الضبع كان يائسا، لقد مر وقت طويل على آخر مرة تناول فيها طعاما، وليس هناك طعام فى أى مكان، جلس على جانب الطريق، وحاول أن يتذكر وجبته الأخيرة، ولكن كل ما استطاع أن يفكر فيه، هو ألم الجوع الذى بدأ يقضم معدته.
وحينما كان الضبع يجلس فى بؤس، مر به الذئب الذى لم يشعر ببؤس أبدا، ودائما لديه طعام كاف.نظر إلى الضبع وسأله عن سبب اكتئابه الشديد. (بسبب عدم وجود طعام لمدة أيام) عوى الضبع،(كل الحيوانات الأخرى سمينة وناعمة ملساء، لكنى عظم فقط، من الأفضل لى أن أموت الآن، بدلا من الانتظار، قال له الذئب : «لقد انتهت كل مشاكلك، لأنى أعرف مكانا ممتازا للحصول على الطعام».
قال الضبع: هل ترينى إياه.. أريد طعاما قليلا فقط.
أجاب الذئب : أفعل بكل سرور.. (ونظر إلى نفسه أثناء الحديث) ..كل ما عليك أن تفعله أن تتبعني.
وسارا فى طريقهما إلى المكان الذى يعرفه الذئب. إنه مكان يعيش فيه رجال، وبه حظيرة دائرية، شيد الرجال حولها سياجا عاليا.
حين وصلا قال الذئب: هذا هو المكان، حظيرة مملوءة بالأغنام والعنزات، نستطيع أن نأكل كما نحب، وبقدر ما نستطيع.
سأله الضبع: وماذا عن السياج؟.. إنه عال جدا لا نستطيع القفز من فوقه.
ابتسم الذئب وقال بثقة: أستطيع الدخول هناك فتحة فى السياج، صغيرة، لكننا نستطيع المرور منها.
تبعه الضبع إلى مكان الفتحة فى السياج، ليست واسعة لكنهما استطاعا المرور منها إلى داخل حظيرة الحيوانات. لقد كان الذئب صادقا، فهناك عدد كبير من الخراف والعنزات حولهما تحدق فى الضيفين غير المرغوب فيهما، وسط خشية من تعرضهم للافتراس.
همس الذئب : لا تأكل العنزات،إنها تصنع ضوضاء كبيرة، وستوقظ الرجال، كُلْ الخراف فقط.
وانطلق الذئب والضبع يطاردان بعض الخراف فى ركن الحظيرة.
قال الذئب: كل أنت السمينة.. وأنا سآكل واحدا صغيرا.
فرح الضبع بكرم الذئب وفكر أنه لو كان فى مكانه لاختار خروفا سمينا بلا شك .
الخراف مذاقها رائع. أكل الضبع بنهم حتى أتى على عظام وجلد الخروف السمين. وأنهى الذئب أكله بسرعة أكبر لأن خروفه كان صغيرا جدا.
واستعدا للمغادرة، لكن الضبع أحس أن بطنه ثقيلة، مر وقت طويل لم يأكل فيه هذه الكمية الكبيرة من الطعام، شعر أن جلد بطنه تمدد وكبر لاستيعاب الكم الكبير من الطعام اللذيذ.
قال الذئب : سآخذ قطعة واحدة من العنزة.. لحم العنزات لذيذ جدا، ويريحنى بعد الوجبة.
وبمجرد أن قال ذلك انقض على العنزة، وأخذ قطعة من ساقها. فصرخت العنزة بصوت فظيع. أيقظ الكلاب النائمة بجوار الأكواخ، فنبحت بشراسة، واستيقظ الرجال بسرعة.
قال الذئب: يجب أن نغادر فورا .. واندفع خارجا من الفتحة التى دخلا منها. ومر منها بسهولة، لكن الضبع انحشر بسبب بطنه المنتفخة بالخروف الكبير، ولم يستطع العبور خارج الحظيرة. وكافح وتلوى من دون فائدة، فسرعان ما انقض عليه الناس وضربوه بالعصي، وتمكن من الإفلات والهرب بصعوبة، لكن جسمه كان مملوءا بإصابات بالغة.
ذهب الضبع إلى مكان هادئ وبكى حتى نسى الوجبة اللذيذة التى استمتع بها، وتبقى له الألم الشديد من ضربات الرجال الموجعة، فذرف دموعا كثيرة، بعضها لشعوره بالخزى والألم الذى يعانيه، وبعضها الآخر بسبب الأصدقاء الذين لا يمكن الوثوق بهم.
رابط دائم: