رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الأتراك يتساءلون: من المستهدف تركيا أم أردوغان ؟

أنقرة ــ سيد عبد المجيد
فى اللحظة التى صوت فيها «البوندستاج» الالمانى باكتساح على قانون يدين وريثة الإمبراطورية العثمانية ويحملها مذابح الأرمن ،لم تجد صحيفة “ينى شفق” الإسلامية طريقة للتعبير عن أسفها إزاء الموقف الألمانى ، سوى ان تزين موقعها على الشبكة العنكبوتية بخبر تفتخر فيه “بلمسات تركية” فى بناء اطول نفق بالعالم والذى افتتح قبل يومين ، وكأنها أرادت أن تقول بصوت يسمعه القاصى والدانى مهما تّدعون وتزعمون فنحن هناك نسهم فى الحضارة الإنسانية.

لكن هذا لم ينف أن جرحا جديدا أضيف إلى الجسد التركى الذى انهكه لهاثه نحو القارة العجوز ، صحيح أن الإعتراف الألمانى بالمآسى التى كانت مسرحها تخوم ارارات الشاهقة قبل مايزيد على قرن من الزمان ، فى النهاية رمزى لن يلزم أنقرة بشئ كما قال اردوغان ، إلا أنه يزيد بلا أدنى شك من التعقيدات التى تبدو أنها بلا نهاية أمام تعايش الأناضول فى القارة العجوز ، وربما قضى على نحو نهائى على اندماج تفاعلى فى المستقبل.

وبالتزامن سادت حالة من الغضب الشديد سيطرت على مفاصل الحياة السياسية التركية ، فبإستثناء حزب الشعوب الديمقراطية الكردى ( الذى يعتقد أنه يباد أيضا على يد اردوغان وجيشه ) أدانت الأحزاب الثلاثة الفاعلة بالبرلمان (العدالة الحاكم والشعب الجمهورى والحركة القومية) ما اقدمت عليه برلين ، اللافت أنها لم تتوعد ( حتى الآن على الأقل ) فالعلاقات لن تسوء تماما وفق تعبير رئيس الوزراء بن على يلدريم ، وهكذا اكتفى الجميع بالشجب فماذا عساهم أن يفعلوه أمام بلد الديمقراطية فيه ليست ادعاء أو ديكورا .

أما على الصعيد الشعبى فزحم الاستياء لم يكن لافتا مقارنة بحوادث مماثلة فى الماضى القريب ، لا لأنهم مذنبون واياديهم ملطخة بدماء ابرياء ، بل لاعتيادهم كل سنة على خروج دولة هنا وهناك تقر بتلك التراجيديا المرعبة التى يعتقدون أن أحفادهم ذاقوا من الكأس الموت الدامى نفسها ابان الحرب العالمية الاولي.

لكنهم وعلى الرغم من كل ذلك ، أعترت صفوتهم بعض الدهشة ، كون ألمانيا تبدو لهم حالة خاصة بل واستثنائية فى الذهن الجمعى للجمهورية التركية ، فعلى أراضيها يعيش أكثر من ثلاثة ملايين تركى نزح اباؤهم من جميع بقاع هضبة الاناضول ، إليها وبطلبها بل وبإلحاح منها عقب الحرب العالمية الثانية ، وهم الآن يشكلون قوة اقتصادية وتصويتية من الصعب تجاهلها. وداخل تركيا لا يمكن للعين أن تخطيء مئات آلاف الأشياء وعليها علامة صنع فى المانيا ، ويكفى أن تسعين فى المائة من حجم النقل البرى تسيره محركات ألمانية ، ثم أنها كان يمكن لها الإقدام على ما اقدمت عليه أمس الأول ، قبل زمن ليس ببعيد وأن تفعل مثل ما فعل أقران وجيران لها ومع هذا آثرت الصمت .. فلماذا الآن تحديدا .. ذلك هو الإشكال وتلك هى المعضلة؟.

بطبيعة الحال من الصعب الوقوف عند إجابات حاسمة وقاطعة ، إلا أن مؤثرات سلبية ، طرأت خلال السنة المنصرمة والشهور الستة الفائتة تعاظمت وتفاقمت على خلفية أزمة اللاجئين والتى وصفها ساسة المان بارزون ، بانها ابتزاز اردوغانى بامتيار ، دفعت إلى هذا الإجراء .

فحال تركيا فى ظل حكم اردوغان يترنح بعد صعود كان مثار إعجاب وتقدير ، ومع تبوء الأخير منصبه الرئاسى فى أغسطس 2014 عادت البلاد بقوة لعالمها الثالث الذى سبق ونفضته ، فتراجعت حرية التعبير وتزايد اعتقال الصحفيين والكتاب والاكاديميين ، وبالتوازى تردت الديمقراطية مقابل استبداد وتسلط وصل إلى حد أن مؤيديه فى المانيا نفسها وعلى رأسهم المستشارة إنجيلا ميركل انقلبوا عليه ولعل تصريحات ميركل الشديدة والقاسية خلال مشاركتها فى القمة الانسانية التى عقدت باسطنبول يومى 23 و24 مايو الماضيين خير مثال على ذلك.

ولهذا بدا منطقيا أن يطرح كثيرون هنا سواء فى إسطنبول أو أنقرة، هذا السؤال: ترى هل ضربة المانيا “ الموحدة “ موجهة ضد أردوغان أم الأتراك ؟.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق