رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بريد الاهرام
اشراف : احمد البرى
صنّاع «العاهات» !

تتعرض منشآتنا للحرائق، ومرافقنا للهدم والتخريب المتعمد، وقد ارتفعت الأسعار، وزادت الصعوبات فى شتى نواحى الحياة،

بما لا يعوضها إلا العمل الشاق، والجهد المتواصل من كل فرد، لكن النوم ازداد، وتفشى الكسل، والتواكل، والارتكان إلى السهولة، وامتلأت الشوارع والأزقة والحارات، ومداخل المساجد ومخارجها، وحول الكنائس، بأعداد غير مقبولة، وغير مسبوقة من المتسولين لم تشهدها البلاد من قبل، لا بدافع العوز والجوع، بل بدافع الطمع والجشع، والاستسهال والتراخي، والخلود إلى النوم، وسادت سلوكيات التسول، فامتدت إلى عمال النظافة و«جرسرنات» المطاعم والفنادق، والوسائل السياحية، فهرب مرتادو هذه الأماكن بسبب ابتزاز أموالهم بالبقشيش، والإكراميات، وليس صعبا على أى مصرى أن يجد قوت يومه بلا عمل ودون تسول فى حالات كثيرة ومن أمثلة ذلك: (موائد الرحمن فى رمضان، وعطايا الجيران فى أفراحهم ومناسباتهم، وأضاحى عيد الأضحي).

ومن اللافت للنظر، ارتفاع أعداد النساء المتسولات بما يفوق بكثير أعداد المتسولين، حيث لا يحتجن لمباشرة التسول إلا النقاب، وتهدج الصوت، وأحيانا طفلة يحملنها لزيادة «الغلة»، فازدادت حوادث خطف الأطفال، أو الاستعانة بتقرير طبى باهت مهترئ عليه أختام لا يمكن قراءتها مطلقا، وقد يجمع التقرير عدة أمراض لا يمكن اجتماعها فى شخص لزوم التسول وزيادة «الفكة»، ولا مانع من كرسى متحرك وعكازين للفت الأنظار ودون حاجة مرضية لاستخدامهما، بالإضافة إلى بعض أنواع أحذية الأقدام المشوهة، وهناك المحال التى توفر كل ما يحتاجون إليه فى مهنتهم، فنذكر على إثر ذلك شخصية صانع العاهات عند «نجيب محفوظ»، وكذلك مغامرات الصحفى «عبدالعاطى حامد» فى سبر أغوار هذه التجمعات ومعرفة تفاصيلها لمكافحتها.

وهؤلاء المتسولون يحترفون حرفة بالنهار، ينكرونها بالليل، حيث يغشون المقاهى وقعدات الشيشة بالبانجو أو الحشيش، ويتسامرون حول من عليه الدور فى بعثات التسول وهم أهل حظ وأنس وفرفشة، فالأموال تأتى بوفرة فى أثناء النهار، وتنفق ببذخ فى الليل وسهراته.

ويعرف المتسولون بأنهم ليلا أهل التفكه والبهجة، وبالنهار بأهل الفكة ويفوقون خزائن البنوك بأنواعها.

وقد كافحت الدولة التسول بقانون «أوهي» من قانون منع التدخين، وأقصد به القانون رقم 49 لسنة 1933، الذى يقضى بشهرين حبسا على الأكثر عند توافر أركان جريمة التسول، وهو قانون يغرى بالتسول، وقد أضيف عدد من المواد إلى قانون الطفل تتعلق بالتسول، وكذلك قانون سرقة الأعضاء.

وفى التاريخ، منع «محمد على باشا» التسول بمجهود حقيقي، إذ جمع المتسولين وحصر أعدادهم، وألحق الكثيرين منهم بالمصانع واشترط على أصحابها تعليم هؤلاء الحرف، وألحق الكثيرين بالجيش فأظهروا شجاعة وبطولات نادرة!! حتى الكسالى من المتسولين عينهم فى مجال الحراسة.

لقد عالج محمد على باشا المتسول المضطر، وعاقب المتسول المزيف، والمتسول باسم الدين!! وذكر ذلك «كلوت بك» طبيب محمد على فى مذكراته فى كتاب «تاريخ مصر والعالم»، وظلت الحال كذلك طوال حكم محمد علـى وابنه إبراهيم، ثم تلاشت المراقبة فى عصر عباس الأول.. ولدينا الآن مئات من الأبحاث والدراسات لمعالجة هذه الظاهرة من عدة مدارس ومراكز متخصصة، خاصة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ويجب أن نستفيد منها حتى لا نزداد نوما وتكاسلا وقعودا عن العمل، والارتزاق من غير عمل أيادينا.

د. محمود أبوالنصر جادالله

مستشفى دسوق

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق