رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

زلزال الخروج .. ونهاية حلم تركيا فى أوروبا

أنقرة : سيد عبد المجيد
كاريكاتير يجسد تباعد حلم تركيا بالانضمام للإتحادالأوروبى وكأنها تراه من خلال تليسكوب
رغم الغضب وصياح أردوغان العاصف وألفاظه الحادة ، إلا أن قطاعات عريضة من الأتراك بمن فيهم ساسة ينتمون للعدالة والتنمية الحاكم وقادة بالمعارضة وقوميون متشددون، كانت تحدوهم أحلام يقظة في استمرار المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي حلم الأناضول الأسطوري مهما قيل العكس.

صحيح أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سخر منهم ومن بلادهم حينما أشار ( في إلحاح مستميت لتبديد مخاوف مواطنيه وفي ذات الوقت إستمالتهم للتصويت برفض الانفصال) إلا أن تركيا لن تطأ قدماها عتبة اتحادهم قبل ألف عام وتحديدا سنة 3000، إلا أنهم تجرعوا كأس الكلمات المخزية ، فليس بمقدورهم فعل شىء آخر، وما أطلقه رئيس جمهوريتهم من نعوت وإنتقادات للقادة الاوروبيين ( رغم تحفظهم عليها ) ليس سوى رد على كرامة جرحت وكبرياء يراد لها الإنكسار.

وها هو عمر تشليك الوزير التركي المكلف بشئون الاتحاد يتجاوز اللغط ويشدد على أن تركيا تشعر في الواقع بأنها دولة أوروبية، وأن لم تكن جزءًا من الاتحاد الأوروبي رسميا "، ومضي قائلا " نحن نريد أن نتعاون، وفتح فصول تفاوض جديدة وهو ما يسهم في إيجاد حلول مبتكرة للعديد من القضايا العالقة وهو ما سوف يعود بالفائدة على كل الأطراف، وسيعزز العلاقات بين بروكسل وأنقرة".

تأسيسا على ذلك كان اليقين يراود المتمسكين بحلم الانضمام للإتحاد الأوروبي بأن الصناديق التي شرع في فرز أوراقها عقب الاستفتاء التاريخي ستنتهي بالبقاء ، لكن سرعان ما تبددت الآمال وتبخرت ، وها هم يستيقظون على حقيقة غير سارة أبدا، وهي: أن اليمين المعادي دوما لكل ما هو تركي، انتصر وبات له الكلمة الفصل، وهو مشهد ربما يتبعه أخر في مؤشر لموجات شوفينية قد تؤدي لطوفان من الكراهية يعم القارة العجوز، وللحيلولة دون ذلك سيسعي قادتها إلى طمأنة مواطنيهم المتوجسين أصلا " بأنه لا مكان لتركيا في الإتحاد ببلدانه السبع والعشرين.

وهكذا تم تقويض أماني الانضمام للاتحاد على نحو يبدو نهائيا، بعد سبعة عشرة عاما من قرار قمة لكسمبورج الشهيرة عام 1999 التي وافقت فيه بعد جهود مضنية, قامت بها آنذاك الحكومة الائتلافية بزعامة الراحل بولنت إجيفيت، بقبول تركيا دولة مرشحة للعضوية.

والأيام المقبلة لن تحمل سوى المزيد من علامات الأستفهام، ولعل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وهو الأسعد الآن فقد رفض صراحة دون أي مواربة وهو في قصر الاليزيه يقود بلاد الغال أي حديث عن عضوية تمنح لوريثة الإمبراطورية العثمانية في العالم الاوروبي وكانه يردد حكمة زعيمه شارل ديجول ما لنا وتركيا التي تنتمي الى الشرق المعقد.

ومن ثم فالأفق غائم يسوده التشاؤم المفرط ، والدليل على ذلك الأحاديت التي دارت في الأروقة البعيدة عن النخبة الحاكمة ، وأكدت أن الفجوة الأوروربية مع الأناضول في تباعد بصورة تفوق السنوات الماضية، فتلك المرحلة الأمور فيها لم تكن محسومة، أما وبعد إختيار البريطانيين الطلاق من بروكسل حتى وأن لم يكن بائنا ، فقد إنتهي التردد والمرواغة والمماطلة، ليحل محلها الحسم، ولسان حالهم كلمة يوجهونها للترك إجمالا " ببساطة لستم هنا بيننا نحن معشر الأوروبيين المسيحيين".

والسؤال القديم الجديد: ترى هل الدين فقط هو الحائل ؟ كما ذهب أردوغان عندما وجه سخطه صوب مسئولي بالعاصمة البلجيكية زاعقا فيهم " أنتم ترفضون عضويتنا لأن غالبية شعبنا مسلمون، ولا يمكن لكم إثبات عكس ذلك" ، مدللا كلامه بتأكيد أحد وزراء خارجية فرنسا بشكل واضح وصريح، خلال أجتماع مع رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، بــ" أن تركيا تبذل جهودا لا طائل من ورائها من أجل عضوية الاتحاد الأوروبي ، و عند سؤالي للوزير حول سبب ذلك، أجاب لأنكم مسلمون".

لكن هذا هو النصف الفارغ من الكوب فماذا عن النصف الآخر؟

أنها الديمقراطية التي تراجعت والفضل فيها يعود إلى أردوغان الذي عصف حكمه الطويل بالكثير من المكتسبات في هذا الصدد ، ولازال يواصل تدميره للبقية الباقية من دولة القانون.

فرفضه تغيير تشريعات مكافحة الإرهاب أحد الشروط الجوهرية كي يحصل شعبه على إعفاء من تاشيرة شينجن ، والحجة التي يسوقها هي الخشية من إضعاف سلطات بلاده الأمنية على مواجهة هذه الظاهرة، وبالتالي منع وقوع هجمات ، الأمر الذي سيؤثر سلبا لا على تركيا فحسب بل على أوروبا " هو حق يراد به باطل . ولأن الأخيرة تعلم أن ما ردده اردوغان غير صحيح ، فالتشريعات بشكلها الحالي تتيح له محاصرة الصحفيين والكتاب وجميع مناوئيه.

وإمعانا في دحض مزاعمه وكشف القناع عن تسلطه تم منح جائزة (لايبزيج) الألمانية لحرية الإعلام، هذا العام للصحفيين جان دوندار وإرديم جول ، اللذين صدر ضدهما حكم بالسجن خمس سنوات في شهرمايو بتهمة التجسس ومساعدة الإرهابيين، وذلك بعد نشرهما تقريرا عن صحيفة"صحيفة جمهوريت يتهمان جهاز المخابرات التركي بتزويد متطرفين سوريين بالسلاح.

أيضا القيود المرعبة التي فرضت على القضاة والتنكيل بهم ونقلهم إلى أماكن بعيدة لإجبارهم على الاستقالة ، فبعد يومين من مطالبته على الفيسبوك وزير العدل التركي بالتنحي ، تلقى المدعي مندريس أريجان خطابا لنقله بأمر واجب التنفيذ فورا من إقليم في الغرب إلى مكان هامشي نسبيا بالشرق .

وخلال أيام ستشهد السلطة القضائية مذبحة جديدة تتم ملاحقة المعارضين والقضاة المشاغبين في إطار عملية واسعة النطاق لإعادة الهيكلة تشمل آلاف القضاة وممثلي الإدعاء في محاولة لإحكام اردوغان قبضته على المحاكم في الوقت الذي يسعى فيه لإجراء تعديلات دستورية تدعم سلطاته ضمن نظام رئاسي تنفيذي.

ووفقا لمسودة مشروع قانون سيتم عزل معظم القضاة البالغ عددهم 711 قاضيا في اثنين من أبرز محاكم البلاد، هما مجلس الدولة المختص بالقضايا التي يرفعها المواطنون ضد الحكومة، ومحكمة الاستئناف العليا. وهو ما وصفه نقيب المحامين الأتراك متين فايز أوغلو بـ " التغييرات الـخطرة"، بينما قال مصدر بارز في الاتحاد الأوروبي إنها " تبدو انتقاما من الأحكام ( القليلة ) التي تحدت أردوغان. وهنا لا يمكن الأستخفاف من إستطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة ميلليت، فالجهة التي اعدته ، وهذا وفقا لمعارضين ، مقربة من القصر الرئاسي الذي يريد تكريس إنطباع لدي الشعب بأن إسلامهم هو السبب في عدم قبولهم بالاتحاد الأوروبي ، وعليهم أذن أن يلفظوه غير أسفين وعندما يتحقق ذلك ستكون له اليد الطولي ولن يردعه حينذاك الاتحاد الأوروبي الذي سيكون قد تم تصويره في ذهن البسطاء بعمق الاناضول (مخزنه التصويتي) بالطائفي والعنصري المعادي للدين الحنيف !!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق