رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

44 مليون مسلم أوروبى أمام تحديات الأصولية والإسلاموفوبيا

رسالة لندن: منال لطفى
صديق خان و نجاة بلقاسم
أثار انتخاب صديق خان كأول عمدة مسلم للندن، مركز أوروبا المالى والسياسي، ردود أفعال واسعة فى أوروبا. فأنتخابه كان ضد تيار الاسلاموفوبيا الذى يجتاح أوروبا حاليا ويسهم فى سلسلة أنتصارات للأحزاب اليمينية المحافظة فى الأنتخابات البرلمانية والمحلية فى العديد من دول القارة خلال الأشهر الأخيرة.

فتح فوز خان، خاصة فى المانيا وبريطانيا وفرنسا، حيث توجد أكبر نسبة للمواطنين المسلمين داخل الأتحاد الأوروبي، النقاش حول الاسلاموفوبيا والتطرف والراديكالية والاندماج وتمثيل المسلمين سياسيا فى أوروبا، وكيف تكون نماذج مثل صديق خان هى النموذج لمسلمى أوروبا، خاصة الشباب، بدلا من صلاح عبد السلام مخطط هجمات باريس، البلجيكى من أصل مغربي. هذا النقاش كان حتميا. فالاسلام اليوم ثانى أكبر ديانة فى أوروبا، وأسرع الديانات انتشارا.

وليست هناك أرقام دقيقة حول أجمالى عدد المسلمين الذين يعيشون فى اوروبا، ليس فقط بسبب دخول مئات الآلاف فى الأعوام القليلة الماضية من سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان والبوسنة والصومال كلاجئين ومهاجرين بدون أن يتم تسجيلهم بالضرورة، بل والأهم بسبب عدم تسجيل “الديانة” كجزء من البيانات الأساسية عن المواطنين الذين يعيشون فى أوروبا. فمكتب الإحصاءات الرسمية للأتحاد الأوروبى (يوروستات) لا يجمع بيانات ديمجرافية حول الانتماءات الدينية تماشيا مع قوانين أغلب الدول الأوروبية التى ترفض جمع إحصاءات حول الديانة.

وبالتالى فإن أرقام أعداد المسلمين فى أوروبا هى “تقديرات” تقوم على البيانات المتاحة من مكاتب الإحصاءات الوطنية والمنظمات غير الحكومية والتقديرات التى نشرت خلال السنوات الخمس الماضية. وبحسب هذه التقديرات يبلغ عدد مسلمى أوروبا اليوم نحو 44 مليون نسمة (أى 6% من الأوروبيين). ومن المتوقع أن يرتفع عددهم إلى 71 مليون نسمة بحلول عام 2050 ليبلغ نحو 10% من السكان.

والاسلام فى أوروبا متعدد ومتنوع عرقيا وطائفيا ولغويا وثقافيا وطبقيا. والحديث عن تمثيل المسلمين سياسيا لا يأتى فقط من كون 6% من المواطنين مسلمين، ولكن لأن الاسلام بات فى قلب النقاش السياسى فى أوروبا بدءا من الهجرة والإرهاب والتطرف الأصولى والعنف والتعايش والإندماج والحجاب، إلى عضوية تركيا فى الاتحاد الأوروبي.

وهناك 4 حقائق أساسية حول المسلمين فى أوروبا.

أولا: المانيا وفرنسا وبريطانيا تضم أكبر نسبة من المسلمين وسط سكانهم. ففى المانيا يوجد نحو 4.8 مليون مسلم المانى (يشكلون 6% من عدد السكان). وفى فرنسا يوجد نحو 4.7 مليون مسلم فرنسى (يشكلون 7.5% من عدد السكان)، وفى بريطانيا يوجد نحو 3 ملايين مسلم بريطانى (يشكلون نحو 4.5% من عدد السكان). أما من خارج الاتحاد الأوروبي، فإن روسيا بها أكبر نسبة من المسلمين، إذ يبلغ عددهم نحو 14 مليون شخص (ما يقرب من 10% من السكان).

ثانيا: هناك تزايد مطرد فى أعداد المسلمين فى أوروبا. فخلال العقود الماضية كانت أعداد المسلمين تتزايد بمعدل 1% كل عشر سنوات. فقد أرتفعت من 4% عام 1990، إلى 6% عام 2010، ومن المتوقع أن يشكل المسلمون 8% من سكان أوروبا بحلول عام 2030.

ثالثا: المسلمون يشكلون شرائح عمرية صغيرة السن وسط سكان أوروبا كبار السن. ففى عام 2010 كان متوسط أعمار السكان المسلمين فى أوروبا 32 عاما، بينما كان متوسط أعمار الأوروبيين 40 عاما.

رابعا: الآراء حول المسلمين تتنوع وتتباين داخل أوروبا. ففى استطلاع للرأى أجراه مركز “بيو” العالمى لقياس الرأى عام 2015، كانت غالبية من تم استطلاع آرائهم فى فرنسا وبريطانيا والمانيا لديهم وجهات نظر أيجابية بشأن المسلمين. على النقيض من ايطاليا وبولندا مثلا حيث كانت اغلب الأراء سلبية.

ووجد الاستطلاع علاقة أرتباطية بين الأنتماء السياسى والأيديولوجى للشخص وبين رأيه فى المسلمين. فبينما عبر 36% من الألمان، الذين قالوا إنهم يميلون لأحزاب يمينية، عن أراء سلبية تجاه المسلمين، أنخفضت هذه النسبة إلى 15% وسط الالمان الذين قالوا إنهم يميلون لأحزاب يسارية. والعلاقة الأرتباطية نفسها بين العداء للمسلمين والانتماء للأحزاب اليمينية وجدت فى بريطانيا وفرنسا وأيطاليا.

لكن وبرغم التزايد المطرد فى أعداد المسلمين فى أوروبا، تظل نسبة تمثيلهم السياسى ضعيفة.

ففى بريطانيا مثلا هناك مئات المسلمين المنتخبين فى المجالس المحلية. وهناك وزراء مسلمون أبرزهم ساجد جاويد، والده ايضا سائق اتوبيس باكستاني، ويشغل حاليا وزير الأعمال فى حكومة المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون. أما فى مجلس العموم البريطاني، فهناك 13 نائبا مسلما من أصل 650 نائبا فى المجلس، 9 بينهم نواب عن «حزب العمال»، و3 نواب عن «حزب المحافظين»، ونائب واحدا عن «الحزب القومى الأسكتلندي». وثمانية من بين الـ13 نائبا مسلما فى مجلس العموم البريطانى نساء. أى أن نسبة تمثيل المسلمين فى البرلمان تبلغ 2% فقط، بينما نسبتهم وسط السكان 4%. (هناك نحو 3 ملايين مسلم فى بريطانيا، بينهم نحو مليون فى لندن وحدها).

أما فى باقى أوروبا، فهناك سياسيون مسلمون، لكنهم نادرون. فعمدة روتردام أحمد أبو طالب من “حزب العمال” الهولندي، مسلم من أصول مغربية ويرشحه البعض لتولى منصب رئيس الوزراء مستقبلا.

وهناك جيم اوزدمير، وهو سياسى المانى مسلم من أصل تركي، أصبح رئيس حزب الخضر الألمانى منذ 2009.

ونجاة بالقاسم، وهى سياسية فرنسية مسلمة من أصول مغربية أصبحت وزيرة للتعليم والبحث عام 2014. لكن بالمقابل، هناك نائب واحد مسلم فى البرلمان الفرنسى المكون من 577 نائبا.

أما فى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فبين نحو 8 آلاف نائب فى البرلمان الأوروبي، يوجد ما بين 70 و100 نائب مسلم أو من خلفية عائلية مسلمة. (التباين بين 70 و100 يعود إلى أن الكثيرين يرفضون الكشف عن ميولهم الدينية. كما أن الكثيرين يعتبرون الدين جزءا من الهوية والميراث العائلى لا علاقة له بالسياسة).

هناك إذن تمثيل للمسلمين، وان كان منخفضا ويسير ببطء، فى الأحزاب السياسية والبرلمانات والمجالس المحلية والبرلمان الاوروبي. فما هى مشاكل تمثيل المسلمين سياسيا فى أوروبا؟

هناك معضلة هيكلية تؤثر سلبيا على تمثيلهم السياسى وهى فى طريقها للتفاقم وليس للحل. فالمهاجرون المسلمون الذين هاجروا إلى أوروبا، سواء مسلمى جنوب أسيا الذين هاجروا إلى بريطانيا، أو أبناء المغرب العربى وأفريقيا الذين هاجروا إلى فرنسا، هاجروا وسط المد الاستعمارى الأوروبى للعالم، وجاءوا مع أسر فقيرة وعاشوا حياة صعبة جدا،والأجيال الأولى منهم تعرضت لاضطهاد وعنصرية.

وفى العقود الخمسة الأخيرة عندما بدأ أبناء هؤلاء المهاجرين ينضمون للأحزاب كان الخيار الطبيعى هو الانضمام للأحزاب الاشتراكية واليسارية فى أوروبا ببرامجها التقدمية وأنفتاحها على الأقليات. لكن هذه الأحزاب لم تعد تفوز فى الانتخابات فى اوروبا منذ صعود اليمين الأوروبى فى سبعينيات القرن الماضى وتعاظم نفوذه فى السنوات الأخيرة. وقد ساهم هذا فى ضعف تمثيل المسلمين فى الحياة السياسية الأوروبية فى السنوات الأخيرة. بعبارة أخرى كلما ضعفت الأحزاب اليسارية والأشتراكية الديمقراطية ضعف تمثيل المسلمين سياسيا فى أوروبا.

أما السبب الأخر، فهو أن الكثير من مسلمى أوروبا يعيشون حرفيا فى «جيتوهات» والتفاعلات بينهم وبين باقى أطياف المجتمع محدودة وضيقة جدا، مما يجعل الهوية الأسلامية تلعب الدور الوحيد والأساسى فى علاقتهم بالعالم من حولهم، وهذا يعوق قدرتهم على تمثيل مجتمعاتهم على تعددها وتنوعها وثرائها. انتخاب صديق خان لن يغير الصورة عن الاسلام فى أوروبا فهو لم يخض الانتخابات بوصفه مسلما، ولم ينتخب لأنه مسلم، بل لأن لديه أفكارا وخططا للندن أعتبرها أغلب اللندنيين أفضل من خطط وأفكار غريمة زاك جولدسميث. فهل يعبر خان عن كل المسلمين فى بريطانيا؟ بالتأكيد لا. فهناك مسلمون يرون أنه ليبرالى أكثر من اللازم ويختلفون معه فى الكثير من القضايا.

لكن هل يعبر عن لندن؟ بالتأكيد نعم. ففي مدينة بهذا التنوع والتعدد، كان لابد أن يمثلها أحد أبنائها من الأقليات العرقية والدينية. فاليوم بات البريطانيون البيض أقلية في لندن، إذ يشكلون 44% من سكان العاصمة، بينما 56% من السكان هم من الأقليات وعلى رأسهم البريطانيون من الأصول الآسيوية والكاريبية والأفريقية والشرق أوسطية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 2
    se
    2016/05/18 15:42
    0-
    1+

    Ya
    ممكن نستنتج ان المسلمين فى اوروبا يعيشو حياه افضل من ايتها مسلم فى الدوله الام , وبالذات المسلمين الذى نضجو فى منازل ليس لها فكر متتحيز.Ideology معظم المسلمين فى الدول الاسلاميه يعيشو فى الماضى ويعتمدوعلى الغرب تمامأ للاستمرار فى الحياه . وحكام الدول الاسلاميه يعتمدو على الغرب فى استخراج البترول والمواد الخام وانتاج الكهرباء والمواصلات وتحليل المجارى والاكل والشرب حتى اظن ان تلك الحكام يعمللو لحساب الغرب,ويعتبرو الشراء من الغرب انجاز.شئ مٌحزن.
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    عبد السميع
    2016/05/18 13:15
    0-
    2+

    الأرقام
    أولا روسيا ليست جزءا من أوروبا وعدد المسلمين في «أوروبا» حوالي ١٧ ـ ١٩ مليون.
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق