معظم الأعمال المعروضة «كولاج» من أفلام أجنبية أو مسلسلات أو «ثيمات» سبق معالجتها
أيام عشرة انقضت من شهر رمضان الكريم، والتنافس الدرامى على أشده بين نجوم الأعمال المشتركة فى المنافسة، والتى تعرض علي مختلف الفضائيات، سواء من جانب جيل النجوم الكبار: بداية من الزعيم عادل إمام، والساحر محمود عبد العزيز، والنجم المخضرم العبقرى يحيى الفخرانى، ويسرا، وليلى علوى، أو نجوم جيل الوسط: خالد النبوى، وطارق لطفى، وغادة عبدالرازق، والنجوم الشباب: عمرو يوسف، ونيللى كريم، وغادة عادل، وغيرهم من نجوم الأعمال الرمضانية. هذه المدة أصبحت كاشفة للأعمال المهمة والتى ستترك بصمة، وتثبت تألق نجوم عن غيرهم، وتراجع آخرين.
يبدو أن الأسبوع الأول كان كاشفًا للأعمال التى ستحقق النجاح تتصدر السباق، والأخرى التى تتراجع بمرور الوقت، ورغم أن الصوت الأعلى فى الأعمال المعروضة لدراما الإثارة والتشويق _( ومنها «الخروج»، إخراج محمد العدل، و«7 أرواح»، إخراج طارق رفعت، و«شهادة ميلاد»، إخراج أحمد مدحت، و«القيصر»، إخراج أحمد نادر جلال، و«الميزان»، أحمد خالد موسى)_ إلا أن معظم هذه الأعمال تراجعت نسب مشاهدتها، فيما عدا «القيصر» و«الميزان»، وقد يرجع ذلك إلى أن معظم الأعمال المعروضة فى هذا الإطار هى عبارة عن كولاج من أفلام أجنبية، أو مسلسلات أو «ثيمات» سبق معالجتها، والأهم هو الطريقة التى يتم بها صناعة الأكشن ودراما الإثارة فى مصر ، ففى أحيان كثيرة تكون قماشة العمل الدرامية لا تحتمل سوى 15 حلقة على أقصى تقدير، ولكن بالطبع يتم كتابة 30 حلقة للعرض فى رمضان لذلك تصاب بعض هذه الإعمال إما بالترهل والاستغراق فى تفاصيل درامية، لا ضرورة لها بمنطق الحشو أو زيادة جرعة جرائم القتل أو مشاهد التفجيرات فى محاولة لملء الدقائق الدرامية المطلوبة لكل حلقة، والأهم أن دراما الأكشن والإثارة أصبحت موضة يجرى وراءها العديد من النجوم الشباب والذين يعتقدون أن هذه النوعية هى جواز مرورهم إلى النجومية بعيدًا عن أن المشاهد قد يكون قد مل هذه الحالة من الدراما التى لا تنتمى لواقعه كما أنها تحمل قدرًا من العنف أصبح معظمنا لا يتحمله فى ظل العنف الحياتى المعاش.
وإذا كانت دراما رمضان 2016 تعكس تطورًا تكنولوجيًا هائلًا، ينعكس بشكل أو بآخر على الصورة المعروضة، وتكنيك تنفيذ المشاهد، وكافة عناصر العمل الفنية، إلا أنها فى الوقت نفسه، تعكس فقرًا شديدًا فى الصياغة الدرامية والكتابة _( والتى يعتمد معظمها على الورش)حيث لا يوجد نص درامى أصيل مكتوب للشاشة ويعبر عن أزماتنا أو شكل حياتنا الاجتماعية الحقيقية، فيما عدا مسلسل «يونس ولد فضة» لعمرو سعد والكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج أحمد شفيق، ومسلسل «أفراح القبة» والمأخوذ عن رواية بالاسم للروائى المبدع نجيب محفوظ، وسيناريو وحوار نشوى زايد وإخراج محمد ياسين وبطولة منى زكى وإياد نصار ورانيا يوسف وجمال سليمان وصبرى فواز وصابرين وعدد كبير من النجوم. غير ذلك سنجد أن الأعمال المعروضة إما مأخوذة من «ثيمات» أفلام أمريكية أو خليط من عدد من الأعمال التى سبق وشاهدتها، فى حين أن مسلسل مثل «جراند أوتيل»، وهو واحد من أهم الأعمال المعروضة فى رمضان على مستوى الثراء البصرى، النص مأخوذ عن مسلسل إسبانى مشهور، ورغم ذلك بذل كاتب السيناريو تامر حبيب مجهودًا واضحًا فى تمصير العمل، إلا أن الحوار فى المسلسل هو أهم ما يعيبه فهو بعيد تماما عن الأجواء الزمنية التى يدور فيها العمل، ولكنه يظل واحدًا من أهم الأعمال ذات الشخصية والذى يتميز بحالة بصرية غنية تنعكس فى كافة تفاصيل الصورة من أزياء وديكورات وأكسسورات وماكياج وإضاءة وظل ومونتاج، وأداء ممثلين.
الرابحون فى العشر الأوائل
لا يستطيع أحد أن ينكر أنه رغم قلة الإنتاج الدرامى هذا العام، حيث لم يتجاوز المعروض 29 عملا، إلا أن هناك نجوما كبارا حافظوا على تواجدهم وتنافسهم فى سوق العرض الرمضانى الأهم إعلانيا وإعلاميا، ويأتى فى صدارة هؤلاء النجوم: يحيى الفخرانى الذى حافظ على تواجده كنجم مخضرم فى الدراما المصرية.
الفخرانى واحد من النجوم الكبار القادرين على إدهاش مشاهديهم عامًا بعد عام فهو ملك المفاجآت الدرامية بحق، ولا يتردد فى دخول مغامرات فنية عامًا بعد الآخر وهو ما يكسبه سحرا وبريقا خاصا.
الفخرانى الذى قدم «الخواجة عبد القادر» و«سيد أوبرا» و«الملك لير» من خلال مسلسه «دهشة» يتألق هذا العام مع فريق عمله المخرج شادى الفخرانى والمؤلف عبدالرحيم كمال فى معالجة مصرية لـ«فاوست» وهو النص الذى صاغه عبد الرحيم بحرفية وأخذه الفخرانى ليعزف عزفه المنفرد، ويناقش الصراع الأزلى بين الخير والشر وهؤلاء الذين يبيعون أرواحهم للشيطان مقابل المتع أو الأموال أو السلطة، وكعادته يتألق الفخرانى ومعه نجوم العمل مثل نبيل الحلفاوى وحنان مطاوع، والتى تقدم واحدًا من أفضل أدوارها. ومن الكبار أيضًا الفنانة يسرا التى غيرت من جلدها، وقدمت دورًا جديدًا عليها تماما فى مسلسلها «فوق مستوى الشبهات» إخراج هانى خليفة، حيث تجسد يسرا شخصية «الدكتورة رحمة» أستاذة التنمية البشرية والتى تحركها عقدها النفسية منذ الطفولة ولا تتردد فى القتل أو إيذاء من حولها، دون مبررات واضحة فهى تملك طاقة شر تفاجئ المشاهد فى كل حلقة. ومن أجمل مشاهد المسلسل والتى تحمل دراما الصراع على طريقة القط والفار، تلك المشاهد التى تجمعها بالفنان سيد رجب والذى يجسد دور طليقها.
أما الزعيم عادل أمام ومن خلال مسلسله «مأمون وشركاه»، تأليف يوسف معاطى وإخراج رامى إمام فهو هذا العام ولأول مرة نجد أنه أفسح مساحات درامية كبيرة لباقى فريق العمل الذين يشاركونه المسلسل، سواء من النجوم الشباب، أو القديرة لبلبة، والتى تقدم واحدًا من أجمل أدوارها هذا العام، ولكن مسلسل الزعيم لا يخرج عن النمطية والكتابة الهندسية التى تفقد العمل أى بريق سواء فى الكتابة أو اللغة الإخراجية وقد تكون «ثيمة» البخل هى من الـ«ثيمات» الدرامية الثرية، هى رهان الزعيم، إضافة إلى حضوره الطاغى والذى عادة ما يغطى على نقاط الضعف أو عيوب الأعمال التى يقدمها.
أما «راس الغول» للنجم محمود عبد العزيز، فيعانى هو الآخر من ضعف الكتابة، فنحن أمام سيناريو لا يليق بنجم بحجم محمود عبد العزيز، والذى لولا وجوده وطلته التى لها سحر على الشاشة، لم يكن المسلسل ليحقق نجاحا يذكر.
إعادة حسابات
تعكس دراما رمضان أيضا ظاهرة مهمة تتعلق ببعض النجوم والذين عليهم إعادة حساباتهم فى نوعية الأدوار التى يقدمونها، وعلى رأسهم نيللى كريم التى هى نجمة متوجة وملكة على عرش الدراما لسنوات متتالية، وحققت نجاحات كبيرة سواء فى «ذات» أو «سجن النسا» أو «تحت السيطرة»، وقدمت العديد من الأدوار المركبة شديدة الصعوبة وأجادتها، ولكن نيللى تقدم هذا العام مسلسلها «سقوط حر» تأليف مريم ناعوم وإخراج شوقى الماجرى ويدور فى إطار دراما نفسية تبدأ أحداثها بجريمة قتل، حيث تقتل شقيقتها وزوجها بغرفة نومها، نيللى تقدم دور مريضة نفسية وهو دور صعب ومرهق إلا أنه أصبح لازمًا عليها أن تغير من نوعية هذا الأدوار وتفاجئ جمهورها بلون جديد.
الخاسر الأكبر
أما الخاسر الأكبر فى دراما رمضان 2016 فهم مجموعة النجوم، الذين قرروا تقديم الجزء السادس من «ليالى الحلمية» ليصبح هو المسلسل الوحيد الذى يستمع المشاهدون إلى الـ«تتر» الخاص به، ثم يديرون «الريموت» إلى أى محطة أخر وكان من الأولى بكل النجوم الذين شاركوا فى الأجزاء الـ5 الماضية أن يفكروا ألف مرة قبل الموافقة على هذه الخطوة غير محسوبة العواقب خصوصًا وأن الحلقات الأولى التى قرأوها قبل التوقيع على العقد كانت كاشفة لضعف النص، والمدهش أن الأجزاء القديمة التى صاغها العبقرى أسامة أنور عكاشة وأخرجها إسماعيل عبد الحافظ هى التى حققت النجاح الأكبر حصدت مشاهدة أعلى بعد أن أعاد التليفزيون المصرى مونتاجها وعرضها خلال الشهر الكريم على قنواته.
أما مسلسل النجم محمد منير «المغنى».. فلا تعليق.
رابط دائم: