رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الصبر.. سلاح إيمانى فى شهر الصيام

> تحقيق ــ د. جمال عبدالناصر
رمضان شهر الصبر، فما أحوجنا إلي التسلح بهذا السلاح الإيماني حفاظا علي الصيام، فلا بد للصائم أن يتعالي عن سفاسف الأمور، وأن يقابل كل استفزاز وإثارة بالصبر والتصبر، وذلك اقتداء بأشرف خلق الله رسلِه الكرام الذين سماهم الله عز وجل أولي العزم،

حيث خاطب نبيه صلي الله عليه وسلم ونحن معنيون بالخطاب معه، إذ العبرة -كما قال علماء الأصول- بعموم اللفظ وليس بخصوصه، يقول ربنا تبارك تعالي: «فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35].

يقول الدكتور محمد السعدي الأستاذ بجامعة الأزهر، إنه منذ بزوغ شمس الإسلام ونزول أمين الوحي جبريل بكلمة (اقْرَأْ) علي قلب النبي صلي الله عليه وسلم والأمَّة تعيش في دورات من الصراع الحضاري والتدافع الكوني، وقد حظيت الأمة في كثير من الأوقات بتملك زمام التفوق الحضاري، وذلك لأنَّها تتبني المنهج الوحيد في الأرض الذي يلبِّي حاجاتِ الإنسان العقليةَ والرُّوحية معا، وفي أحيان أخري تتعرض للابتلاءات والاختبارات فضلاً عن أنَّ الحياة مبنية علي المشاق وركوب الأخطار، وتكون الهجمة شرسة علي الأمة، وذلك لأنَّ منهجها الحضاري منهج رباني يمنعها من الذوبان في مناهج أخري ميلا لطوائف معينة علي حساب طوائف أخري، وعدم ذوبانها هو حجر الزاوية في صراعها الحضاري، وهنا يطرح السؤال نفسه كيف للأمة أن تواجه هذه التحديات؟

ولأهمية هذه الخاصية للأمة الإسلامية نري أنَّ القرآن الكريم قد مدح الصبر وأهله في الكثير من آياي الذكر الحكيم، منها قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» [البقرة/153] فمعية الله لا تتحقق هنا إلا للصابرين، فبالصبر تتنزل السكينة وتحصل الطمأنينة، والصبر هو السبيل لنيل حب الله قال تعالي: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ» [آل عمران/146]، وفي سورة العصر قرن الله التواصي بِالْحَقِّ والَتَوَاصي بِالصَّبْرِ، فالصبر هو الزاد الذي يغذي الأمة، وسلاح من أسلحتها الإيمانية التي تذود بها عن هويتها الحضارية، فالتمسك بالصبر سنة من سنن الله الكونية فعلي قدر التمسك بالصبر يكون النصر، والذي يميز أمتنا عدم استسلامها لليأس، بل تصبر حتي تتجاوز الشدة فسنة الله الكونية هي أن النصر مع الصبر: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ» [السجدة/24]، فالأمة ليس من همها أن تكون علي هامش التاريخ، أو الظفر بأي شيء يطلق عليه أنه حياة، أو التطفل علي موائد الأمم، بل معركتها هي معركة الريادة الحضارية، وعليها أن تصبر لتنتصر في معركة الحضارة، والصبر هنا لا يعني أبدًا الاستسلام إلي القدر كالجبريين، بل الصبر هنا يعني معالجة الأمور بروية وتؤدة وتحكيم العقول الرشيدة، والابتعاد عن مواطن الهوي وحظوظ النفس”.

ويقول الدكتور محمد علي أبو هندي دكتوراه الفلسفة الإسلامية من كلية دار العلوم، إنه لا بد من اتخاذ الصبر سلاحًا إيمانيًّا في مواجهة الشدائد التي تعترض طريق المسلم، وكيف يتصور التطلع إلي النصر بنفوسٍ لم تذق حلاوة الإيمان، قال النبي الكريم: «ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله رباً وبمحمدٍ صلي الله عليه وسلم رسولاً، وبالإسلام ديناً»، كما يجب التأكيد: أن الطريق الصحيح ومنهج التصحيح، في مواجهة ضغوط الخارج وتحدياته، ليس بالاشتغال بالرد عليها؛ مما قد يجر أو جر إلي معارك خاسرة، ولكن الإصلاح الحقيقي، والتصحيح الجاد، يتمثل في التوجه نحو الداخل وتصفيته وتنقيته:مصداقا لقوله تعالي: «وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً» [آل عمران:120]، ولا ريب أن التصحيح من الداخل شاقٌّ علي النفس، وثقيلٌ في الممارسة؛ لأن الإنسان في هذه الحالة سوف ينقد نفسه، وسوف يصلحها، أي أنه: يجعل من نفسه الحجر والنحات في آنٍ واحد، فلا بد من التحلي بالصبر وإلزام النفس به

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق