أنا فتاة فى الثالثة والثلاثين من عمري، ومن أسرة متدينة، وأنتمى لأبوين متعلمين، وترتيبى الأخيرة بين إخوتي، وقد تخرجت فى الجامعة منذ ثلاثة عشر عاما، وبدأت البحث عن فرصة عمل مناسبة، والتحقت بالعديد من الدورات التدريبية، ثم عملت بالقطاع الخاص، واكتسبت خبرات جيدة فى العمل، وأيضا فى التعامل مع الآخرين،
والمدهش أننى لم ألفت نظر أحد من الشباب طول عمري، فلم يحاول شاب ولو مرة واحدة أن يقترب منى أو يحدثنى فى أمر ما، سواء كان مناسبا لى أو غير مناسب، ولم يطرق بابى خاطب، ولم أجد لحالتى مثيلا، فحتى فى الأعمال الفنية، ومنها مسلسل «نعم مازلت آنسة» للفنانة إلهام شاهين هناك عرسان يتقدمون للفتيات، إلا أنا!
وفكرت كثيرا فى أمري، ولم أجد سببا لذلك، فلقد أنعم الله علىّ بصفات حميدة منها الانتظام فى الصلاة، ومقبولة الشكل لدرجة أننى أبدو أصغر كثيرا من سني، وأتمتع بأخلاق حميدة يشهد بها الجميع، وخطر ببالى أن أغير وضعي، وأن أبحث لنفسى عن سبيل جديد لحياة مختلفة، فسافرت إلى إحدى الدول العربية، وعملت مدرسة لمدة عامين، والغريب أن كل من عملن معى من المدرسات قد تزوجن، ونحن فى الخارج، وشعرت بالخجل من صديقاتي، فالعمر يمر سريعا، وأنا فى نفس حالي، ثم انتهى عقدي، وعدت إلى مصر، وبقيت الحال على ما هى عليه، وكثرت أسئلة الناس عن سبب عدم زواجي، وظن الكثيرون أننى أرفض من يتقدمون لي، وهذا غير صحيح، فأنا قنوعة إلى أقصى الحدود ولا أطلب شيئا مستحيلا، أو قل إننى لا أريد سوى إنسان جاد يتحمل المسئولية.
إننى أعرف جيدا أن المال والزواج والأولاد رزق من الله، لكن مجرد عدم تقدم أى شخص لي، أو حتى إعجابه بي، يزيدنى عدم ثقتى فى نفسي، وحيرة ودهشة من أمري، وأشعر بأنى أعانى مشكلة غير ملموسة لى قد يكون للسحر دور فيها، وإننى أقرأ القرآن بانتظام، وأواظب على الدعاء بأن يسهل الله أمري، ودائما أردد قول الله تعالى فى سورة يس: «إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون»، وفى سورة البقرة: «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم».. وأتمنى أن تهدأ نفسى وتستقر حالي.. فبماذا تشير عليّ؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
قد يكون عدم زواجك فيه خير لك، فلو اطلع الإنسان على الغيب لاختار الواقع، وأتذكر قول الشاعر:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلى الله بعض القوم بالنعم
فمن أدراك أنك لو تزوجت، وصار لك زوج وأبناء، كنت سترتاحين؟.. فقد يكونون سببا للشقاء، حيث يقول تعالي: «فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا»، فكل ميسر لما خلق له.. وأرجو أن تضعى الأمور فى موضعها الصحيح، وتعيشى حياتك كما هي، فلديك جوانب إيجابية كثيرة فى كل شيء، لديك المال والصحة والستر، والقرب من الله، والعلاقات الطيبة مع الآخرين، وفوق كل ذلك سيأتيك نصيبك العادل بالزواج حين يأذن الله، وكم من سيدات تزوجن بعد أن تجاوزن سن الأربعين، وأحيانا الخمسين، وعشن حياة سعيدة وهنيئة.
ولا تدعى الوساوس تدخل فى قلبك، وتتخيلى أن عدم زواجك تقف وراءه أعمال سحر وشعوذة، وثقى فى الله.. وكلى يقين بأن الفرج سوف يأتيك قريبا بإذنه تعالي.
رابط دائم: