عقب حكم القضاء الإدارى بتبعية جزيرتى تيران وصنافير للسيادة المصرية وبطلان قرار الحكومة بتسليمهما للسعودية ، أختلف رجال القانون حول تفسير منطوق الحكم ، استنادا الى قرار الحكومة، وهل هو قرار إدارى بأعتباره صادرا من جهة تنفيذية ، أم هو من أعمال السيادة للدولة التى تخرج عن رقابة القضاء ، هذا ما سوف تحسمه الإدارية العليا خلال نظر طعن الحكومة على الحكم الصادر .
يوضح ذلك المستشار الدكتور اسلام احسان نائب رئيس هيئة النيابة الادارية قائلا: مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة ، يختص وفقا لأحكام الدستور بالفصل فى المنازعات الإدارية و الدعاوى التأديبية، ويخرج عن اختصاصه نظر طائفة من اعمال الحكومة ، تسمي بأعمال السيادة، ويثورالتساؤل حول ماهية اعمال السيادة، التى لا يجوزللقضاء الاداري ان ينظرها ويحكم فيها ، و كيفية التمييز بينها و بين القرارات الادارية.
الفرق بين الادارى والسيادى
يشيرالمستشارإسلام احسان الى أن المشرع لم يضع تعريفا لاعمال السيادة التى تخرج عن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة، وان كان قد حرص على النص على ذلك فى قوانين مجلس الدولة المتعاقبة، بدءا من القانون الاول الصادر عام 1946, و القانون الثانى الصادرعام 1949, و القانون الثالث الصادر عام 1955, والقانون الرابع الصادر عام 1959, والقانون الحالى الصادرعام1972, و قد اتجه المشرع فى القانونين الاول و الثانى لمجلس الدولة الى ضرب امثلة عن اعمال السيادة، فكان يقول انها القرارات التى تتعلق بالاعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بالبرلمان والتدابيرالخاصة بالامن الداخلى و الخارجى للدولة، والمسائل المتعلقة بالاعمال الحربية، الا انه تخلى عن هذا الاتجاه فى القانون الخامس الصادرعام 1972الذى جاء خاليا من التعداد تاركا الحرية الكاملة للقضاء و الفقه فى تحديد مدلول اعمال السيادة .
ثانيا: ارست المحكمة الدستورية العليا مبدأ قضائيا مفاده أن معيار اعتبار الاعمال من اعمال السيادة تحدده طبيعة العمل وليست طريقة إبرامه أو التصديق عليه ويؤكد ذلك حكمها فى القضية رقم- 10 لسنة 14 قضائية دستورية بجلسة 19يونيو1993، وعرفت المحكمة الدستورية العليا اعمال السيادة بأنها الاعمال التى تتصل بنظام الدولة السياسى اتصالا وثيقا, أو بسيادتها فى الداخل والخارج , وأن النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية بكافة انواعها لدواعى الحفاظ على كيان الدولة فى الداخل, والذود عن سيادتها فى الخارج , ورعاية مصالحها العليا " المحكمة الدستورية العليا , القضية رقم 48 لسنة 4 قضائية دستورية , بجلسة 21يناير1984"
ثالثا : استقر فقه القانون الاداري على ان اعمال السيادة هى التى تصدر عن الحكومة بصفتها سلطة حكم لا سلطة ادارة ، و اعتبر ان من طائفة اعمال السيادة الداخلية الاعمال المتصلة بعلاقة الحكومة بالبرلمان، كالقرارات الصادرة بدعوة الناخبين للانتخاب, و قرارات اقتراح القوانين , وإصدارها ونشرها, وقرارات استفتاء الشعب فى موضوع معين ، ومن طائفة أعمال السيادة الخارجية الاعمال المتصلة بعلاقة الحكومة بالدول والهيئات الدولية و الاجنبية، أو ما يعرف بالاعمال الدبلوماسية المتعلقة بالشئون الخارجية للدولة، والاعمال الحربية
القضاء يحدد طبيعة الدعوى
وأخيرا فقد استقرت المحكمة الدستورية العليا على أن تحديد أعمال السيادة وفقا للمفاهيم السابقة يرجع فى تحديدها للقضاء وقد جاء ذلك فى حكمها بالدعوى رقم 5 لسنة 5 قضائية دستورية, وفى الدعوى رقم 3 لسنة 1 قضائية دستورية بجلسة 25يوليو1983، ومن ثم فإن القضاء هو الذى يتولى تكييف موضوع الدعوى، و تحديد طبيعة الاعمال المطعون عليها، وما اذا كانت قرارات ادارية فينعقد له الاختصاص بنظرها، ام اعمال سيادة تخرج عن نطاق اختصاصه، و يخضع فى ذلك لرقابة المحكمة الادارية العليا وحدها دون غيرها التى تحدد مدى صحة تكييف المحكمة للوقائع موضوع الدعوي.
رابط دائم: