كان تضخم حجم الثروات الحرام المنهوبة من سوريا والعراق ومن بعدهما ليبيا، التى سيطر تنظيم «داعش» على أجزاء منها، سببا رئيسيا وراء اتجاه نظر «داعش» نحو بلاد بعيدة ليست عربية أو إسلامية،
لتجنيد مقاتلين جدد عن طريق إغرائهم بالمال حتى لو كانوا من غير المسلمين، وهذا ما كشف عنه المراقبون أخيرا، حيث رصدوا اتجاه تنظيم داعش نحو منطقة البحر الكاريبى لتجنيد أفراد جدد من هناك، وذلك بعد أن تناقصت بشكل واضح أعداد من كانوا ينضمون إليه من بلاد عربية وإسلامية.
وأشارت صحيفة «التايمز» البريطانية إلى ارتفاع معدلات تدفق الشباب من دولة ترينيداد وغيرها من المستعمرات البريطانية السابقة فى هذه المنطقة، إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم، وأن 89 شخصا على الأقل من ترينداد وحدها موجودون فى سوريا الآن، طبقا للتقارير الرسمية فى هذه الدولة، التى لا يزيد عدد سكانها على مليون و300 ألف نسمة.
ورغم وجود جالية مسلمة فى ترينيداد، فإن معظم من انضموا من تنظيم «داعش» من ترينيداد كانوا من غير المسلمين ثم تحولوا إلى الإسلام بعد اتصال «داعش» معهم وإقناعهم بالسفر إلى سوريا.
وهناك أدلة متزايدة على أن «داعش» اختار هذه المنطقة البعيدة بالذات بعد أن وجد أنها أرض سهلة لترويج أفكاره التحريضية فيها، وخصوصا بين أناس كانوا ضحايا لعصابات تمارس العنف ضدهم، فضلا على أنهم يسكنون بيوتا مهدمة، وفرص التعليم المتوافرة ضعيفة، كما أنهم لا يشعرون بالانتماء لوطنهم.
ولاحظ الجنرال جون كيلي، القائد السابق للقيادة الأمريكية الجنوبية، فى هذه المناطق أن بلادا مثل ترينيداد وسورينام وجاميكا شهدت نشاطا تجنيديا ملموسا من جانب تنظيم »داعش«، كذلك يقول آرثر سنيل المندوب السامى البريطانى السابق هناك، إن ما يعرف بإسم «جماعة المسلمين»، وهى جماعة سلفية، لها نشاط فى ترينيداد منذ عقود، ولها ارتباطات سياسية وجنائية أيضا هناك، هذه الجماعة حاولت فى عام 1990 القيام بانقلاب واستولت على البرلمان ومحطتين إذاعيتين، لكن هذه المحاولة فشلت بعد أن قتل خلال محاولة الانقلاب الفاشلة 23 شخصا، كما أن هذه الجماعة أيضا اتهمت بأن لها صلة بزرع قنابل فى مطار كنيدى فى نيويورك فى عام 2007.
وتمثل هذه الجماعة بالنسبة لتنظيم «داعش» فرصة لكى تغرى أعدادا من أفرادها للانضمام إليه والقيام بعمليات القتل التى يمارسها«داعش» ويساعدها على جذب مزيد من الأفراد من هذه المنطقة إلى التنظيم الإرهابي.
أحد المقيمين فى ترينيداد، واسمه أبو زيد المهاجر، اصطحب أطفاله وغادر ترينيداد نهائيا، وقال عن هذا التصرف إننى لا أستطيع أن أقف ساكنا وأنا أرى أولادى يكبرون فى هذا البلد الذى وصل إليه «داعش»، بينما أطفالى لا يجيدون ممارسة الشعائر الإسلامية بدرجة 100%، وبالتالى ممكن لهذه الجماعات المتطرفة التأثير عليهم.
كانت أول مرة يشار فيها إلى سفر مواطنين من ترينيداد إلى سوريا للقتال مع تنظيم «داعش» فى عام 2014، عندما أطلق جراى جريفيث وزير الأمن السابق فى ترينيداد، تحذيرا قال فيه، «يجب أن نواجه هذه الحقيقة ونعلن أننا بالفعل نواجه خطرا فى بلادنا».
رابط دائم: