رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

طريق شينجن مسدود أمام الأناضول

انقرة: سيد عبدالمجيد
عقد قران سمية اردوغان
رغم خصوصية عقد قران سمية اردوغان الابنة الكبري للرئيس التركي ، إلا أن الأجواء التي أحيطت به أخرجته من دائرته الضيقة التي كان يفترض أن تكون عليه ، إلى أخرى عامة وأن أتسمت بجغرافيا عقائدية من ذات ديانة المضيف، وقد ضمت الصورة التي قدر لها أن تكون رسمية

ضمت ، بجانب العروسين وأهليهما والمقربين من رجالات الدولة الحاليين والسابقين، شخوصا صديقة وحميمية أختيرت بعناية لخلفيتها الدينية المحافظة ترافقهم زوجاتهم غير السافرات أسوة بالنساء التركيات الحاضرات ، وهؤلاء جميعا ليسوا ابدا غرباء.

وطالما الأمر كذلك فقد خلت اللقطة التذكارية من أجانب غربيين ، لتعكس بجلاء وبشكل رمزي أن تركيا الجديدة المأمولة والمبتغاة أردوغانيا، وهي التي تقترب من مئوية تأسيسها بعد سبعة أعوام ، لا مكان فيها للغرب واهلا بالشرق ، مقارنة بزفاف الأبن بلال قبل ما يزيد على عقد من الزمان ، وكان نجمه آنذاك رئيس الحكومة الايطالية الاسبق سيلفيو بيرلسكوني الذي اراد ان يقبل يد العروس كتقليد أوروبي ولكنها ابت خجولة قائلة أنه في عمر جدها والأجدر أن تقبل هي يده وليس العكس.

ليس هذا المشهد هو اللافت فقط ، فإنطلاقا من ذات الأرضية الإرتدادية ، ثمة أوضاع غرائبية مذهلة تعيشها وريثة الإمبراطورية العثمانية التي هي في طريقها لتصبح رجل أسيا المريض وليس أوروبا والفضل يعود لحاكمها ، وهو الآن الأوحد نظريا وعمليا بعد أن عزل سلطويا رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو ، ضاربا بملايين الاصوات التي حصل عليها الأخير في انتخابات نوفمبر الماضي عرض الحائط.

فلا احد يفهم ماذا يريده هذا الباديشاه القابع في قصره الابيض المنيف ، المثير للجدل خارجيا قبل داخليا ، الذي شيد بالمخالفة للتشريعات السارية بالبلاد رافضا الأمتثال للأحكام القضائية التي هي عنوان الحقيقة ، لكنه سيزجر الآخرين من منتقديه أهل الفرنجة ويعنفهم لأنهم يتدخلون في شئون جمهوريته دون مراعاة أنها دولة قانون ، الطريف أن مستمعيه بمن فيهم المنافقون ، أحيانا لا يتمالكون أنفسهم من الضحك بيد أنهم سرعان ما يطلقون من خلف الأبواب القهقهات الساخرة لعلمهم أنه أول من داس عليها ولازال .

أذن هي علاقات مضطربة ومتناقضه مع الغرب إجمالا ، فهو لا يكف في أحاديثه العلنية عن توجيه الإنتقادات الحادة والقاسية له لعنصريته وريائه وإزدواجيته المعيبة وتلذذه بقتل الفقراء المسلمين من أبناء ميانمار وأخيرا غض الطرف عن اعدام " مطيع الرحمن نظامي" ، زعيم الجماعة الإسلامية في بنجلاديش ، " فلو أن هذا الحادث وقع في الدول الغربية لأقاموا الدنيا ، لكن لأن المعدوم هنا زعيم مسلم لم ينبسوا ببنت شفة " ياله من عار ، أما "الذين ينتقدون تركيا يومياً بسبب صدور أحكام قضاء، أو ما تقوم به من علميات أمنية ضد الإرهاب، يتجاهلون ويصمون السمع عن تنفيذ حكم الإعدام الأخير في دكا "، واصفاً ذلك بـ"غياب الضمير وعدم الإنصاف والنفاق" .

ولكنه في ذات الوقت يرسل أبناءه ينعمون بعلوم الغرب، ولا بأس من إستثمار الملايين فيه ، تلك تحديدا أمريكا غير العادلة من وجهة نظره ، رغم إدراكه أنه بدونها لما خطا الاناضول عتبة حلف الناتو قبل 64 عاما، وحينما كشر هو نفسه عن انيابه مؤخرا وشمر ساعديه ضد روسيا الاتحادية عقب اسقاط المقاتلة ساخوي الخريف الفائت ، لم يكن ليفعل ذلك سوى لإدراكه ان الحلف سيقف خلفه مؤازرا وهو ما حدث .

كذلك تناسي كم تودد لها بعيدا عن الكاميرات ، وبذل معاونوه جهودا مضنية واتصالات مع الاصدقاء وذهاب وزيره للخارجية " مولود تشاويش أوغلو " للعاصمة الأمريكية ولقاؤه بجون كيري كي يتم ترتيب لقاء بينه وبين الرئيس بارك أوباما وهو ماتم بشق الانفس على هامش القمة النووية التي عقدت في واشنطن نهاية مارس وأول إبريل الماضيين.وأمام العدسات يعود لسيرته التي لا يملها منددا بالامم المتحدة ومجلس أمنها وأعضائه الخمس الدائمين المسيحيين لا يوجد بينهم صوت إسلامي واحد ويبدو أنه نسي الصين لا علاقة لها بالدين .

وهكذا وبعد أن كانت الدبلوماسية التركية منذ تدشين الجمهورية 1923، تولي جل إهتمامها للغرب الأمريكي ولاحقا القارة العجوز، مرتكزة على قيم الحضارة الغربية، صار خطابها مفهما بالمفاهيم الدينية، آخذا منحي طائفيا بامتياز. ظهر ذلك جليا في توجهاتها نحو أوروبا خصوصا في السنة الأخيرة، وعلي خلفية ازمة اللاجئين السوريين اصبحت تنال القسط الاكبر من نعوته التي وصفت بأنها مخجلة، في حين أن ابنه بلال اتخذ من ايطاليا مكانا لنيل الدكتوراه هذا عن الظاهر أما ماوراء ذلك وهو أن يكون مبتعدا عن لغط الفساد الذي يلاحقه ولازال.

وفجأة ينقلب من الكراهية الشديدة إلى الولهه الجامح والمتيم عشقا فعلي سبيل المثال لا الحصر خاطب اردوغان مئات من مناصريه مشددا على أن انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي خيار ااستراتيجي ، وتغافل انه في اليوم السابق صرخ موجها جم غضبه للأوروبيين زاعقا فيهم " أبقوا في طريقتكم ونحن سائرون في طريقنا " ، رافضا إجراء أي تعديل في تشريعات بلاده الخاصة بمكافحة الإرهاب . وهذا هو بيت القصيد.

فالاوروبيون يرونها عن حق فضفاضة والدليل على ذلك إنها تأخذ في نصوصها الغامضة والتي تؤول لعشرات التفسيرات، المطالبين بحرية التعبير بالصحافة والإعلام والمنتقدين لقمع حزب العدالة والتنمية الحاكم.وكان آخر ضحاياها رئيس تحرير صحيفة جمهوريت جان أوندر وزميله بذات الصحيفة اردم جول وكان الرد الاوروبي حادا هو الآخر وعنوانه لا للابتزاز ولا لشينجن طالما اصرت أنقرة على تعنتها فهي الخاسرة لا جدال في ذلك

ولأنه عازم على المضي قدما في وأد معارضيه، وحتى يقطع النقاش خرج المتحدث باسم الحزب ، بقوله إستحالة تحقيق مطلب المفوضية، وليكن طلاق بلاده من أوروبا " بائنا" .

ولكن ماذا عن مواطنيه الذين تنفسوا الصعداء ، بعد أن لاح الأمل أمامهم في التنقل بحرية نسبية بمنطقة شينجن ؟ هنا عزا إعلامه وأبواقه إلى أن الأوروبين" اللاأخلاقيين "هم السبب وذهب هو شخصيا يلعب على وتر مجتمعه على أمل تحريك مشاعرهم وتقاليدهم ومعتنقاتهم الإسلامية مخاطبا فيهم يهتمون بالمثليين والحيوان أكثر من البشر .

فهل مواطنوه فعلا سيبلعون الطعم ويلعنون الغرب والاتحاد الاوروبي ؟

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق