قرأت كل أسئلته وهى على

‎وشك أن تجيب .. لكنه قبل أن يهىء نفسه لسماعها فوجىء بمن يجىء نحوها على عجل وفى يده مجموعة من الكرافتات الغالية ويطلب رأيها ..أخذت هى فى معاينتها ثم وضع يده على كتفها محتضنا فى حنو بالغ وحرص من يخاف أن تتسرب من بين يديه ..إتجه بها ناحية باب الخروج ..تنظر له خلسة كأنها تعرب عن أسفها .. كانت قارورة العطر نائمة كطفل وليد فى كفيها .. هو يكبرها كثيرا فى العمر ويبدو أنه من أصحاب الثراء الفاحش .. لهجته غريبة وسمين لدرجة تبعث على الرثاء .. تحرّك وهو يبتسم فى مرارة واتجه خارجا هو الأخر وفى يده اليمنى قارورة عطره وفى اليسرى كان الصبى يشير بيده فى الهواء لشىء ما .. تلفت ليرى طفلتها ترفع يدها وتبعث لإبنه قبلة فى الهواء .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق