رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«الرمادى» يطرح أزمة العقول المتحجرة

محمد بهجت
يتصور البعض ان رأيه هو الصواب الوحيد وما يخالف رأيه بالضرورة خطأ وباطل وخيانة وعمالة وتمويل أجنبى .. ويعتقد هذا البعض ـ الكبير فى العدد ـ أن تعدد الآراء خطر على المجتمع سيؤدى الى الفوضى.. والخير كل الخير فى أن يصير الكل فى واحد ويصبح افراد المجتمع متماثلين فى الرأى والمزاج والتخيل ظنا منهم أنهم يوحدون الصفوف ويمنعون الفرقة والاختلاف عن طريق منع التفكير.

فماذا يحدث اذا استجبنا لفكرة الكل فى واحد وتحولنا جميعا الى أشخاص متشابهين لديهم نفس القناعات والمشاعر و ردود الفعل الواحدة ؟!..

هذه الفرضية الغريبة طرحتها المخرجة عبير على فى مسرحيتها الجديدة الرمادى والمأخوذة عن رواية 1984 لجورج أورويل وأعدتها آمال الميرغنى فى صياغة ساخرة ضمت مجموعة لوحات سريعة و مكثفة على خشبة مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية .. وقدمت المخرجة شخوص العرض بملابس واحدة رمادية باهتة لافرق فيها بين زى الرجل والمرأة وقصات شعر واحدة كذلك بين الجنسين .. ويدور الحديث عن جريمة اكتشاف رجل يرتدى حذاء مختلفا وهو ما يستدعى محاكمته ..ثم تتصاعد الأحداث عندما يكتشف أحد الرجال ميله العاطفى تجاه مواطنة معينة .. وتأخذهما الدهشة من المشاعر التى تتولد فى قلبيهما فلماذا أحبها هى بالذات وكل النساء متشابهات !! ولماذا اختارته هو بالتحديد وليس لديه اى شخصية مختلفة او رأى ما يمكن ان يكون قد جذبها اليه!! ..

ويتعارفان أكثر لاكتشاف اسباب ذلك الشعور الغريب, لعب دور الرجل محمد على حزين والفتاة دعاء حمزة ونكتشف من حوارهما أنه يعمل فى وزارة الحقيقة ودوره إعدام اوراق معينة لإخفاء الحقيقة بينما هى تعمل فى محطة تغذية عقل اليكترونى بافكار ومواقف قصصية من أجل ان يقوم العقل الإليكترونى بتأليف الروايات فى مجتمع يخلو تماما من المبدعين ويحارب الإبداع باعتباره نوعا من الاختلاف .. و تحلم الفتاة بارتداء ملابس ملونة تظهر أنوثتها بينما يتمنى الشاب تغيير الواقع ثم ينضمان الى خلية سرية تهدف الى قلب النظام الرمادى ثم يتضح لهما أن رئيس الخلية التى جندتهما جاسوس يعمل لصالح المجتمع الرمادى فيهربان ويقرران العيش فى وسط بيوت الفقراء هربا من المراقبة لنكتشف فى النهاية أن المجتمع كله يؤدى دور المراقب والرقيب لوأد أى فكرة جديدة أو محاولة للتخيل والخروج عن المألوف .. وقد وضعت المخرجة فى مقدمة المسرح شاشة تجسم عمق المسرح ربما لتؤكد لنا اننا نشاهد صورة مكررة من أنفسنا وأننا جميعا ذلك الرمادى الباهت ولكن بإرادتنا ..

تألق من فريق التمثيل انجى جلال ودعاء شوقى و«سهام بنت سنية وعبدالسلام» ومحمد عبد المعز وميسون محفوظ وجمعة محمد وحسن عزام وعزت زين وعبد الرحمن ناصر ومحمود سليم والطفلين سما وباسل محمد على .. والعرض رغم صعوبته وميله الزائد الى الترميز والتجريب الا أنه من العروض الناجحة التى تحسب للمخرجة المتميزة عبير على .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق