بين الثقافتين المصرية والتونسية جذور عميقة ربما لم تسجلها كتب التاريخ السياسى لكنها محفورة فى وجدان الشعبين عبر السيرة الهلالية المشتركة وسيرة الزناتى خليفة وأشعار ابن عروس وبيرم التونسى فالشاعر الأول اختلف الباحثون فى نسبه ونشأته.
فبينما يؤكد البعض أنه تونسى المولد والوفاة وله قبر وشاهد فى جبال تونس يؤكد البعض الآخر انتماءه لصعيد مصر وحسما لهذا الخلاف قال الشاعر الكبير فؤاد حداد:
« مانختلفشى فى نسبة أحمد ابن عروس
كان من صعيد مصر ولا تونس الخضرا
هناك بنوا له مقام فوق الجبل محروس
هنا بنوا له فى أوطان القلوب حضرة
على لسان كل عربى كلمته حاضرة»
وكذلك الشاعر الكبيربيرم التونسى الذى حمل لقب تونس لنسبته اليها من أبيه وجده هو أفضل من عبر عن الحارة المصرية وهموم أهلها
لهذا اكتسب توقيع الإتفاق بين نقابة المهن التمثيلية وجمعية التنشيط والمهرجانات بمدينة نابل أهمية مضاعفة وشهد حضورا مميزا من كبار نجوم المسرح المصرى مع وفد رفيع المستوى يمثل المسرح والثقافة التونسية.. واهم ما فى الإتفاق هو عمل انتاج مسرحى مشترك بين البلدين بالإضافة الى استضافة كل دولة للعروض المميزة للدولة الأخرى مع شرط الترويج والدعاية للعرض فى البلدين معا.. وعمل دورات تدريبية وورش تأهيل مشتركة ومهرجان سنوى واحد يقام بالتبادل بين مصر وتونس.
ووقع عن الجانب المصرى د. أشرف زكى نقيب الممثلين ورحب بالوفد التونسى مؤكدا أنه فى كل مرة يزور فيها بلدهم يصله غناء ام كلثوم وعبد الوهاب من المقاهى التونسية أكثر مما يسمعه فى مصر.. و أكد أن نجاح الإتفاقية مرهون بحماس المبدعين الشباب وتعاونهم وحملهم لمسئولية الثقافة المشتركة بين الشعوب.
وعن الجانب التونسى وقع الفنان منتصر القاسم رئيس الوفد ورئيس مهرجان نابل والذى أبدى دهشته عند دخوله بوابة المجلس الأعلى للثقافة حيث قرأ لافتة عن جائزة باسم التونسى عز الدين قنون وعقب على ذلك بأن التواصل قائم بالفعل ومصر تحتضن كافة الثقافات العربية والإتفاقية لن تصير حبرا على ورق.
وتحدثت سيدة المسرح العربى عن تجربة استعانتها بالمخرج التونسى الموهوب المنصف السويسى لعرض واقدساه فى مصر بفنانين مصريين وعرب وللأسف توقفت المساهمات الفنية المشتركة لسنوات طويلة لهذا فهى حريصة على الحضور والتأكيد على أهمية عودة التواصل عبر الفنون بوجه عام والمسرح بوجه خاص.
وسحر الفنان محمود حميدة الحاضرين بحديثه العفوى عن اصدقائه التوانسة الشاعر الراحل محمد الصغير أولاد احمد الذى كان يسخر بذكاء وروح مصرية حتى من اسمه» أولاد أحمد «وهو القائل: « نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد» والفنان الموسيقى سمير عجربى والروائى حسن عثمان وأكد ان اولاده وأولاد اصدقائه يقضون الإجازات الصيفية معا سواء فى مصر أو فى تونس ويشارك الآباء جميعا فى التعليم والتثقيف وغرس القيم حتى تظل جسور الصداقة والأخوة موصولة بين الاجيال.. لهذا لم أندهش ـ يقول حميدة ـ مثل غيرى عندما انتقلت شرارة الثورة بسرعة بين تونس ومصر فالذى يعرف عمق الصلات لا يجوز له بعد المعرفة أن يندهش.
رابط دائم: