نعم عادات الشعب المصرى وتقاليده فى الاحتفال بالمواسم المختلفة قد تكون خاطئة.. ولكن الشوق والحنين إلى تناول المأكولات المختلفة عن المألوف اليومى تجعلنا نتجه إليها (راغبين لا مجبرين).. لذا نجد أعدادا كبيرة من طوائف وطبقات الشعب المختلفة تتدفق وتخرج لأكل الفسيخ والرنجة.. إنه يوم شم الفسيخ!!
يقول د. السيد حماد زميل التغذية الإكيلينكية بمعهد التغذية إن الأسماك عموما لها فوائد عديدة، فهى تحوى عناصر غذائية مهمة ولكنه يحذر من كثرة تناول الأسماك المملحة والمدخنة وذلك لاحتوائها على كميات عالية من الصوديوم “ملح الطعام” الذى يؤثر على مستوى ضغط الدم ومعدل احتباس الماء داخل الجسم، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الميكروبات فى مثل تلك الأسماك بسبب عدم اتباع الطرق الصحية لدى بعض الباعة، حيث عدم الإعداد الجيد والتخزين غير السليم وطرق تداولها غير الصحية. كما يحذر من خطر تعرض “الرنجة” للأتربة والذباب وعوادم السيارات التى تقلل من قيمتها الغذائية وتجعلها مصدرا خطرا على صحة الإنسان، مما قد يؤدى إلى الإصابة بالأورام السرطانية، وقد تعرض السيدات الحوامل إلى خطر الإجهاض بسبب التعرض للمعادن الثقيلة الموجودة بالملوثات الخارجية، علاوة على التسمم الغذائى ومشاكل الجهاز الهضمى وخطر الإسهال والقىء.
وينصح د. سيد بالشراء من المحال الموثوق بها، حيث النظافة وعرضها بالثلاجات مهم جدا وبأن تكون الأسماك بحالة جيدة وتعرف من الأنسجة المتماسكة غير المتهرئة ـ “مهرية” أو تالفة ـ أو بها رائحة منفرة، وعين السمكة غائرة
كما ينصح بالاعتدال وعدم الإكثار من تناولها، ويجب عند الشراء أيضا مراعاة الانتقاء للأنواع قليلة الملح، وأن يتم تعريضها لدرجات حرارة عالية قبل تناولها وإضافة الليمون والخضراوات الورقية الطازجة مثل الجرجير والبصل الأخضر، وكذلك إضافة الخل إليها أثناء الإعداد أو لتقديمها للأكل.
ويشير إلى طريقة الحفظ بعد الشراء داخل ثلاجة ويتم تغليفها جيدا بالأكياس البلاستيك الشفافة على ألا تزيد المدة عن أسبوع على الأكثر أو وضعها بالفريزر لدرجة التجميد ولمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر فقط، ولكنه ينصح بالتناول بعد الشراء مباشرة.
الأسعار نار والإقبال مستمر
يقول فرج الهلوتى أحد أصحاب محال بيع الأسماك المملحة: إن هذا المحل منذ عام 1958م وقد ورثه عن أبيه وهو يعمل به منذ 42 سنة.. الأسعار اليوم 30 جنيها كيلو الرنجة و90 جنيها أو 95 جنيها للفسيخ، وتلك الزيادة للفسيخ خفيف الملح أو كبير الحجم. ويضيف أنه لا يوجد زيادة فى الأسعار ولكن أسعار فسيخ البورى (البورلوس) قد زادت من 8 ـ 10 جنيهات، أما سردين الرشيد فقد زاد بارتفاع بسيط جدا 2 ـ 3 جنيهات، أما الملوحة فالكيلو 80 جنيها، والسردين 30جنيها، أما التى بها بطارخ الكيلو 35 جنيها.
ويشير الحاج فرج إلى أن الإقبال على الشراء يكون فى أيام عيد الفطر وعيد شم النسيم، وقبل تلك المواسم يقوم بالتجهيز وغسيل البرميل “الخشب” جيدا ويضيف الملح الرشيدى المعتمد من وزارة الصحة.
ويؤكد أن إعداد الفسيخ يكون قبلها بـ 21 يوما فى الشتاء أما فى الصيف 18 يوما.. حيث يحضر السمك الطازج من منطقة رشيد ثم يغسله جيدا وينزع منه الخياشيم ويتركه يصفى من الماء، ثم يضع طبقة ملح وطبقة سمك، ويؤكد على أن البرميل يكون من الخشب لأنه صحى وليس به أى صدأ، ثم يحكم جيدا بالغطاء بالقماش وأكياس النايلون، وبعد أن تنقضى مدة التمليح بشطف السردين أو الفسيخ بماء نظيف ثم يضعه فى إناء استنلس ويجهزه للبيع.
ويؤكد أن مواسم البيع ترتفع فيها الأسعار، ولكن هامش الربح فى الموسم هو نفسه فى الأيام العادية، والزيادة تأتى من أسعار تجار الجملة “بتوع” السمك.
ولكن الفرق أن موسم البيع يكون هناك نسبة إقبال على الشراء لأسباب منها أن بعض الناس يهادون بعضهم بعضا، ويشكو أن بعض المواسم تأتى فى أيام صيام مثل شهر رمضان أو أيام امتحانات مدارس فيكون البيع فيه قليلا، أما موسم الإجازات فيكون البيع ثلاثة أضعاف.
وينصح بالشراء من أماكن معروفة وذات خبرة ويتم التفتيش عليها والرقابة من وزارة الصحة بصفة دورية.
وفى محل بيع الفسيخ التقينا بالحاجة شوقية عبده ربة منزل عمرها 70 سنة تقول: آكل الفسيخ أكل سنة ولكن قبل 7 ـ أو 8 سنوات كنت أشترى منه كل شهر أو شهرين، كانت صحتى أفضل من هذه الأيام، واليوم لا اقترب من تناول الأطعمة المملحة حيث أقوم فى الصباح بتناول قرص دواء الضغط قبل الإفطار، أما اليوم فاشترى الرنجة ذات الملح القليل لأطفئ الشوق الى تناوله فقط.
تقول الحاجة شروق عادل 50 سنة إنها تأكل الرنجة أكثر من الفسيخ وتحبها جدا وتشترى منها كثيرا حيث تقوم بإعدادها كوجبة بالطماطم والبصل بدلا من السمك وذلك لأن زوحى يحب السمك بأنواعه، وتشير الى أنها تأكل الرنجة رغم أنها مريضة بالضغط ومسألة الصحة سبتها لله، فهى مثل كثير من الناس لا تستطيع مقاومة تلك المأكولات مثل الفسيخ والرنجة وخصوصا فى أيام عيد الفطر وأيام شم النسيم.
رابط دائم: